أصدرت مبادرة “سكس توك” عريضة للتنديد بالتضييق الحاصل ضد النساء وأفراد مجتمع الميم عبر موقع “فيسبوك”، ومنصات التواصل عمومًا. وذلك على خلفية إغلاق صفحات وإصدار تحذيرات للفاعلين على مواقع التواصل في هذا الشأن.

وقالت المبادرة في العريضة التي جاءت بعنوان “لننهي القمع ضد النساء وأفراد مجتمع الميم في الفضاء الإلكتروني”، إنها توفِّر محتوى تعليميًا علميًا حول الصحة والحقوق الجنسية والتربية الجنسية للنساء الناطقات باللغة العربية، وتستخدم الرسوم التوضيحية لمساعدة المحتوى الخاص بها.

ملاحقة بدون سبب

ورغم ذلك، تضيف المبادرة أنها تعرضت لعمليات تضييق من قبل القائمين على منصات التواصل، فقد تعطّل حساب المبادرة “ذا سكس توك بالعربي” على موقع انستجرام يوم 10 أبريل الماضي، من دون أي تحذير أو إشارة مسبقه إلى أنهم ربما يكونوا قد انتهكوا معايير المجتمع.

انطلاقًا من ذلك تعتقد أن المعايير الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي غالبًا ما تكون غير واضحة وذاتية وتمييزية، خاصة ضد النساء والكويربين/ات وغير البيض.

وتلك المنصات تعتبر أداة فعَّالة للأنشطة الحقوقية بل ربما تكون الوحيدة المتاحة لخلق مناقشات حول بعض الأمور العامة الخاصة بحياة الأفراد في العالم العربي والشرق الأوسط.

ثلاث سنوات من التضييق

وأوضحت المبادرة أن “هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها محاولة إسكاتنا، لسبب غير معلوم أو مفهوم”، لافتة إلى أن “السبب الرئيس لبدء منصتهم على إنستجرام من الأساس كان تعسف المنصة الأم (فيسبوك)، وإغلاقهم لمنصتنا -الخاصة والعامة- عدة مرات في سنوات عملنا الثلاث (منذ 2018)”.

وتستطرد المبادرة بأنّ معظم منشوراتها التي تنشر محتوى مرئيًا يتم إزالتها، وحظر العضوات، على الرغم من أنها لا يجب أن تحتوي بالضرورة على “صور عارية”، فضلًا عن أنها مجموعة سرية على “فيس بوك”.

وفي هذا الصدد، استشهدت بواقعة سابقة عندما “عرضت إحدى العضوات صورة لثديها لأنها كانت قلقة من احتمال إصابتها بسرطان الثدي، وكانت قلقة جدًا من الانتظار حتى ترى طبيبًا؛ ولأننا لدينا طبيبات متطوعات في المجموعة كان بإمكانهن مساعدتها ولكن تم حذف الصورة، وتحذير العضوة من أنها سيتم حظرها إذا نشرت مثل هذه الصورة مرة أخرى”.

واستمرارًا لهذه المواقف، تقول المبادرة إنها “لم تأمن من معايير فيس بوك وتعرضت صفحتها  للإغلاق المتكرر في حالة نشر مقالات تعريفية بالميول الجنسية أو غيرها، أو حول حقائق طبية عن غشاء البكارة، وهي من أكثر المفاهيم الخاطئة ضرراً في الشرق الأوسط على حياة الآلاف من النساء والفتيات”.

اضطهاد أفراد مجتمع الميم

ورجحت المبادرة أن يكون هذا القمع متمركزًا حول النساء وأفراد مجتمع الميم المستخدمين/ات لتلك المنصات، مستشهدة في ذلك بما حدث مع  نور إمام مؤسسة منصة “ماذربينج”، وهي واحدة من أكبر المنصات العربية الخاصة بالصحة الإنجابية والتعليم الجنسي باللغة العربية، حيث يتم تقييد حساباتها على فيسبوك وانستجرام وتيك توك بشكل دائم، وتتعرض للتهديد بالإغلاق والحذف بل و”يُنصح” مستخدمين تلك المنصات بالابتعاد عن محتواها لشهور.

وتضرب المبادرة مثالاً آخر للتضيق على أفراد المجتمع والنساء، فهذه الدكتورة ساندرين عطالله، وهي طبيبة مختصة في الصحة الجنسية، تتحدث على منصات التواصل الاجتماعي عن مواضيع هامة من مجال عملها ومن منظور طبي، ومع ذلك يتم حظرها وتهديدها بالحذف أو إغلاق حسابها وإعادة فتحه بشكل مستمر، وغيرها الكثيرات من السيدات الناشطات النسويات المتحدثات العربية، على الرغم من أن المعايير الاجتماعية لهذه المنصات تدعي دعمها للمحتوى التعليمي والعلمي.

واختتمت المبادرة بقولها: “في النهاية أصبحنا نشعر في مجتمع الفضاء الإلكتروني بنفس التهديدات التي يشعرنا بها الشارع الأبوي ذو الذكورة السامة، كأنهم مهددين بثورتنا الجنسية النسوية الكويرية. كمحاولات فاشلة من بقايا نظام أبوي يحتضر لإغلاق أفواهنا النسوية الكويرية”.

معايير مزدوجة

ورغم أن معايير الموقع تنص على أن “فيسبوك لا يسمح بكلام يحض على الكراهية، ولكنه يميز بين الكلام الجاد والفكاهي”، الأمر الذي يبدو غير دقيق خاصة  بعد خروج عدد من الحملات مثل حملة “Change.org”، التي حصدت أكثر من 200 ألف توقيع، تقول إنه تم منع النساء من دخول الموقع وإزالة صفحاتهن بسبب نشر صور كعكات وصور النساء بعد استئصال الثدي.

في حين فشل “فيس بوك” في إصدار بيان علني بأن الاغتصاب والترويج للعنف الجنسي أو العنف ضد المرأة أمر غير مقبول من قبل إدارته، بالإضافة إلى سؤال طرحته “إيف إنسل، ومجلة مارغازين” عام 2011، حول ما إن كان يواجه فيس بوك مشكلة مع النساء؟ وذلك بعد أن فشل الموقع في إزالة الصور المعادية للمرأة والتي بدت وكأنها تمجد كل أنواع العنف ضد المرأة مثل الاغتصاب والعنف المنزل.

تقرير أممي: نصف النساء في 57 دولة يواجهن قيودًا على أجسادهن

وأصدرت الأمم المتحدة تقريرًا يقرّ بأن ما يقرب من نصف النساء في 57 دولة حول العالم يواجهن قيودًا على ما يمكن أن يفعلونه بأجسادهن، مثل ممارسة الجنس أو استخدام وسائل منع الحمل أو طلب الرعاية الصحية.

ويعرض التقرير الذي يحمل عنوان “جسدي هو ملكي”، العنف ضد النساء في الدول المعنية، ويشمل ذلك الاغتصاب، والتعقيم القسري، واختبارات العذرية، وتشويه الأعضاء التناسلية، فضلًا عن القيود المفروضة على النساء وقدرتهن على “اتخاذ قرار بشأن ما يجب أن يفعلنه بأجسادهن دون خوف من العنف أو التدخل بشأن سلامتهن الجسدية”.

انتهاكات بدون مساءلة

ويقول المهتمون بحقوق المرأة إن موقع “فيسبوك” الذي يصدر بين الحين والآخر تعليمات ويفرض سياسات تذكر بأنه لا يوجد مكان على منصته لخطاب الكراهية أو المحتوى الذي يهدد أو يحرض على العنف، لكنه لا يزال مستمرًا في قمع أي صوت يتعلق بالنساء حتى وإن كان منصة توعوية وتعليمة تتعلق بصحة المرأة الجسدية والجنسية.

بحسب منظمة العفو الدولية، فإن العديد من النساء تقول إن العنف والإساءة يزدهران على منصة التواصل الاجتماعي، وغالبًا بدون إخضاع مرتكبيهما للمساءلة. وبدلاً من تعزيز أصوات النساء، فإن هذه التهديدات تقودهن إلى ممارسة الرقابة الذاتية على ما ينشرنه من تعليقات، والحد من تفاعلاتهن على الإنترنت.