ما زال العالم عاجزًا أمام مواجهة فيروس كورونا، رغم إنتاج شركات الأدوية ومراكز العلاج لقاحات عديدة لكنها غير قادر على مواجهة الفيروس بشكل حاسم، إذ إن ملايين الجرعات غير كافية للحماية من الإصابة بالفيروس.

تحدٍ جديد

خلال الأيام القليلة الماضية، أعلنت المراكز الطبية الأمريكية أن فيروس كورونا أصاب نحو 5800 شخص ممن حصلوا بالفعل على لقاح فايزر. ويعدُّ ذلك تحديا جديدا للعالم وخطرا يهدد كافة الخطوات التي جرى اتخاذها من أجل السيطرة على كورونا. وجرى تسمية تلك الظاهرة علميا بـ”العدوى الاختراقية”، ما يعني أن حصولك على اللقاح لا يعني أنك في مأمن من فيروس كورونا.

وفايزر هو أول لقاح من نوعه يُصرح باستخدامه في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو فعال بنسبة 95% في الوقاية من “كوفيد-19”. كما كانت فاعلية اللقاح متشابهة عبر كل المجموعات العمرية، والجنسية، والعرقية، والإثنية، التي خضعت لدراسة الشركة المنتجة.

وحسب بيان المراكز الأمريكية، فإن “غالبية هؤلاء الأشخاص لم يدخلوا المستشفى، وأن هناك 29% منهم يعانون من التهابات بدون أية أعراض، ويوجد 65% من حالات الإصابة بين النساء، وما يزيد قليلا على 40% كانت لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 60 عاما وما فوق، كما تم نقل 7% من هؤلاء الأشخاص إلى المستشفى، وتوفي منهم 74 شخصًا”.

الحديث عن إصابة أفراد حصلوا على اللقاح أكد بالتبعية أن اللقاحات ليست فعّالة بنسبة 100% في الوقاية من العدوى، وهو ما يعد ناقوس خطر يهدد مستقبل اللقاحات.

إصابة سعودية

بالتزامن مع ذلك، أعلن الداعية السعودي عادل الكلباني إصابته بفيروس كورونا على الرغم من حصوله على الجرعة الأولى من اللقاح.

وبدأت السعودية حملة تلقيح مواطنيها في ديمسبر الماضي، إذ تعتمد بشكل رسمي على لقاح لقاح أكسفورد-أسترازينيكا.

وسبق أن أكدت المملكة أن جميع  اللقاحات المستخدمة في أراضيها ضد وباء كورونا “آمنة وفعالة”، رافضة التشكيك في تسبب أسترازينيكا في بعض المضاعفات.

إسرائيل تلحق بأمريكا

كانت إسرائيل تتباهي بسرعة حصولها على لقاح فايزر لمواجهة فيروس كورونا، إلا أن التجربة أثبتت أن في العجلة الندامة.

وكشفت صحيفة جيروزاليم بوست أنَّ 4711 شخصًا أصيبوا بفيروس كورونا بعد مرور 7 أيام من حصولهم على الجرعة الثانية من لقاح فايزر-بيونتيك، وهو ما أثار استياء مواطني دولة الاحتلال وشعورهم بأنه تم استغلالهم سياسيًا.

وأنهت دولة الاحتلال تطعيم أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 9 ملايين نسمة، ضمن حملة دعائية قادها بنيامين نتنياهو أملاً في الحصول على كرسي رئاسة الوزراء.

في محاولة لفهم ظاهرة إصابة من حصلوا على لقاح كورونا، يقول البروفيسور جوناثان جيرشوني من جامعة تل أبيب: “إن لقاح فايزر فعّال بنسبة 95%، بمعنى أنَّ التطعيم لا يحقق فعالية مطلقة ضد المرض، وهناك فرصة ضئيلة لانتقال العدوى لا تتجاوز 5%”.

وأضاف جيرشوني: “لا يوجد شيء ناجح بنسبة 100%، إذ إن التحورات الجينية للفيروس هي سبب آخر للإصابة بالمرض للأشخاص الذين حصلوا على التطعيم بشكل كامل بعد 7 أيام على الجرعة الثانية”.

مصر في الطريق

بدأت وزار الصحة المصرية في تطعيم عدد كبير من المواطنين خلال الفترة الماضية ضد فيروس كورونا، حيث تعتمد الوزارة على لقاحين وهم (سينوفاك، وأسترازينيكا- أوكسفورد)، وحددت الوزارة أن الفئات التي تأتي على رأس القائمة هي الأطقم الطبية ومن ثم كبار السن ممن يعانون من أمراض مزمنة.

المفاجأة أن أحد الذين حصلوا على اللقاح أعلن أنه أصيب بفيروس كورونا وهو ما يمثل ناقوس خطر على الجميع الانتباه إليه.

وقال أحمد البحراوي، أحد الحاصلين على اللقاح: “أنا أخدت الجرعة الأولى من لقاح sinopharm الصيني في ٤/٤/٢٠٢١، وجالي كورونا بعدها ومازال عندي بعض الأعراض زي تكسير الجسم وفقدان تام لحاسة الشم والتذوق، والمفروض معاد الجرعة التانية للقاح يوم ٢٥ الشهر الجاري”. جاءت شهادة البحراوي لتفتح الباب حول مدى جودة اللقاحات وفعالياتها في مواجهة فيروس كورونا.

أسباب علمية

بعد تداول أخبار عن تسجيل إصابات بفيروس كورونا لدى أشخاص تم تلقيحهم نشر موقع “ذا أتلانتيك” مقالاً بعنوان “الاختراقات نادرة ومتوقعة جداً”، ليكشف عن إمكانية الإصابة بفيروس كورونا حتى ولو تم التلقيح.

ووصف الموقع الأمر باسم “العدوى الاختراقية“، لافتا إلى إنها حالة طبيعية ومتوقعة في أي حملة تطعيم لأية أمراض مرت على البشرية، مشددًا على أنه لا يوجد لقاح فعال بنسبة 100%.

من جانبه، قال سعد عمر خبير اللقاحات في جامعة “ييل” إنه من الطبيعي أن يعاني بعض الأشخاص من حالات أساسية تعوق استجابة جهاز المناعة لديهم للقاح، ويمكن للآخرين إنتاج عدد أقل من الأجسام المضادة والخلايا التائية الفعالة التي يمكنها القضاء على عدوى فيروس كورونا.

وأشار التقرير القائم على آراء عدد من الخبراء في مختلف جامعات العالم، أن الاختراقات المتمثلة بالإصابة بعد تلقي اللقاح نادرة، ولكنها متوقعة جداً، وقد تكون إصابة دون أعراض، خاصة أن أعداد الإصابات غير المصحوبة بأعراض غير واضحة حتى هذه اللحظة ويتم العمل على التعرف أكثر على طبيعة الإصابة ومدى خطورتها.

ومن المقرر أن يتم العمل خلال الأيام المقبلة على اكتشاف أسباب عودة الفيروس مرة ثانية، فضلاً عن طبيعة الإصابة ومدى خطورتها إذ يرجح أن تكون الإصابة بأعراض بسيطة وليست بالخطيرة.