بدأ موسم توريد القمح المحلي في غالبية المحافظات المصرية، حتى منتصف شهر يوليو المقبل بأسعار تتراوح بين 705 و725 جنيهًا للإردب حسب نظافته. وتصل مساحة زراعة القمح للعام الحالي نحو 3.4 مليون فدان يعادل إنتاجها 9.5 مليون طن. لكن وزارة التموين تستهدف استقبال 4 ملايين طن من المزارعين فقط. بينما تخطط لاستيراد ما بين 9 و12 مليون طن لمواجهة الاستهلاك الذي يناهز 16 مليون طن.

كذلك سعرت وزارة التموين التوريد بقيمة 705 جنيهات للإردب زنة 150 كيلوجرام درجة نظافة 22،5، و715 جنيهًا لدرجة نظافة 23. و725 جنيهًا لدرجة نظافة 23,5، لجميع الأصناف المنزرعة محليًا. على أن يكون خالية من الإصابة الحشرية والرمل والزلط وبدرجة نظافة لا تقل عن 22.5 قيراط.

وتخلط وزارة التموين الكميات التي تشتريها من المزارعين المحليين بالقمح المستورد لإنتاج رغيف الخبز المدعم. إذ تبلغ حصته من إجمالي الخبز في مصر قرابة 10 ملايين طن (75% من إجمالي الاستهلاك).

وجاءت تلك الأسعار أقل مما طالب به الاتحاد التعاوني الزراعي بجمعياته الثلاث (الائتمان، والإصلاح، والاستصلاح). إذ دعا إلى سعر للإردب يصل إلى 850 جنيهًا، مقابل 700 جنيه للعام الماضي. لكن التقديرات الحكومية أثرت أن تكون الزيادة 25 جنيهًا للإردب بدلاً من 100 جنيه.

ووفرت وزارة التموين 450 موقعًا لاستلام الأقماح تشمل الصوامع والهناجر والشون المطورة. وتبلغ الطاقة التخزينية للصوامع 3.4 مليون طن. مع سداد مستحقات الموردين بعد 72 ساعة فقط.

من ناحيتها خصصت وزارة المالية 16 مليار جنيه لشراء القمح في الموسم الحالي. بينما بلغ دعم وزارة التموين في موازنة 2021/2020 85 مليار جنيه. كان نصيب منظومة الخبز المدعم منها 51 مليار جنيه، والسلع التموينية 34 مليار جنيه.

يأتي هذا بينما بدأت محافظات الصعيد في التوريد عكس الوجه البحري الذي قرر التأجيل حتى 20 أبريل. بسبب انخفاض درجات الحرارة التي أخرت الحصاد وأثرت على معدلات جفاف الحبوب.

تقلبات عالمية في أسعار القمح

من ناحية أخرى توقعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” زيادة الإنتاج العالمي للقمح في 2021  نسبة 20%. وصولًا إلى تسجيل رقم قياسي جديد عند 780 مليون طن. لكن تلك الزيادة لم يقابلها انخفاضًا في الأسعار بسبب ارتفاع نولون النقل الذي ساهم في استقرار معدلات الأسعار عند مستوى مرتفع.

ووفقًا لبورصة شيكاغو، بلغت أسعار القمح عالميًا في مطلع العام الحالي أعلى مستوى في 7 سنوات. حينما سجل الطن 233 دولاًر يحكم تنامي الطلب في خضم الموجة الثالثة لفيروس كورونا.

ويتراوح سعر نولون الشحنة نحو 10 دولارات للطن في المتوسط للشحنات بحد أقصى حتى 5 آلاف طن. التي تأتي من شرق البحر المتوسط. بينما تنخفض إلى 8 دولارات للواردة من موانئ البحر الأسود للحمولات حتى 24 ألف طن. وبالنسبة للشحنات الواردة من موانئ أمريكا الشمالية فيصل النولون إلى 33 دولارًا للطن. للشحنات من 5 آلاف طن، حتى 45 ألف طن.

موردون جدد

وساهمت الصين كثيرًا في التنامي الواضح لحجم الاستهلاك العالمي بعدما اشترت كميات كبيرة بغرض التخزين. رغم أنها حاليًا أكبر منتج للطحين في العالم. إلا أنها تتحاشى إمكانية اشتداد الحرب التجارية مع أمريكا رابع أكبر منتج للقمح. إذ تصدر أيضا 50% من إنتاجها.

ورفعت الصين أيضًا أسعار الحليب المجفف بزيادة حادة في الواردات مع تراجع موسمي في إنتاجه، وندرة توفّر حاويات الشحن في أوروبا وأمريكا الشمالية.

وقررت روسيا التي تحتل المرتبة الثالثة عالميًا في الإنتاج مضاعفة رسوم صادرات القمح. اعتبارًا من مارس ضمن الحصة المسموح بتصديرها إلى 50 يورو للطن. لتثبيت أسعار هذه المنتجات في السوق المحلية وهي ثاني زيادة لها بعد ما فرضت 25 دولار بنهاية العام الماضي.

وفي نهاية ديسمبر 2020، أعلنت الحكومة الروسية حزمة من الإجراءات بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية في البلاد. حيث تم وضع حصص محددة لتصدير القمح والشعير والذرة. إذ يسمح بتصدير 17.5 مليون طن في الفترة من 15 فبراير الماضي وحتى 30 يونيو المقبل.

ولم تتأثر مصر كثيرًا بالقرارات الروسية في ظل امتلاكها شبكة واسعة من التوريد تتضمن 15 دولة في مقدمتها فرنسا ورومانيا وأوكرانيا وأمريكا. إلى جانب احتياطي كبير من الأقماح قبلها، يكفيها حتى نهاية العام الحالي.

وأصبحت كازاخستان أيضًا أحد موردي القمح البارزين لمصر بعد توقف استئناف التصدير بعد تطوير ميناء بوتي. بعدما توقف التصدير عام 2011 لافتقار الأولى لموانئ تستطيع استقبال سفن الشحن الضخمة. ما جعل التوريد بكميات صغيرة يرفع معها عبء الشحن.

ووفق وزارة الزراعة فأنه جاري التخطيط لتوسع أفقي في إنتاج القمح بزيادة المساحة المنزرعة والتي قفزت بنحو 200 ألف فدان خلال عام. بجانب توسع رأسي بتحسين إنتاجية الفدان الواحد عبر استنباط  أصناف جديدة.

سعر عادل

ويقول حسين أبو صدام نقيب الفلاحين إن السعر العام الحالي عادل بالنسبة للمزارعين بسبب تزايد الإنتاجية الكبيرة للفدان الواحد. لعدة أسباب أهمها المناخ البارد اللازم للمحصول وعدم تعرضه للأمراض الفطرية المعتادة. بجانب زراعة أصناف هجينة للمرة الأولى تتسم بزيادة الإنتاجية.

وقدرت نقابة الفلاحين متوسط إنتاجية الفدان للعام الحالي عند مستوى 19 إردبًا ما يجعل العائد من الفدان، إذا كان غير مستأجر نحو 9 آلاف جنيه. تنخفض إلى 4 آلاف جنيه إذا كانت الأرض مستأجرة.

وقال أبو صدام إن الإنتاج المحلي لن يقل العام الحالي عن 9 ملايين طن، ما يجعل الفجوة في الاستيراد تقدر بنو 7 ملايين طن. تعتمد الحكومة على استيرادها من الخارج لتلبية إنتاج رغيف الخبز الذي يستهلك وحده بنحو 10 ملايين طن من القمح.

ويقول أبو صدام إن واردات القمح ستنخفض باستمرار مع المشروعات الزراعية الجديدة التي تتبناها الدولة. مثل الدلتا الجديدة ومستقبل مصر والمليون ونصف فدان، وتغيير طرق الري إلى الأنماط الحديثة مثل المصاطب أو التنقيط التي تزيد من إنتاجية المحاصيل. كذلك إمكانية خلط القمح المخصص لرغيف الخبز بحبوب أخرى مثل الذرة البيضاء والشعير وكلامهما متوفر محليًا. ويمكن توريده من قبل المزارعين حال وجود سعر عادل له.