تسود حالة من الغضب صفوف الصيادلة بسبب نتيجة تكليف وزارة الصحة لدفعتي 2018 – 2019، والتي جاءت مخيبة لآمالهم، بسبب ما قالوا إنها اختيارات عشوائية ظلمت الكثيرين.
ويعد التكليف فترة من مزاولة مهنة الطب أو الصيدلة، يقضيها الخريج من إحدى الجامعات المصرية، في أي جهة حكومية تابعة لوزارة الصحة والسكان.
غياب الآلية
ويقول كثير من الخريجين إن عدم وجود قاعدة ثابتة للتكليف جعل أغلبهم في حالة تخبط، ودفع بالبعض لتمزيق شهادة التخرج، ما جعل نقابة الصيادلة تدخل على خط الأزمة وتطالب بإعادة النظر في قرار التكليف.
لمعرفة نتيجة التكليف اضغط هنا
تنتظر الدكتورة إسراء الحاصلة على بكاريوس الصيدلة عام 2018، تكليفها منذ ثلاث سنوات لكنها وجدت نفسها غير مقبولة في قوائم التكليف التي أعلنت منذ يومين.
تقول إسراء إن نتيجة التكليف جاءت عشوائية، متحدثة عن رحلة الأمل في التكليف التي بدأت في أكتوبر 2020 عندما جرى الإعلان عن ضم دفعتي 2018 و2019، حيث تضيف أن حوالي 30 ألف خريج قام بتسجيل الرغبات وقتها.
بينما كان الجميع ينتظر إعلان نتيجة بناء على تقديرات دراسية أو أي اعتبارات مهنية، يقول عدد من الخريجيين إن الأمر برمته لم يستند إلى أيّ معيار سوى المعيار العشوائي.
“تم تكليف 500 خريج فقط من دفعتي من جامعة الإسكندرية رغم أن عددنا أكثر من ألف خريج” تشير إسراء إلى أن أغلب المكلفين من تخصصات الكلينكال والكليات الخاصة أما العادي فقد جاء تكليف صديقة بالأقصر وأخرى بالإسكندرية فقط.
حاولت إسراء وزملاؤها التواصل مع المسؤولين، ولكنهم لم يجدوا معلومة واضحة تشير إلى أي نية لتعديل التكليف أو الأسس والمعايير التي تم على أساسها الاختيار.
تمزيق الشهادات
هذا الأمر جعل الدكتورة داليا تقوم بتمزيق شهادة تخرجها، ونشرتها على صفحتها عبر “فيسبوك” وكتبت: “يعني الكليات الخاصة اتكلفت وأصغر مني وأنا متكلفتش”، وطبيبة أخرى من جامعة المنصورة قامت بحرق شهادتها ونشرتها على “فيس بوك” قائلة: “دي شهادة تخرجي أنا بتذل لما أطلب حقي بقالي كام شهر حياتي متعطلة بسبب التكليف”.
وتقول الخريجة “آية”: “بعد مرمطة 5 سنوات في كلية و3 سنوات بعد تخرج.. الوزارة تركت في الشارع 19 ألف صيدلي بهذا الوضع المحزن”.
تدخل النقابة العامة
لدى تلك النقطة، أرسلت النقابة العامة لصيادلة مصر خطابًا لوزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد طالبتها بإعادة النظر في توزيع تكليف الصيادلة دفعتي ٢٠١٨و٢٠١٩، نظرًا لورود عدة شكاوى من الصيادلة للنقابة بعد ظهور نتيجة تكليفهم.
وأضافت النقابة، في بيان، أن شكاوى الصيادلة دفعة ٢٠١٨و٢٠١٩ تضمنت عدم تكليف عدد كبير من صيادلة الدفعتين رغم تسجيل بياناتهم بموقع التكليف، إضافة إلى تكليف عدد كبير من الصيادلة والصيدلانيات خارج نطاق محافظتهم، وعدم مراعاة ظروفهم.
وطالبت النقابة وزارة الصحة بتوضيح الآلية المتبعة فى توزيع تكليف الصيادلة، ومراعاة ظروف أبنائها والحرص على مستقبلهم، وتلبية مطالب الصيادلة عند التظلمات.
المفارقة أن الشكاوى هذه المرة اختلفت للعكس، فالمعتاد وفق إسراء، الإعلان عن فتح باب التسجيل وتقوم الوزارة بتكليف جميع المسجلين، ويقدم البعض تظلمات لتقليل الاغتراب إذا جاء تكليفه في منطقة بعيدة عن محل سكنه، متابعة: “لا يوجد خريج صيدلة لا يكلف إلا لو هو من قام بإلغاءه بنفسه”.
انعدام المعايير والشفافية
ومن جانبها قالت الدكتورة نجوى هاشم نقيب صيادلة الجيزة، إن ما يحدث حاليا مع دفعات كلية الصيدلة يأتي نتيجة تخبط وزيرة الصحة وعدم الشفافية ووضوح المعايير التي تم على أساسها اختيار من تم تكليفهم.
وتشير نقيب صيادلة الجيزة إلى عدم وضوح ما إذا كان سيتم تكليف الخريجين على مراحل، أم الأولوية لاختيار قسم الأكلينك بالصيدلة عن الأقسام الأخرى.
وتضيف هاشم أن تراكم دفعات من 2018 وحتى 2020، أدى إلى وجود خريجين يقدر عددهم بحوالي 25 ألف، متساءلة: هل سنتركهم للشارع؟، مؤكدة أن التكليف هو حق دستوري للجميع.
يحكم التكليف قانون رقم 29 لسنة 1974، وقرار وزير الصحة رقم 38 لسنة 2008، فيتم إصدار قرار تكليف الطبيب أو الصيدلي عقب عام من تخرجه، وتكون مدة التكليف عامين قابلة للتجديد ويجوز لوزير الصحة، الموافقة على إنهاء التكليف بعد عام من مزاولة المهنة.
وتقول الدكتورة نجوى هاشم إنه في حالة الاتجاه لإلغاء تكليف الصيادلة لابد من إعلان ذلك قبل التحاق الطلاب بالكلية، وتكون شروط التكليف واضحة كي يختار الطلاب طريقه الصحيح.
إعادة هيكلة
وعن الحلول التي طرحتها النقابة، تقول الدكتورة نجوى إن “إعادة الهيكلة والتخطيط السليم سيجعل كل خريج كلية في مكانه الصحيح، على أن يتم توزيع الصيادلة في الأماكن الخاصة للصيدلة ويتم إحلال وتبديل، فهناك أماكن تشغلها تخصصات أخرى”، مشيرة إلى أن “التراخي عن المطالبة بحقوقنا جعل أمان عمل الصيادلة غير متوفر لهم”، لافتة إلى ضرورة تقليل أعداد كليات الصيدلة الخاصة والتي تسهم في زيادة أعداد الخريجين.
التقاضي بعد التظلم
وأعلنت النقابة تضامنها مع الخريجين وأنها بصدد رفع دعوى قضائية على وزيرة الصحة باعتبارها ممثلة للوزارة، وذلك بعد فتح باب التظلم، حيث تقول نقيب صيادلة الجيزة: “سننتظر تظلم الخريجين وفي حالة عدم التكليف سنقوم برفع القضية”.
النواب على خط الأزمة
في هذا السياق، دخل على خط الأزمة أعضاء لجنة الصحة بمجلس النواب، من خلال تقديم ببيانات عاجلة لرئيس مجلس الوزراء ووزيرة الصحة ورئيس هيئة الدواء، بشأن اتخاذ قرارات فورية بتكليف خريجي كليات الصيدلة دفعة 2018 و2019، وينضم إليهم دفعة 2020 .
وفي مارس تقدم النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل وعضو مجلس النواب، إلى رئيس المجلس بسؤال موجه لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة ورئيس هيئة الدواء، حول تأخير وزارة الصحة في تكليف ثلاث دفعات من خريجي كليات الصيدلة، مطالبا بتصحيح الخطأ.
وطالب رئيس حزب العدل بتوضيح إعلان وزارة الصحة الصادر بتاريخ 6/10/2020، عن دمج تكليف دفعتين 18 و19 والتي يبلغ عددها حوالي 28 ألف خريج في إعلان واحد، وما هي الأسس والمعايير والمفاضلة بين دفعتي 18 و19 وكذلك الجامعات الحكومية والخاصة في أماكن التكليف وفقاً للرغبات؟
وأعلنت الحكومة في يونيو 2020 أن مخصصات تكليف 25 ألف طبيب في وزارة الصحة بالموازنة بلغت مليار جنيه، إضافة إلى تدبير400 مليون جنيه لتعيين 8200 طبيب بالمستشفيات الجامعية والتعليمة.
أجاز المشرع لوزير الصحة أن يكلف خريجي كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان للعمل بالحكومة لمدة سنتين قابلة للتجديد لمدة أخرى، ويتم التكليف أو تجديده بناء على طلب الجهة الإدارية صاحبة الشأن
ووفقاً للقانون رقم 29 لسنة 1974 الصادر بشأن تكليف الأطباء والصيادلة وغيرهم من ذوي المهن الطبية، أجاز المشرع لوزير الصحة أن يكلف خريجي كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان للعمل بالحكومة لمدة سنتين قابلة للتجديد لمدة أخرى، ويتم التكليف أو تجديده بناء على طلب الجهة الإدارية صاحبة الشأن ووفقا للإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون، ويجب أن يبت في موضوع التكليف في مدة أقصاها سنة من تاريخ التخرج. أو من انتهاء الفترة التدريبية.
تقليل أعداد المقبولين في كليات الصيدلة.. وإدراج مصانع الأدوية في التكليف
من جانبه قال الدكتور محمد الشيخ نقيب صيادلة القاهرة وعضو مجلس الشيوخ، إن النقابة طالبت على مدار خمس سنوات بتقليل أعداد المقبولين بنسبة 25% في كليات الصيدلة للمساهمة في حل أزمة التكليف مستقبلا.
ويشير الشيخ إلى أن النسبة العالمية تشير إلى أن لكل 5 آلاف مواطن يخدمهم صيدلي، ولكن في مصر يوجد صيدلي لكل 400 مواطن.
واقترح الشيخ لحل الأزمة الحالية بأن تقوم الحكومة بإدراج مصانع الأدوية ضمن خطة التكليف لعدد محدد من الصيادلة، بدلاً من إشغال القطاعات الأخرى، مشيرًا إلى إنه من المرجح أن نشهد خلال الفترة القادمة تكليف عدد آخر من الخريجين طبقا للأماكن الشاغرة التي سيتم حصرها.
وعن المعايير التي يتم على أساسها تكليف الخريجين، أشار عضو مجلس الشيوخ إلى أن الاختيار طبقا للرغبات التي يسجلها الخريج والأماكن الشاغرة بها، فإن كان بها فرصة تم قبوله، و”هنا نجد أن خريجين بتقديرات مرتفعة لم يتم تكليفهم”، لافتا إلى أنه من الممكن التنسيق بين وزارة الصحة والصيدليات العامة طالما لا يوجد فرص في الحكومة.