انتقدت الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش فرح ناصر موافقة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على تمرير صفقة الأسلحة الإماراتية، بالمخالفة لتعهده السابق بإنهاء الدعم للعمليات العسكرية في اليمن.

كان الرئيس الأمريكي جو بايدن تعهد في أوائل فبراير بإنهاء كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في اليمن، بما فيها مبيعات الأسلحة ذات الصلة.

وقالت الباحثة “مِثل العديد من الحقوقيات والحقوقيين، الذين يوثقون انتهاكات النزاع المسلح في اليمن، اعتقدتُ أننا أخيرا نسير في الاتجاه الصحيح بعد سنوات من العمل. لكن الآن، بعد مراجعة مبيعات الأسلحة إلى الإمارات، تراجعت إدارة بايدن عن تعهدها، معلنة أنها ستستأنف صفقة مقترحة مع الإمارات، وهي إحدى أطراف نزاع اليمن”.

وخلال العام الماضي أيضا طالبت “هيومن رايتس ووتش” الولايات المتحدة، وقف مبيعات الأسلحة المقترحة إلى الإمارات، وتعليق جميع المبيعات المستقبلية حتى تقلص الإمارات غاراتها الجوية غير القانونية في اليمن وليبيا، وتوقف الدعم ونقل الأسلحة إلى القوات المحلية التي ترتكب انتهاكات، وتحقق بمصداقية في الانتهاكات المزعومة السابقة في كلا البلدين.

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن حسم أمره  من مسألة صفقة أسلحة مع الإمارات كان سلفه دونالد ترامب قد وافق عليها في آخر ساعة من أخر يوم ولايته.

وأبلغ البيت الأبيض مجلس الكونغرس بأن الرئيس سيمضي قدما في الوفاء بتعهدات سلفه والموافقة على الصفقة التي بلغت قيمتها 23.37 مليار دولار.

والصفقة هي الأكبر بين الصفقات التسليحية لدولة الإمارات مع الولايات المتحدة. وستحصل أبو ظبي بموجبها على 50 طائرة من طراز أف – 35 و18 طائرة حربية مسيرة، وصواريخ جو – جو، وجو – أرض.

وفي يوم الإعلان، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية في بيان “سنواصل التأكيد مع الإمارات، ومع كل من يحصل على معدات أو خدمات عسكرية أمريكية، على ضرورة استعمال تلك التجهيزات بطريقة سليمة وفي إطار احترام حقوق الإنسان، والالتزام التام بقوانين النزاعات المسلحة”.

وبذلك تكون دولة الإمارات، رغم معارضة العديد من المنظمات والوكالات والجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، ظفرت بصفقة تسليحية ستضعها في مقدمة الدول الكبرى إقليميا من حيث نوعية السلاح.

النفوذ الإماراتي في اليمن لم ينته

وأوضحت الباحثة أن إعلان الإمارات سحب معظم قواتها البرية في منتصف عام 2019، لم يمنعها من مواصلة عملياتها الجوية، ودعمها للقوات البرية اليمنية المحلية المنتهِكة، بحسب محققين تابعين للأمم المتحدة.

وأوضحت: “ما زال النفوذ الإماراتي الهائل داخل اليمن واضحا. يصلني باستمرار عدد هائل من رسائل كثيرة من أشخاص في جنوب اليمن يخبرونني عن الانتهاكات الفظيعة التي ترتكبها بانتظام القوات المحلية المدعومة من الإمارات.”

وفي فبراير أفادت “هيومن رايتس ووتش” عن احتجاز صحفي يمني تعرض للتهديد أولا من مسؤول إماراتي واحتجزته القوات المدعومة إماراتيا وتعرض لسوء المعاملة.

وكان ينبغي لأي إعادة تدقيق في مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى الإمارات أن تبين أن خطر استخدامها لارتكاب انتهاكات لقوانين الحرب مرتفع، لا سيما مع الأدلة على أن التحالف بقيادة السعودية، والإمارات استخدم بالفعل أسلحة أمريكية في قصف ألحق الأذى غير القانوني بالمدنيين والمواقع المدنية في اليمن منذ بداية الحرب عام 2015، في حين ترقى عديد من هذه الهجمات إلى جرائم حرب، على حد وصف الباحثة.

وفي تقرير سابق للمنظمة أكدت أن الإمارات تسلح وتدرب قوات تحارب في الظاهر الفروع اليمنية لتنظيم القاعدة أو تنظيم “داعش” المتطرف، في حين تدير مركزَي احتجاز غير رسميين على الأقل، ويبدو أن مسؤوليها أمروا بالاستمرار في احتجاز الأشخاص على الرغم من صدور أوامر بإطلاق سراحهم، وأخفوا أشخاصاً قسراً، وأفادت تقارير بأنهم نقلوا محتجزين مهمين خارج البلاد.

وفي عدن يوجد مركزان رسميان للاحتجاز هما “السجن المركزي” و”إدارة البحث الجنائي”، حسب “هيومن رايتس ووتش”، وعلى الرغم من أن نظام المحاكم في عدن معطل إلى حد كبير، فإن النيابة العامة تواصل إصدار أوامر الإفراج عن الأشخاص إذا لم تكن هناك أدلة كافية لاحتجازهم.

وتقول المنظمة: “كثيراً ما لا تُحترم أوامر النيابة العامة، ولا سيما فيما يتعلق بقضايا الإرهاب” إذ تتوقف سلطة المدعي العام”، حسب وكلاء النيابة”

كما صورت خريطة مرافق الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التي وثقت فيها “هيومن رايتس ووتش” حالات احتجاز أشخاص تعسفاً أو إخفاءهم قسراً منذ 2016، وحيث تمكنت المنظمة من تحديد أماكنها عبر نظام تحديد المواقع العالمي، وأشارت إلى أنها لا تصور جميع المواقع المستخدمة حالياً كمراكز احتجاز في عدن.

انتهاكات الإمارات خارج اليمن

بحسب تقرير سابق لمنظمة “هيومن رايتس” فإن الإمارات أيضا طرف في النزاع المستمر في ليبيا، إذ نفذت غارات جوية وغارات بطائرات مسيّرة، وأنشأت قاعدة عمليات متقدمة هناك، وقدمت الدعم المباشر للجماعة المسلحة المعروفة بـ “القوات المسلحة العربية الليبية”، بقيادة خليفة حفتر، بما في ذلك نقل الأسلحة، والذخيرة، والمركبات المدرعة، وغيرها من المعدات العسكرية.

من جانبها، لفتت الباحثة فرح نصر إلى انتهاكات الإمارات خارج اليمن، والتي امتدت إلى ليبيا، إذ نفّذت الإمارات ضربات غير قانونية وقدمت الدعم العسكري للقوات المحلية المنتهِكة.

كما حددت هيومن رايتس ووتش هجوما غير قانوني على ما يبدو بطائرة إماراتية دون طيار أصابت مصنعا للبسكويت في نوفمبر عام 2019، فقتلت ثمانية مدنيين وأصيب 27 آخرين.

ووثقت المنظمة في وقت سابق أيضا أدلة على وقوع هجمات غير قانونية ودعمها للقوات المحلية المنتهِكة، في حين لم تعلن الإمارات عن أي تحقيقات في هجمات محددة ولم تحاسب المسؤولين العسكريين.

وعليه أكدت الباحثة أن استئناف مبيعات الأسلحة دون التأكد أولا من أن الإمارات تتخذ خطوات حقيقية نحو المساءلة عن الهجمات غير القانونية السابقة سيخلق وضعا قد تتكرر فيه هذه الانتهاكات، دون محاسبة أي شخص.

وتابعت: “باستئناف مبيعات الأسلحة هذه، تخاطر الحكومة الأمريكية مجددا بالتواطؤ في الانتهاكات المستقبلية”.