غيب الموت المستشار هشام البسطويسي، “مايو 1951- أبريل 2021″، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق والمرشح الرئاسي الأسبق في انتخابات 2011، بعد مسيرة طويلة اقترن فيه اسمه باستقلال القضاء، والدفاع عن حقوق المواطنين.
ولد هشام البسطويسى فى مايو 1951، وحصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1976، ليلتحق بنيابة حى الجمرك بالإسكندرية، ومنها إلى نيابة الأحداث، قبل أن يصبح قاضيا بالمحكمة الجزئية هناك.
وفى عام 1989 انتخبت الجمعية العامة لمحكمة النقض البسطويسى مستشارًا، وبعد عامين فقط من الانتخاب حصل على ترقية لمنصب نائب رئيسها استنادًا إلى أدائه وسجله الوظيفى المميزين.
تيار استقلال القضاء
عُرف اسم البسطويسي خارج الوسط القضائي الذي قضى فيه قرابة 40 عاما من حياته في العام 2005، على خلفية مشاركته القوبة في احتجاجات القضاة على تزوير الانتخابات البرلمانية في العام 2005، ليصدر حينها بأنه أحد رموز تيار الاستقلال القضائي الذي قاوموا التشريعات ووقائع تزوير الانتخابات.
على خلفية المشاركة في الاحتجاجات والتصدي لتزوير الانتخابات، خضع البسطويسي للتحقيق وتمت إحالته إلى محاكمة تأديبية أمام مجلس عدم الصلاحية.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يعترض فيها على تزوير الانتخابات، إذ سبق وأن اعترض على التلاعب في الصناديق وتدخل قوى الأمن غير الشرعي في عملية الاقتراع، حينما كان وكيلا للنيابة في دائرة مينا البصل، ليقرر بصحبة زميله محمد بيومي إلغاء الانتخابات في هذه الدائرة، ليصدر قرار بمنعه من الإشراف على الانتخابات.
خلال المحاكمة أدلى البسطويسي بتصريحات جرئية في العام 2006، قال فيها إن التضامن الشعبي أكد حقيقة مهمة وهي أن استقلال القضاء يحميه الشعب، لا النظام، كما استشعر أهمية ومكانة الحصانة الشعبية، وأنها تفوق كل الحصانات.
بزغ نجم تيار الاستقلال القضائي واكتسب رجاله الشعبية في الفترة الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، لكن حصد الثمار جاء بعد ثورة 25 يناير، فالقاضي أحمد مكي تولى منصب وزير العدل، وشقيقه محمود تولى منصب نائب رئيس محكمة النقض، فيما اختير المستشار حسام الغريانى رئيسًا للجمعية التأسيسية للدستور، كما صعد المستشار هشام جنينة على رأس الجهاز المركزي للمحاسبات، وكلهم من الأعضاء البارزين بتيار الاستقلال. أما البسطويسي فاختار المقعد الوثير الذي يستطيع من خلال تطبيق أفكاره ورؤية البلاد في الصورة الأفضل لها.
عانى الراحل من تضييقات كبيرة في عهد مبارك، وأجبر على العمل في دولة أخرى بنظام الانتداب أو الإعارة، وهي طريقة كان يتخلص بها المجلس الأعلى للقضاء من المزعجين، فارتحل إلى الإمارات ثم الكويت، وخلال الرحلة لم يسلم الرجل من المضايقات مثل منعه من السفر دون مبرر لائق وترهيبه هو وعائلته عبر الهاتف ومحاولة تلفيق قضية دعارة له.
وبحسب ورقة للمفكرة القانونية، فإن القضاة خضعوا إلى المراقبة والملاحقات من قبل رجال الأمن لثنيهم عن إبداء آرائهم وعرضت عليهم رواتب مغرية مقابل التوظيف في الخارج مما أدى إلى شبه تهجير جماعي لهؤلاء.
عودة البسطويسي مع الثورة
عاد البسطويسي إلى مصر مجددا مع ثورة يناير، انخرط في لقاءات مع السياسيين وشباب الثورة بشكل أوسع، مما فتح الباب أمام ترشحه للانتخابات الرئاسية عبر بوابة حزب التجمع اليساري، رافعا شعارات تحسين الأحوال المعيشية وإقامة العدل والحفاظ على كرامة المصريين في الداخل والخارج.
بحسب المستشار الراحل، فإن رئسس الجمهورية الذى يقدم برنامجًا مفصلا يضلل الناس أو كما نقول بيضحك عليهم، لأنه ليس من المفروض أن يقدم رئيس الجمهورية أى تفاصيل، لأن المعنى بالتفاصيل هى الحكومة التى ستتشكل وفق حزب الأغلبية الذى يفوز فى البرلمان أما الرئيس الذى يقدم تفاصيل فهو يهدف لأحد أمرين، إما أنه ينوى ممارسة الديكتاتورية على الشعب أو على البرلمان، وبالتالي لن يسمح للحكومة بتنفيذ برنامجها، وسيفرض عليها برنامجه الذى يمثل آرائه وهذا عهد قد انتهى للأبد.
خسر القاضي معركة الرئاسيات في ظل منافسة شرسة مع 12 مرشحا آخرين، انتهت بظفر محمد مرسي بكرسي مصر بعد جولة الإعادة مع أحمد شفيق، ويبدأ نجم البسطويسي في الخفوت.
وفي الأيام التي سبقت إزاحة الإخوان، عاد الراحل من الكويت حيث مقر انتدابه ليعلن دعمه حركة تمرد وتوقيعه استمارتها احتجاجا على أداء الرئيس الإخوانى، قائلا: “جئت إلى مصر خصيصا فى هذا التوقيت لكى أشارك فى حملة تمرد؛ لأن العالم كله يرى أن مصر وصلت إلى (حافة الهاوية)، ولم يعد هناك فرصة لإنقاذ البلد إلا بإجراء حاسم وسريع؛ لأن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ”.
انزوي هشام البسطويسي عن المشهد السياسي منذ عزل الإخوان المسلمين، مكتفيا بعمله كقاض في دولة الكويت، إلى أن رحل في صمت اليوم عن عمر يناهز 70 عاما.