أدان تقرير حقوقي حملة القمع ضد النشطاء المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان السعوديين، واعتبرها تناقضا يخالف نهج الإصلاح الذي أعلنه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان منذ توليه منصبه.
وقال التقرير الذي أصدره مرصد القسط لحقوق الإنسان “في محاولة لتحديث المملكة وتنويع اقتصادها، أعلنت المملكة العربية السعودية عن مجموعة من الإصلاحات في السنوات الأخيرة، ومع ذلك في أوائل عام 2021، استمرت السلطات في قمع حركات المجتمع المدني المستقلة بشدة واستهداف أولئك الذين قاموا بحملات من أجل إدخال هذه الإصلاحات”.
و أدان القسط الحملة القمعية المتجددة ضد المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان و المنتقدين السلميين الذين قُدموا للمحاكمة أو حُكم عليهم بالسجن لمدد طويلة أو تم تأييد إدانتهم أو زيادتها عند الاستئناف.
الانتهاكات تنفي نية الإصلاح
بالرغم من إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مؤخرًا عن خطط للموافقة على سلسلة من الإصلاحات الاجتماعية، والاقتصادية، والقانونية، التي تهدف إلى تحديث المملكة المحافظة، غير أن التطورات المقلقة بحسب وصف المرصد، خلال الربع الأول من عام 2021 تظهر تناقضًا كبيرًا بين جهود الإصلاح التي تُعلن عنها الرياض للمجتمع الدولي ومعاملتها لحركات الإصلاح المدني داخليًا ، والتي تستمر في قمعها بقسوة.
وفي حين أدخلت المملكة العربية السعودية إصلاحات في مجال حقوق المرأة عام 2019، مثل السماح للنساء السعوديات بالسفر دون قيود أو القيادة وتسجيل ولادة أطفالهن، ظلت الناشطات اللائي دافعن عن هذه الإصلاحات والذين أعتقلن في عام 2018 قيد المحاكمة أو في الاعتقال.
ووفقا للتقرير فقد تم الإفراج عن بعض المدافعات عن حقوق المرأة في انتظار المحاكمة أو الإفراج المشروط عنهن بعد إدانتهن.
وعلى الرغم من أن الإفراج المشروط عن نوف عبد العزيز و لجين الهذلول في بداية عام 2021 قد يجلب بعض الأمل في أن المدافعات البارزات عن حقوق المرأة قد يتم إطلاق سراحهن قريبًا ، إلا أنه يمكن إعادة اعتقالهن في أي لحظة إذا استأنفن نشاطهن. بالإضافة إلى ذلك ، ما زلن يواجهن حظر سفر مطول وظروف تقييدية أخرى ، والتي من المرجح أن يواجهها نشطاء حقوق المرأة البارزات اللواتي ما زلن رهن الاحتجاز عند إطلاق سراحهن.
كما حُكم على عدد آخر من المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان والنقاد السلميين في بداية عام 2021 بالسجن لمدد طويلة بتهم نابعة مباشرة من ممارسة حقوقهم وحرياتهم الأساسية، بعد محاكمات لم تفي بضمانات الإجراءات القانونية الواجبة.
كما يواجه نشطاء حقوق الإنسان الآخرون في الوقت الحالي خطرًا كبيرًا من أن يصدروا مثل هذه الأحكام القاسية بالسجن فيما يتعلق بأنشطتهم السلمية.
و في حالات أخرى، رأى نشطاء حقوق الإنسان أن أحكام السجن الصادرة بحقهم قد تم تأييدها أو حتى زيادتها بشكل ملحوظ بعد الطعن في إدانتهم عند الاستئناف.
أحكام لمدد طويلة في حق المعارضين
رفع مركز القسط لحقوق الإنسان ومنّا لحقوق الإنسان عدة قضايا لنشطاء تم انتهاك حقوقهم الإنسانية الأساسية في بداية عام 2021، وذلك في رسالة موجهة إلى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان وهم:
الموظف في الهلال الأحمر السعودي عبدالرحمن السدحان، والذي حكم عليه بالسجن عشرين عاما لادارته حسابات ساخرة.
وتم اعتقاله في مارس 2018 واختفى قسرياً قرابة ثلاث سنوات، خلال هذا الوقت، سُمح له بإجراء مكالمتين هاتفيتين قصيرتين مع عائلته.
وفي 5 أبريل 2021، حُكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا ، يليها حظر سفر لمدة 20 عامًا ، لإدارته حسابين ساخرين على تويتر، ومنح30 يوما للاستئناف.
وفي فبراير 2021، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على ستة نشطاء ، بينهم إسراء الغمغام ، بالسجن لمدد طويلة بتهم تتعلق بالاحتجاج السلمي أو نشاطاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
و إسراء الغمغام وزوجها موسى الهاشم من المنطقة الشرقية حيث يعيش معظم الشيعة في البلاد، وألقي القبض عليهم بعد مشاركتهم في وتصوير احتجاجات تطالب بإنهاء التمييز ضد الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية، وكان حكما بالاعدام صدر بحقها استبدل لاحقا بالسجن لثماني سنوات، واستئنافها قيد النظر.
أما محمد الربيعة المدافع عن حقوق الإنسان تم اعتقاله في عام 2018 في سياق حملة المملكة العربية السعودية ضد المدافعين عن حقوق المرأة والناشطين ضد نظام ولاية الرجل.
في 21 مارس 2021، تم تحويل قضيته إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، كما يواجه حاليًا خطر السجن لفترة طويلة، حيث تطالب النيابة العامة بالسجن 25 عامًا ، يليه حظر من السفر.
الناشطة في مجال حقوق المرأة وحقوق الأقلية الشيعية نسيمة السادة التي تم تأييد الحكم في حقها لمدة خمس سنوات، وقد دافعت من أجل إنهاء حظر قيادة النساء للسيارات.
ومع ذلك في عام 2018، بعد شهر من رفع الحظر، تم اعتقالها مع نشطاء آخرين دافعوا عن إنهاء التمييز ضد المرأة.
وهناك زيادة العقوبة بحق محمد العتيبي، الذي شارك في تأسيس الإتحاد لحقوق الإنسان في عام 2017 ، عندما حاول الذهاب إلى النرويج لتجنب الأعمال الانتقامية بسبب عمله في مجال حقوق الإنسان ، ثم أُعيد قسراً إلى السعودية من قطر.
وفي عام 2018 ، حُكم عليه بالسجن 14 عامًا، لاحقا صدر حكم إضافي بالسجن لمدة عام واحد على العتيبي ، وتم رفعه إلى عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات عند الاستئناف في أوائل عام 2021 ، مما أدى في المجموع إلى عقوبة بالسجن لمدة 17 عامًا.
مطالبات حقوقية
وفي ختام التقرير، أدان المرصد حملات القمع الممنهجة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان من قبل السلطات السعودية، ودعت إلى جهود إصلاحية حقيقية تشمل احترام الحقوق والحريات الأساسية للمواطنين السعوديين، كما طالبت بالإفراج الفوري عن جميع سجناء الرأي المحتجزين حاليًا، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم، إلى جانب رفع الشروط التقييدية وحظر السفر المفروض على المفرج عنهم بشروط.
والجدير بالذكر أن منظمة “هيومن رايتس ووتش” أصدرت تقرير أوردت فيه حجم الانتهاكات السعودية في شأن حقوق الإنسان خلال العام الماضي، خاصة فيما يخص حرية التعبير، والمعتقد، وتكوين الجمعيات.
كما تطبق السعودية الشريعة بصفتها قانونها الوطني، فلا يوجد قانون عقوبات رسمي، لكن الحكومة أصدرت بعض القوانين واللوائح التي تُخضع بعض الجرائم فضفاضة التعريف لعقوبات جنائية.
وفي ظل غياب قانون عقوبات مكتوب أو لوائح دقيقة الصياغة، يمكن للقضاة والمدعين العامين إدانة الأشخاص في مجموعة واسعة من الجرائم بموجب تهم فضفاضة وشاملة مثل “الخروج على ولي الأمر” أو “محاولة تشويه سمعة المملكة”.
و عادة ما يواجه المحتجزون، بمن فيهم الأطفال، انتهاكات منهجية للإجراءات القانونية الواجبة وحقوق المحاكمة العادلة، بما فيه الاعتقال التعسفي، بحسب تقرير المنظمة