جددت الجماعات الإرهابية إصرارها على استهداف الأقباط، بإعلان تنظيم داعش في فيديو حديث له قتله القبطي نبيل حبشي سلامة، تاجر ذهب من أهالي سيناء، صورته يُرمى بالرصاص أمام الكاميرات بعد أن تم اختطافه في نوفمبر الماضي من مدينة بئر العبد. إذ كان التاجر قد ساهم في بناء الكنيسة الوحيدة هناك، والتي تحمل اسم الأنبا كاراس.
نبيل حبشي
قتل حبشي على يد التنظيمات الإرهابية جاء متبوعًا بتهديدات لجموع الأقباط الذين يتعاونون مع الجيش المصري بينما عليهم تسديد الجزية على حد تعبير الإرهابي صاحب الفيديو. وهو الأمر الذى أثار غضبًا في الشارع القبطي.
وروت مصادر قبطية أن الجماعات المسلحة طالبت أسرة حبشي بدفع 5 ملايين خفضتهم لـ3 بسبب امتلاكه محال ذهب في سيناء. لكن الأسرة لم تستطع السداد بسبب ظروف التهجير التي عاني منها مسيحيو سيناء في السنوات الأخيرة.
ونعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، نبيل حبشي سلامة، واصفة إياه بابنها البار. إذ قالت في بيان رسمي: “وإذ تنعى الكنيسة الابن والخادم الأمين، تفرح بنصيبه السماوي الذي صار له في المسيح، بواسطة تمسكه بإيمانه حتى الدم”.
الأقباط و30 يونيو .. حين يدفع القبطي ثمن اصطفافه ضد الإرهاب
منذ خروج المصريين في مظاهرات 30 يونيو ضد حكم الإخوان المسلمين، بدأت نغمة الإشارة إلى الأقباط في وسائل الإعلام الإخوانية، ففي البداية قيل إن تلك المظاهرات التي عمت أنحاء مصر لمسيحيين فقط غاضبون من الحكم الإسلامي حتى إذا جاءت لحظة فض اعتصام رابعة العدوية ظهرت النوايا المبيتة للجماعات الإرهابية فقد كان استهداف الكنائس بالسلاح أو بالحرق أو المولوتوف ضمن مخطط مسبق خاصة في المحافظات التي يكثر فيها التواجد القبطي مثل المنيا التي تعد أحد أكبر أماكن تجمع المسيحيين في الشرق الأوسط، إذ تضم ما يقرب من 3 مليون مسيحي يمثلون مختلف الطوائف المسيحية.
في المنيا على سبيل المثال تم قتل نحو 20 من رجال الشرطة وإصابة العشرات من رجال الشرطة والأهالي أثناء اقتحام وحرق 10 مراكز وأقسام شرطة وكنائس ومباني كنسية بالمحافظة.
إلا أن تلك الأحداث التي وقعت بعد أحداث الفض لم تكن الأخيرة، فقد ظلت الكنائس محورا للعمليات الإرهابية طوال السنوات التالية حيث تم تفجير الكنيسة البطرسية ثم كنيسة مار جرجس طنطا والكنيسة المرقسية يوم أحد السعف، بالإضافة إلى حادثي استهداف أتوبيسي رحلات مرتين متتاليتين في الطريق إلى دير الأنبا صموئيل وذلك طوال الفترة من 2016 وحتى 2018 وهي تلك الأحداث التي سقط ضحيتها ما يقرب من 100 شهيد.
اقرأ أيضًا: موقف حقوقي: لا للتوسع في حظر السفر.. والجلسات العرفية ليست حلا للتهجير القسري للمسيحيين
أقباط سيناء.. قتل على الهوية
أما في سيناء، فقد كانت حوادث استهداف الأقباط على الهوية هي الأبرز ففي صباح يوم 6 يوليو عام 2013، وعقب انتهائه من صلاة القداس، أطلق عدد من الملثمين الرصاص على القس مينا عبود، فسقط قتيلًا في الحال أمام مبنى الخدمات الملحق بالكنيسة في العريش.
وظلت أحداث استهداف الأقباط تجري هنا وهناك حتى إذا ما جاء العام 2017 تصاعدت حدة تلك الحوادث واستيقظ أقباط العريش على ضرورة إخلاء منازلهم والنزوح نحو الإسماعيلية حيث استقبلتهم الكنيسة الإنجيلية هناك وعدد من الوزراء وعملت الدولة على توفير مساكن بديلة لهم حتى يتم الانتهاء من تصفية البؤر الإرهابية التي تسببت في استهدافهم بسيناء.
ووفقا لتقرير صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، يقدر عدد الأقباط الذين تم تهجيرهم من العريش نحو 450 أسرة وذلك بعد قتل 8 أقباط على الهوية في منازلهم بشمال سيناء، بالإضافة إلى 20 أسرة في مدينة رفح، بينما بلغ عدد الأسر التي تعيش في الشيخ زويد 4 أسر، ونحو 40 أسرة في مركز بئر العبد، وأعداد محدودة من الموظفين في مركزي الحسنة ونِخِل، علمًا بأن الأسر المسيحية في مدينتي رفح والشيخ زويد هجرت خلال 2012 و2013 بعد استهداف أفراد منها بالقتل.
وفقا للتقرير، فقد بلغ عدد حالات الضحايا نتيجة انتهاك الحق في الحياة في العريش، 14 شخصًا خلال الفترة من يوليو 2013 وحتى فبراير 2017، وتم استهدافهم جميعًا بشكل مباشر على الهوية الدينية.
وأوصى التقرير بضرورة توفير الحماية لممتلكات الأهالي وتقديم تعويضات تتناسب مع ما فقدوه وقت الرحيل، كما طالب الدولة بضرورة التعامل بشفافية مع ما يجري وإعلان جهات البحث والتحقيق عما توصلت إليه وتحديد مسئولية المتورطين في هذه الاعتداءات.
من جانبه، يؤكد إسحق إبراهيم، الباحث المتخصص في قضايا الأقباط، إن الأسر التي غادرت مدينة العريش عام 2017 لم تعد إليها مرة أخرى إلا أم بعض الأسر التي حاولت العودة بعد استقرار الأوضاع هناك، مؤكدا أن أحوال الأقباط في مدينة بئر العبد أفضل حالا من العريش.
ويشير إبراهيم إلى أن نبيل حبشى الذى تم الإعلان عن قتله اليوم كان قد تم اختطافه من الشارع في نوفمبر الماضي وقد كان خادما في الكنيسة الوحيدة بمدينة بئر العبد لينضم حادث قتله إلى سلسلة من أحداث قتل الأقباط على الهوية من قبل الجماعات الإرهابية.
بضربات عسكرية.. الدولة تثأر للشهداء الأقباط
لم يقتصر استهداف وقتل الأقباط المصريين على الهوية على الحدود المصرية بل امتد إلى الخارج ولعل حادث ذبح 21 قبطيا في ليبيا على يد تنظيم داعش عام 2015 أحد أبرز العلامات التي تؤكد وضع التنظيمات الإرهابية الأقباط على أجندتها لشق الصف الوطني من ناحية ولبث الرعب في المجتمع من ناحية أخرى.
إلا أن حوادث الاستهداف تلك كانت دائما ما تلحق بضربات عسكرية من الجيش المصري لمواقع التنظيمات الإرهابي أشهرها الضربة العسكرية لدرنة التي جاءت بعد ساعات من ذبح أقباط ليبيا بالإضافة إلى استعادة جثامين الشهداء وتسليم الإرهابي هشام عشماوي إلى مصر ثم إعدامه في تأكيد من الدولة المصرية على عدم التهاون أو التفريط في حق شهدائها الأقباط