كرر النادي الأهلي بطل الثلاثية التاريخية بالموسم الماضي فوزه على غريمه التقليدي الزمالك في مباراة القمة للكرة المصرية بهدفين لهدف في المباراة المؤجلة من الجولة الرابعة للدوري الممتاز، وذلك رغم كل الظروف المعاكسة التي واجهت الأحمر من إصابات لأهم نجومه، بينما كان الزمالك كامل العدد وفي حالة فنية أفضل على الورق وبالنتائج الأخيرة قبل المباراة.

فالزمالك الذي توقع أغلب متابعي الكرة المصرية والعربية تفوقه هذه المرة لوقوف كافة الظروف في صالحه قبل انطلاق القمة، على عكس الأهلي الذي عانى من تراجع مستوى ونتائج بالفترة الأخيرة. كما شهد إصابة أعمدة الفريق وغيابهم عن اللقاء وعلى رأسهم حارس مصر الأول محمد الشناوي والظهير التونسي الطائر علي معلول، بالإضافة إلى محمد هاني وياسر إبراهيم وحمدي فتحي وجونيور أجاي وغيره من المصابين السابقين.

لكن المارد الأحمر فاجئ الجميع وأولهم فريق الزمالك ولاعبيه ومدربه وجماهيره، بتقديم مباراة كبيرة خاصة في الشوط الأول وتسجيله هدفين وإضاعة فرص أخرى محققة، مع تحجيم كامل لقدرات ومفاتيح لعب الزمالك، وقلب الطاولة كاملاً على كل الظروف التي كانت تضع الأبيض في أفضلية واضحة قبل المباراة، فكيف حدث ذلك؟

موسيماني وضربة معلم لكارتيرون

السر الأول لهذا الفوز غير المتوقع يكمن في ضربة البداية المفاجئة، التي قام بها الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني مدرب الأهلي الذي عرف على ما يبدو من أين تؤكل الكتف، وفهم كيف يتفوق على الزمالك مع كارتيرون أو حتى باتشيكو من قبله في نهائي العاشرة الشهير، فبدأ المباراة بأفضل تشكيل ممكن وتكتيك كذلك، مع طريقة لعبه الثابتة 4-2-3-1 مستخدمًا أفضل اللاعبين الجاهزين بعد كل الإصابات وتعامل بذكاء شديد مع الأزمة الطاحنة التي يمر بها فريقه.

كما فرض أسلوب لعبه من الجانب الخططي والتكتيكي بشكل عام على أجواء المباراة منذ البداية، ما جعل الزمالك يتراجع لنصف ملعبه وترك الاستحواذ للأهلي على أمل خطف الفوز بالمرتدات كما فعل كارتيرون من قبل في قمة الدوري بالموسم الماضي التي فاز بها حينها 3-1، لكن موسيماني فطن جيدًا لهذه الخدعة وأبطلها هذه المرة بتشكيل مناسب جدًا وكل لاعب في مركزه الصحيح مع تحضير نفسي وفني على أعلى مستوى للاعبيه، الذين ظهروا بأفضل شكل ممكن وهددوا مرمى الزمالك من أول دقيقة لمحمد شريف نجم المباراة الأول وصاحب هدفي الأحمر الرائعين.

كارتيرون فشل في قيادة الزمالك أمام الأهلي

كارتيرون حاول تدارك الموقف سريعًا بين شوطي اللقاء وأجرى تغيرين دفعة واحدة أعاد بهم فريقه للمباراة ثانية، ولكن موسيماني حاول امتصاص ذلك بالعودة للدفاع المنظم وغلق المساحات ليجعل المباراة أكثر صعوبة على لاعبي الزمالك الباحثين عن التعويض وتسجيل التعادل. وقد كان له ما أراد وقام بتسيير المباراة كما أراد بالفعل مع تألق الحارس البديل علي لطفي في الزود عن مرماه لتصدي لركلة جزاء من محمود علاء وأيضًا رأسية خطيرة في آخر لحظات المباراة كادت تعلن عن التعادل للفارس الأبيض.

تفوق موسيماني الكامل على كارتيرون طوال المباراة منذ بدايتها حتى النهاية كان له الكلمة العليا في فوز الأهلي رغم كافة ظروفه الصعبة على الزمالك كامل العدد وصاحب اليد العليا على الورق قبل المباراة، حتى على مستوى توقعات النقاد والجماهير وكل المتابعين لكرة القدم المصرية ومنهم جانب كبير من الجماهير الحمراء كذلك.

أزمة نفسية مزمنة من الأهلي

بات واضحًا للجميع أن لاعبي الزمالك باتوا لديهم حالة من الاهتزاز الكبير عندما يواجهون الأهلي في السنوات الأخيرة جراء الانتصارات المتتالية للمارد الأحمر عليهم وسيطرته على كافة الألقاب المحلية والقارية أمامهم حتى عندما يكونون الأفضل على أرضية الميدان، وخير دليل على ذلك نهائي القرن 27 نوفمبر الماضي.

الثقة لا تنفصل عن لمشاكل العديدة التي تشغل ذهن نجوم الزمالك من أزمات إدارية وحالة فوضى بالنادي وعدم حصولهم على كل مستحقاتهم المالية ومن ينشغل بالعروض الخارجية ومن يريد التجديد ومن يريد الرحيل، كل هذا تجمع مع مشكلتهم الرئيسية النفسية عندما يواجهون الأهلي وقزمت من قدراتهم وحظوظهم في الفوز، وجعلتهم أشباحًا على أرضية الميدان طوال الشوط الأول كاملاً، لولا اللقطة المضيئة الوحيدة وهدف شيكابالا الرائع من مهارة فردية استثنائية خاصة به فقط.

شخصية الأهلي وتألق البدلاء  

السبب الأخير في هذه الهزيمة للزمالك الأفضل لصالح الأهلي الأقل حظوظًا قبل انطلاق المباراة، تعود لشخصية البطل التي لطالما تمتع بها النادي الأحمر، حيث لا يعرف سوى الفوز حتى في أحلك الظروف والأوقات، هذا ما جعل من في الملعب يلعبون بهدف واحد هو الفوز ولا غير، وظهرت روح القميص الأحمر كما يقولون عليها جلية في الشوط الأول ولم يظهر لأي أحد أن بالشياطين الحمر أي غيابات أساسية لنجوم الصف الأول بالفريق عن لقاء القمة.

الأمر نفسه ولكن بزاوية أخرى شاهده الجميع في مستوى وأداء البدلاء الذين شاركوا بدل النجوم المصابة مثل الشناوي ومعلول وهاني وأجاي وغيرهم، فظهر الحارس البديل علي لطفي بأفضل صورة ممكنة رغم التخوفات الكثيرة منه قبل انطلاق القمة، وكذلك رامي ربيعة وبيكهام رغم تسببهما في ركلة الجزاء التي احتسبت على الفريق.

وكذلك يظل لغز تراجع مستوى حسين الشحات مستمرًا، فيما واصل طاهر محمد طاهر تذبذبه رغم حصوله على الفرصة كاملة، إلا أن السولية وديانج وأفشة وأيمن أشرف وبانون كانوا من نجوم المباراة، خلف نسر الأهلي الأبرز والأول في هذه القمة محمد شريف صاحب هدفي الفوز الرائعين.