لا صوت يعلو في عالم كرة القدم الأوروبية والعالمية حاليًا على صوت فكرة دوري السوبر الأوروبي “السوبر ليج”. وهو المقترح الذي شرع في تطبيقه 12 ناديًا من أكبر أندية القارة العجوز، قررت الانفصال عن المسابقات الأوروبية وتأسيس مسابقة خاصة بها. بغرض الاستحواذ على نسب ضخمة من العوائد المالية سواء عقود البث أو الرعاية. وقد تجاهلت الأندية المؤسسة لدوري السوبر الأوروبي تحذيرات الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم من خطورة الإقدام على مثل هذه الخطوة. ومضت قدمًا في مشروعها الجديد الذي يضم نخبة أندية أوروبا خاصةً إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا: آي سي ميلان – آرسنال – أتلتيكو مدريد – تشيلسي – برشلونة – إنتر ميلان – يوفنتوس – ليفربول – مانشستر سيتي – مانشستر يونايتد – ريال مدريد – توتنهام.

وعلى عكس ما ظنه الجميع من أن فكرة دوري السوبر الأوروبي خيالية غير قابلة للتحقيق، اتخذت الأندية الـ 12 خطوتها الأولى ببيان رسمي مساء الإثنين. وهي الخطوة التي لاقت ردود فعل حادة على جميع الأصعدة. وبالأخص الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الذي توعد هذه الأندية ولاعبيها بالحرمان من كل المسابقات المحلية والدولية. ذلك في حال إصرارها على تطبيق الفكرة.

السوبر ليج.. ما هي الخطوة التالية؟

بيان الأندية الـ12 تزامن أيضًا مع تعديل اليويفا أنظمة مسابقاته الأوروبية بداية من موسم 2024/2025. وهو القرار الذي لم يقابل بالشغف المفترض مع ترقب الجميع للخطوة التالية فيما يخص الأندية الـ12. سواء في مسابقاتها المحلية (البريميرليج، الليجا والسيريا أي) أو دوري الأبطال والدوري الأوروبي.

يتزعم فلورنتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد، هذا التحالف الذي أعلن عن كافة تفاصيله في توقيت متأخر من مساء الأمس. مع تولي مالك نادي مانشستر يونايتد ومالك نادي يوفنتوس منصب نائب الرئيس.

فلورنتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد
فلورنتينو بيريز، رئيس نادي ريال مدريد

وتتصاعد حاليًا تساؤلات عشاق الساحرة المستديرة حول البطولة القارية الجديدة. وما هي الأسباب التي دفعت إلى إطلاقها في هذا التوقيت. وكذلك كيفية تمويلها. فضلاً عن مستقبل الكأس ذات الأذنين، في إشارة إلى دوري أبطال أوروبا، الذي أسر جماهير الكرة على مدار عقود طويلة.

محطة فارقة في تاريخ الكرة

في ساعة مبكرة من يوم الإثنين، أعلن 12 ناديًا أوروبيًا كبيرًا إطلاق “دوري السوبر” بقيادة رئيس نادي ريال مدريد. وذلك بعد أكثر من عقد كامل جرى خلاله التلميح في أكثر من مرة إلى إمكانية إشهار البطولة. وتحدَّت الأندية الـ12 تهديدات شديدة اللهجة من الفيفا واليويفا واتحادات كروية نافذة بالقارة العجوز. فضلاً عن تصريحات مماثلة أطلقها سياسيون بارزون. فيما بدا أنه معركة كسر عظم وعض أصابع بين مختلف الأطراف ذات العلاقة.

وبحسب البيان، يستهدف دوري السوبر بدء منافساته بأقصى سرعة ممكنة. كاشفًا أن الأندية المؤسسة ستحصل على 3.5 مليارات يورو (4.2 مليارات دولار)، لدعم خطط الاستثمار في البنية التحتية لمواجهة تداعيات جائحة كورونا.

من جانبها، نقلت صحيفة “ماركا” الإسبانية عن رئيس السوبر الأوروبي، فلورنتينو بيريز، قوله: “إننا سنأخذ كرة القدم إلى المكان الصحيح في العالم، وحيث يجب أن تكون”. مضيفًا: “إن كرة القدم هي الرياضة العالمية الوحيدة في العالم التي تضم أكثر من 4 مليارات مشجع، ومسؤوليتنا هي الاستجابة لرغباتهم”.

في سياق متصل، أرسلت “إس إل كو” الممثلة لدوري السوبر الأوروبي، خطابًا إلى رئيسَي الاتحادين الدولي والأوروبي يدعوهما إلى التعاون. مع إبلاغهما باتخاذ الشركة إجراءات قانونية للتصدي للتهديدات باستبعاد أنديتها ولاعبيها من البطولات الأخرى.

تحذير الفيفا ووعيد اليويفا

الاتحاد الأوروبي استبق الإعلان الرسمي بتلويحه بعقوبات تاريخية وغير مسبوقة ضد الأندية المشاركة في البطولة القارية الموازية لدوري أبطال أوروبا. وأكد اليويفا في بيان مشترك مع اتحادات ورابطات كرة القدم بإنجلترا وإسبانيا وإيطاليا، أنه سيكون برفقة الفيفا وكل الاتحادات متحدين لإيقاف هذا المشروع المعيب القائم على المصلحة الذاتية لأندية قليلة ملوحًا بتدابير قضائية ورياضية.

وهدد اليويفا الأندية الـ12 بعقوبات رادعة، تصل لحد الحرمان من اللعب في المسابقات المحلية والقارية والعالمية. فضلاً عن منع اللاعبين من تمثيل منتخبات بلادهم. وذلك بالتنسيق مع الفيفا والاتحادات والروابط المحلية في البلدان الثلاثة.

وفي أول قرار فعلي، اعتمد الاتحاد الأوروبي الصيغة الجديدة لدوري الأبطال بمشاركة 36 ناديًا بداية من 2024. في مؤشر على استمرار اليويفا في خططه وتجاهله المستجدات التي طرأت قبيل ساعات من اجتماعه الحاسم. كما أكد رئيس اليويفا ألكسندر تشيفرين، حرمان لاعبي أندية دوري السوبر الأوروبي من المشاركة مع منتخبات بلادهم في كأس العالم وكأس أمم أوروبا.

الاتحاد الدولي للعبة “فيفا” كذلك لحق باليويفا، مؤكدًا رفضه إقامة دوري أوروبي انفصالي مغلق خارج إطار كرة القدم الدولية. مبينًا في بيان مشترك مع ستة اتحادات قارية أنه سيتم منع كل نادٍ أو فريق ينضم لهذا المشروع من الانضمام لأي منافسة تديرها الفيفا وشركاؤها.

نظام السوبر ليج والامتيازات الضخمة

يضمن نظام البطولة الجديدة مشاركة 20 فريقًا، من بينها الأندية الـ15 المؤسسة. فيما ستمنح خمسة أماكن من خلال نظام تأهل سنويًا وسط حديث عن انطلاقها في أغسطس المقبل.

صحيفة “ماركا” الإسبانية ذكرت أن بنك “جي بي مورجان” الأمريكي سيتولى دعم المشروع ماليًا. حيث سيحصل الفريق البطل على نحو 400 مليون يورو. وهو مبلغ ضخم يبلغ أكثر من 3 أضعاف الـ120 مليون يورو التي يمنحها اليويفا للفائز بدوري أبطال أوروبا كل عام.

ووفق الصحيفة المدريدية، ستتضاعف أموال البث التلفزيوني لتصل قيمتها إلى 10 مليارات يورو. مقارنة بـ4 ملايين حققها الاتحاد الأوروبي عام 2020 من البث التلفزيوني لكل مسابقاته.

وفيما يتعلق بنظام البطولة، ستنقسم الفرق الـ20 المشاركة إلى مجموعتين، يتأهل أول 3 أندية من كل مجموعة إلى دور الثمانية. فيما يتقابل أصحاب المركزين الرابع والخامس في المجموعتين لإكمال عقد المتأهلين لربع النهائي.

البريميرليج يعترض ومورينيو أبرز ضحايا السوبر ليج

نددت رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز بأي اقتراح يهاجم مبادئ المنافسة المفتوحة والجدارة الرياضية. وقالت إن دوري السوبر سيقوض جاذبية اللعبة بأكملها. فيما وصف أسطورة التدريب السير أليكس فيرجسون دوري السوبر بأنه سيؤدي إلى تراجع كرة القدم الأوروبية 70 عامًا.

كما رفض البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب توتنهام هذا الأمر، واستنكر موافقة ناديه ورئيسه دانييل ليفي على المشاركة بالبطولة الجديدة. ووصل به الأمر لمنع لاعبيه من التدريبات اعتراضًا على ذلك. قبل أن تتم إقالته من منصبه نتيجة موقفه الرافض هذا. ودفع ثمن ذلك غاليًا بالطرد من وظيفته قبل 6 أيام من نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة أمام مانشستر سيتي.

السياسة تدخل هذه المعركة أيضًا

لم يقتصر حجم التنديد بالبطولة الجديدة على الهياكل الكروية القارية والدولية. بل كان هناك حضور سياسي في الأزمة. إذ تعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بالتصدي لـ”دوري السوبر”، داعيًا الأندية المعنية إلى الاستجابة لمشجعيها ومجتمع كرة القدم قبل اتخاذ أي خطوات أخرى. بينما رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بموقف أندية بلاده الرافضة للمشاركة في المشروع الوليد. ليصطف إلى جانب الاتحاد الأوروبي في معركته الباردة مع عمالقة الليجا والبريميرليج والكالتشيو. وأكد البيان الصادر عن قصر الإليزيه أن باريس ستدعم الاتحاد الفرنسي ورابطة الدوري واليويفا والفيفا. ذلك لحماية نزاهة المسابقات الاتحادية (وطنية أو أوروبية).