في محاولة جديدة لوقف التصفية المزمعة في حق شركة الحديد والصلب، قالت دار الخدمات النقابية والعمالية إن عددا من مالكي أسهم المؤسسة المصرية بالتعاون مع دار الخدمات النقابية أقاموا دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري.
أقيمت الدعوى رقم 44533 لسنة 75 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد كلٍ من وزير قطاع الأعمال العام بصفته، ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية ورئيس الجمعية العامة لشركة الحديد والصلب المصرية بصفته لإلغاء قرار التصفية.
وخلال بيان من الدار، طالب المدعون في دعواهم بإلغاء قرار وزير قطاع الأعمال العام رقم 1/1/2021 الصادر بتأسيس شركة الحديد والصلب للمناجم والمحاجر مع كافة ما يترتب عليه من آثار أخصها تصفية شركة الحديد والصلب المصرية وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون عليه.
وتابع البيان أنه أوردت صحيفة الدعوى أسباباً متعددة للطعن على القرار المذكور، وجاء بها أن تقسيم شركة الحديد والصلب المصرية لشركتين قاسمة ومنقسمة، وتأسيس الشركة المنقسمة الجديدة بموجب هذا القرار إنما يبتغي غرضًا غير ممكن من الناحية الواقعية، وتترتب عليه أضراراً محققة.
الدعوى حددت أضرار التصفية
وعدد البيان هذه الأغراض في عدد من النقاط وقال إن “تصنيع مكورات الحديد من الخام المصري قد أثبتت الدراسات أنه يكاد يكون مستحيلاً فإننا نكون أمام مخاطر إغلاق هذه الشركة المنقسمة وإهدار الخام المصري المتوفر بكثرة”.
كما أضاف أن “شركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية التي أنشئت خصيصًا لكي تتكامل مع شركة الحديد والصلب المصرية وتمدها بالفحم اللازم لها مهددة هي الأخرى بالتوقف والتصفية، وإيقاف الفرن الرابع الذي يعمل الآن في شركة الحديد والصلب المصرية مما يعني خسارة مباشرة قدرها نصف مليار جنيه تقريباً”.
وفي الأضرار أيضا اعتبر البيان أن “تصفية البنية التحتية لشركة الحديد والصلب المصرية بما تحتويه من محطات غاز، وكهرباء، وسكك حديدية، يمثل أيضاً خسارة كبيرة، كما أن الكثير من هذه المحطات والشبكات يمتد إلى أعماق بعيدة تحت الأرض الأمر الذي يجعل الاستفادة من هذه الأرض لغير الغرض الذي أُعدت له أمراً شديد الصعوبة”
فضلاً عن الصناعات التي تتكامل مع شركة الحديد والصلب والتي تتضرر بالقطع من تصفية هذه الشركة.
كما أشار البيان إلى أن هيئة الدفاع عن العمال وحاملي الأسهم تشكلت في كلٍ من الدكتور أحمد حسن البرعي، أستاذ التشريعات الاجتماعية، ووزير القوى العاملة الأسبق، والدكتور محمد طه عليوة عضو مجلس الشيوخ، محسن البهنسي، أشرف الشربيني، ورحمة رفعت.
سياسة تصفية الحديد والصلب بدأت مبكرا
الدعوى ليست هي الأولى من نوعها ففي يناير الماضي، إذ أقام عدد من عمال شركة الحديد والصلب المصرية بالتعاون مع دار الخدمات النقابية والعمالية أيضا، دعوى رقم 26731 لسنة 75 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد كلٍ من رئيس مجلس الوزراء بصفته، ورئيس الهيئة العامة للاستثمار بصفته، ووزير قطاع الأعمال العام بصفته، ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية ورئيس الجمعية العامة لشركة الحديد والصلب المصرية بصفته، مطالبين بإلغاء القرار الصادر بتصفية الشركة، وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ هذا القرار.
وكانت الجمعية العامة غير العادية للشركة، قد قررت في يناير الماضي، تصفيتها بعد الموافقة على تقسيمها إلى شركتين وهما، شركة الحديد والصلب التي جرت تصفيتها، وشركة المناجم والمحاجر التي من المفترض أن يدخل القطاع الخاص شريكاً فيها لتشغيلها خلال المرحلة المقبلة.
وبلغ قوام الشركة عندما بدأ العمل بها قرابة 25 ألف عامل، في المقابل تقول وزارة الاستثمار إن قرارها جاء بعد فشل محاولات كثيرة لوقف نزيف الخسائر، وأن الأولوية حاليا هي الحفاظ على حقوق ومكتسبات العاملين، واعطائهم كافة الحقوق المكفولة لهم قانونا.
وعبر سنوات تراجع عدد عمال الشركة سنويا نتيجة وقف التعيينات الجديدة بالشركة منذ عام 2014 حيث بلغ عدد العمال في عام 2013 نحو 10 آلاف عامل، فيما يقول العمال أن الشركة تتوسع منذ 3 سنوات في تطبيق برنامج المعاش المبكر بشكل شبه إجباري، وهذا ما يفسر تقلص عدد العمال إلى نحو 2500 عامل في أقل من 5 سنوات.
وتضم الشركة 4 أفران للإنتاج، اثنان منها متوقفان بشكل كامل، وهذا يعني أن الشركة تعمل بنحو 50% من طاقتها الإنتاجية، بالإضافة إلى أن مجلس إدارة الشركة يرفض إجراء صيانة أو إعادة هيكلة الأفران”.
من جانب آخر، عزا بعض المحللين محاولات تصفية مصنع الحديد والصلب، الذي تم بناؤه بالاكتتاب الشعبي العام، بسبب مساحة أرضه التي تبلغ 2500 فدان، وليس بسبب الخسائر التي لحقت به.
ووفقا لدراسة وضعتها الشركة، يمكن الاستمرار في حال ضخت استثمارات عاجلة لتنفيذ خطة التطوير الضرورية على مدى ثلاث سنوات، وفرض رسوم وإجراءات خاصة على المنتجات التي تنفرد بها والتصرف في بعض الأراضي المملوكة لها داخل المدينة السكنية وكذلك الشقق السكنية والفيلات وخارج أسوار الشركة للاستفادة منها في تحسين أوضاع الشركة المالية وزيادة قدرتها على الوفاء بالتزامها تجاه الموردين والغير.
ووفقا للدراسة التي وضعها مجالس إدارات الشركة وتم عرضها على الجمعية العمومية، في يناير 2021، فإنه كان يمكن تطوير الشركة بمبلغ يوازي 2 مليار جنيه، وهو المبلغ نفسه المستحق للعمال كتعويضات في حال التصفية.
وتأسست الشركة العريقة منذ 66 عام 1954، كما أسهمت في بناء حائط الصواريخ التي شيدته القوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر عام 1973، وكان لها دور كبير في بناء جسم السد العالي الذي شيدته القاهرة منتصف القرن الماضي.
وشركة الحديد والصلب المصرية، هي الشركة الحكومية الوحيدة بقطاع إنتاج الحديد، ولذلك يحذر الخبراء من في حال التصفية من احتكار القطاع الخاص للأسعار، وتدهور الصناعة كسائر الصناعات التي سبق وأن مرت بمرحلة الخصخصة.