في انتصارٍ جديد للمرأة، أصدرت وزارة القوى العاملة قرارًا جديدًا ينظم عمل النساء ليلاً، وحظر تشغيلهن في بعض الأعمال التي تعرض حياتهن للخطر، فضلاً عن عمل المرأة أثناء فترة الحمل والرضاعة.
القرار الذي جاء بعد مطالب نسائية خلال السنوات الماضية، نُشر فى جريدة الرسمية وبدأ تطبيقه فورًا. ونصت المادة الأولى من القرار رقم 43 لسنة 2021 على أنه: “لا يجوز تشغيل النساء في العمل تحت سطح الأرض في المناجم والمحاجر أيًا كان نوعها، وكافة الأعمال المتعلقة باستخراج المعادن والأحجار من باطن الأرض”.
ويستثنى من المادة النساء اللاتي يشغلن مناصب إدارية، ولا يؤدين أعمالاً يدوية، والنساء العاملات في الخدمات الصحية أو خدمات الرعاية، واللاتي يقضين أثناء دراستهن فترة تدريب في أقسام المناجم، وأيِّ نساء أخريات يتعين عليهن النزول –بعض الوقت- إلى أقسام المناجم لأداء عمل غير يدوي.
عمل المرأة في قطاع التعدين والمحاجر
وتعمل المرأة في قطاع التعدين والمحاجر بعدد ساعات يفوق الرجل بمتوسط 53 ساعة لعمل الإناث أسبوعياً في مقابل 49 ساعة للذكور، بحسب إحصائية الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في 2019.
الأمر نفسه ينطبق على قطاعات المياه والصرف الصحي ومعالجة النفايات، فقد بلغ متوسط ساعات عمل المرأة 52 ساعة أسبوعيًا، في مقابل 51 ساعة للذكور. وفي مجال البناء، بلغ متوسط ساعات عمل المرأة 52 ساعة أسبوعيًا في مقابل 51 ساعة للذكور العاملين بالمجال نفسه.
ويفيد تقرير صادر عن البنك الدولي في فبراير عام 2019، بأن 70% من النساء في العالم يضطررن إلى تعديل خياراتهن المهنية، في ظل قوانين تمنعهن من العمل في وظائف معينة. كما أن القوانين في نحو 103 دول حول العالم تمنع النساء من العمل في بعض المهن، أو العمل ليلاً.
حظر تشغيل النساء خلال فترة الحمل والرضاعة
وجاءت المادة الثالثة، بحظر تشغيل النساء خلال فترات الحمل والرضاعة المقررة قانونًا في الأعمال والأحوال التي تحتوي على مخاطر تضر بصحتهن الإنجابية أو صحة أطفالهن أو أجنتهن، وتشمل المخاطر الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية والهندسية.
ومع عدم الإخلال بحقوق الأمومة المقررة قانونًا للمرأة العاملة، يجوز تشغيل النساء أثناء فترات الحمل والرضاعة في الأعمال الإدارية والإشرافية التي لا يتعرضن فيها للمخاطر.
تشغيل النساء ليلاً
وفيما يتعلق بعمل النساء ليلاً، أجازت المادة الأولى من القرار رقم 44 لسنة 2021، بشأن تشغيل النساء ليلا، بناءً على طلبهن- العمل أثناء فترات الليل في أى منشأة أيًا كان نوعها على أن تتخذ بشأنهن التدابير اللازمة لحماية صحتهن ومساعدتهن على أداء مسؤوليتهن العائلية وتلقي الرعاية الصحية لتجنت المشاكل الصحية المرتبطة بالعمل.
ويلتزم صاحب العمل بتوفير عمل نهاري بديل عن العمل الليلي للمرأة العاملة، خلال فترة 16 أسبوعًا على الأقل قبل وبعد الوضع، منها 8 أسابيع على الأقل قبيل التاريخ المرجح للوضع. وخلال فترة إضافية أخرى- زيادة عن الفترة السابقة- وذلك بناءً على شهادة طبية تفيد بأنها ضرورية للمحافظة على صحة الأم أو الطفل أثناء فترة الحمل أو بعد الوضع.
ويكون تشغيل النساء ليلاً في أية منشأة صناعية أو أحد فروعها في الفترة من الساعة 10 وحتى 7 صباحًا، وفقًا لضوابط والضمانات المنصوص عليها.
وعرّف القرار المنشأة الصناعية بتلك التي تشمل على الأخص المناجم والمحاجر، والمنشأت التي يجرى فيها تصنيع المواد وتعديلها وتنظيفها، والمنشأت التي تعمل في مشروعات البناء والهندسة المدنية.
حالات مستثناة
يستثنى من أحكام المادة 3 و 4، حالات القوة القاهرة التي يتوقف فيها العمل لأسباب خارجة عن إرادة صاحب العمل، والعمل في المنشأت التي يستخدم فيها أفراد الأسرة، إذا كان العمل يتعلق بمواد أولية أو تحضيرية يمكن فسادها بسرعة، ويتحتم العمل الليلي لتفادي خسارة محققة، والحالات التي يشغلن فيها النساء مراكز مسؤولة ذات طابع إداري أو فني، والحالات التي يعملن في أقسام الرعاية الصحية والاجتماعية ولا يشغلن في أعمال يدوية.
وبناءً على ذلك، ألزمت المادة 6 صاحب العمل بتوفير وسائل نقل العاملين أثناء فترات الليل وتوفير الانتقال الآمن للنساء. كما لا يجيز القرار تشغيل النساء ليلا خلال 3 أشهر التي تسبق الوضع ويجوز لصاحب العمل في هذه الحالة نقل العاملات إلى عمل نهاري دون المساس بأجرها.
وفي المادة 8 من القرار، ألزمت صاحب العمل بالتقدم بطلب إلى مديرية القوى العاملة للحصول على موافقة مكتوبة بتشغيل النساء ليلا في الأحوال التي يجوز فيها ذلك، على أن يشمل المبررات والضمانات التي يتم اتخاذها.
إغلاق المنشأة
ويجوز للجهة الإدارية غلق المنشأة كليًا أو جزئيًا أو إيقاف الآلالات لحين زوال سبب الخطر في حال عدم التزام المنشأة وفروعها باتخاذ الاحتياطات والاشتراطات المقررة لدرء الخاطر الناجمة عن العمل.
المجلس القومي للمرأة: قرار تاريخي
“قرارات عمل تاريخية صدرت تؤكد إيمان الدولة بدور المرأة في التنمية الاقتصادي“، هكذا رأت الدكتورة مايا مرسى رئيسة المجلس القومي للمرأة القرار الجديد. وأضافت أن “هذه القرارات تمثل نصرًا جديدًا يضاف إلى سجل انتصارات المرأة المصرية فى ظل وجود إرادة سياسية تؤمن بقدرات المرأة وطاقاتها الإنتاجية”.
وأوضحت أن “القرار يلغي أي قرارات أو نصوص سابقة تتعارض مع أحكامه التي جاءت لتؤكد أن حق العمل مكفول للمرأة فى المهن والأعمال والأوقات المختلفة”.
وتضيف أن القرار الجديد “يكفل الحق في الرعاية والحماية والخدمات المرتبطة بالعمل ليلاً مثل الانتقال الآمن والرعاية الصحية، ويضمنها أصحاب الأعمال”. كما تمنّت المزيد من المشاركة الفعالة للمرأة المصرية فى جميع القطاعات والمهن والأعمال.
وألزم القرار وحدة المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمـرأة، بالتنـسيق مـع الإدارات المختصة بالوزارة، والمجلس القومي للمرأة، لإعادة النظر بصفة دورية في أحكام هذا القرار لمواجهة أية تطورات أو مستجدات تطرأ في مواقع العمل والإنتاج.
وحدة المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة
وكان وزير القوى العاملة أصدر قرارًا رقم 1 عام 2019، لإنشاء وحدة المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمـرأة تهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة فى مجال العمل، وتمكين المرأة اقتصاديا، فضلاً عن التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، وتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص.
وتشكلت الوحدة برئاسة وزير القوى العاملة، وعضوية اثنين من الشخصيات العامة والخبراء يختارهم، ومثلهم من المجلس القومي للمرأة، فضلا عن المستشار القانوني لوزير القوى العاملة، ومدير عام الإدارة العامة لشئون المرأة والطفل، وممثلين عن الإدارة المركزية للتدريب المهني، والموارد البشرية، والتشغيل ومعلومات سوق العمل، والعلاقات الخارجية بالوزارة.
وفي نوفمبر 2020، شاركت وزارة القوى العاملة في أولي الورشة التدريبية لوحدات المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة التي أقيمت بمحافظة الإسكندرية.
القرارات أنصفت الممرضات
ومن جانبها، اعتبرت الدكتورة كوثر محمود نقيب التمريض، أن تلك القرارات أنصفت النساء ومبدأ تكافؤ الفرص وخاصة الممرضات.
ولفتت نقيب التمريض في تصريحات لـ”مصر 360″، إلى ضرورة إبلاغ وزارة القوى العاملة وزارة الصحة لتنفيذ مواد القانون، قائلة: “لا بد من قرارات مباشرة”.
وتشير محمود إلى أن الممرضات الحوامل ممن تخطوا شهرهن السادس يعانين في العمل من خلال إجبارهن على العمل بفترة النوباتجية (الشفت المسائي)، بالمخالفة للقانون المنظم لهذا الأمر، في الوقت الذي لا يتم تطبيق ذلك على الطبيبات، كما يعانين من بعد المسافة العمل عن منزلهن.
واعتبرت الباحثة بقضايا العمل والمرأة منى عزت، إصدار القرارين 43 و 44 خطوة إيجابية من أجل رفع التمييز تجاه النساء في مجال العمل وإتاحة فرصة لتكافؤ الفرص بين النساء والرجال في مجال العمل.
وأوضحت عزت أنه بموجب القرارين جرى إلغاء القرارين 183 و155 المتعلقين بالمادتين التاليتين في قانون العمل رقم 12. وعلى مدى سنوات طويلة استمرت المطالبة بإلغاء هاتين المادتين اللاتين كانتا تمثلان وصاية على النساء وتمييز ضدهن.
مواد ملغاة
وألغى القرار الجديد المواد 89 و 90 من قانون العمل رقم 12 ، والتي تنص على الأولى: “يصدر الوزير المختص قراراً بتحديد الأحوال والأعمال والمناسبات التي لا يجوز فيها تشغيل النساء في الفترة ما بين الساعة السابعة مساءً والسابعة والسابعة صباحا”. كما نصت المادة 90: “يصدر الوزير المختص قراراً بتحديد الأعمال الضارة بالنساء صحياً أو أخلاقياً وكل الأعمال التي لا يجوز تشغيل النساء فيها”.