قالت منظمة العفو الدولية إن أربعًا من أصل الدول الخمس الأوائل المنفذة للإعدامات في العالم خلال 2020 هي من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وإن عدد الإعدامات المسجل بمصر ارتفع أكثر من ثلاثة أضعاف، متجاوزًا بذلك المملكة العربية السعودية. لتصبح مصر ثالث أكثر دولة تنفيذًا للإعدامات في العام الماضي.

ووفق التقرير السنوي لـ”أمنستي”، فقد استأثرت إيران بتنفيذ 246 حكم إعدام مسجل، ومصر 107، والعراق 45، والسعودية (27). ذلك بنسبة 88% من كافة عمليات الإعدام المبلّغ عنها عالميًا في 2020. وهي نسبة مسجلة دون احتساب الصين، التي يعتقد بأنها تعدم آلاف الأشخاص كل عام. ما يجعلها الدولة الأكثر تنفيذًا للإعدامات في العالم، وفق التقرير.

مصر نفذت إعدامات لم تشهدها السعودية والعراق

وقد انخفض إجمالاً عدد عمليات الإعدام المسجلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 25%. ما أوصله إلى أدنى مستوياته في عقد من الزمن. وذلك بتراجع من 579 عملية إعدام في 2019 إلى 437 في 2020. إلا أن هذا الانخفاض بمعظمه يأتي جراء تراجع هائل بلغ 85% في عمليات الإعدام المسجلة في السعودية. فضلاً عن انخفاض بأكثر من النصف في عمليات الإعدام في العراق.

بيد أن هذا التراجع في السعودية والعراق واجهه ارتفاع حاد في عدد عمليات الإعدام المسجلة في مصر؛ ففي شهري أكتوبر ونوفمبر أعدمت مصر ما لا يقل عن 57 شخصًا -قرابة ضعف عدد الأشخاص الذين عُرف أنهم أُعدموا في مصر في عام 2019 ككل. وكانت مصر سجلت عدد إعدامات بلغ 32 في 2019 وارتفع إلى 107 في 2020.

وقالت هبة مرايف مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا إنه في حين أن إجمالي عدد الإعدامات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد انخفض مقارنةً بالأعوام السابقة. إلا أنه لا يزال يفوق بمراحل عدد الإعدامات المسجلة في سائر أنحاء العالم باستثناء الصين”.

مصر أعدمت 4 نساء في 2020

وباستثناء الصين، فإن 437 من أصل ما مجموعه 483 عملية إعدام مسجلة على مستوى العالم نُفّذت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا -المنطقة الوحيدة التي عُرف أنها أعدمت نساءً في 2020- حيث نُفّذ حكم الإعدام في ما مجموعه 16 امرأة: مصر (4)، وإيران (9)، وعُمان (1)، والمملكة العربية السعودية (2).

أيضًا، سجلت قطر أول عملية إعدام لها منذ 20 عامًا. فأعدمت أنيل تشوداري، وهو مواطن نيبالي، بينما أعدمت عُمان أربعة أشخاص لأول مرة منذ عام 2015. أما إيران فقد نفّذت 246 عملية إعدام على الأقل. وهي تأتي بالمرتبة الأولى في قائمة الدول المنفذة للإعدامات في منطقة الشرق الأوسط، وبالمرتبة الثانية في العالم بعد الصين.

وأضافت مرايف أنه “ينبغي على الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تفرض وقفًا رسميًا على تنفيذ عمليات الإعدام تمهيدًا لوضع حد نهائي لاستخدام عقوبة الإعدام، بدلاً من تعزيز التزامها بتنفيذ عمليات إعدام قضائية”.

تقول منظمة العفو إن معدل الإعدامات يبعث على إثارة القلق البالغ. ذلك نظرًا لأن عقوبة الإعدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُطبّق بانتظام عقب محاكمات لا تستوفي المعايير الدولية للمحاكمات العادلة. مشيرةً إلى أحكام بالإعدام في عام 2020 على أفعال لا يجوز تجريمها وغير ذلك من الجرائم التي لا تصل إلى حد “أشد الجرائم خطورة”، أي جرائم قتل عمد، حسبما يقتضي القانون الدولي.

هنا، يرصد تقرير “أمنستي” أنه صدر بحق ما لا يقل عن 23 شخصًا من أصل الـ 107 أشخاص أُعدموا في مصر حكمًا بالإعدام في حالات تتعلق بالعنف السياسي. بعد محاكمات “بالغة الجور” شابتها “اعترافات قسرية” وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ومن ضمنها التعذيب، وحالات الاختفاء القسري.

وقد ارتفعت عمليات الإعدام في مصر ارتفاعًا شديدًا في أعقاب حادث أمني وقع في شهر سبتمبر له صلة بسجناء ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقهم في سجن العقرب “سيئ السمعة”.

الإعدامات في السعودية وإيران

حسب التقرير أيضًا، سجلت السعودية أدنى رقم منذ 2010 في عدد الإعدامات التي نفذتها خلال 2020. إذ تراجعت هذه العمليات من 184 عملية في 2019 إلى 27 في 2020. وهو ما عزته هيئة حقوق الإنسان السعودية إلى “وقف تنفيذ عقوبة الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات”.

منظمة العفو الدولية تشير أيضًا إلى أنه ربما  يعود التراجع أيضًا إلى التعطيل الذي سبّبه تفشي وباء فيروس كوفيد-19، ورغبة في تجنب طغيان الانتقادات الدولية على رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين واستضافتها لقمتها، فالمملكة طيلة الأشهر الخمسة التي سبقت انعقاد قمة مجموعة العشرين لم تُنفّذ أي عمليات إعدام في السعودية. لكن هذه العمليات سرعان ما استؤنفت عقب انتهاء رئاسة البلاد لمجموعة العشرين في 30 نوفمبر.

كذلك، في إيران أُعدم ثلاثة أشخاص على الأقل بسبب جرائم وقعت عندما كانوا دون سن الثامنة عشرة. وذلك في انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يُحظّر استخدام عقوبة الإعدام بحق الجانحين الأحداث.

 

وأوضحت المنظمة أن عمليات الإعدام المسجلة في إيران استمرت في الانخفاض عن السنوات السابقة في أعقاب تعديلات أُدخلت في 2017 على قانون مكافحة المخدرات. وخفّضت العقوبات على الجرائم المتعلقة بالمخدرات، إلا أن 23 شخصًا أُعدموا بسبب جرائم تتعلق بالمخدرات في 2020.

كذلك استخدمت السلطات على نحو متزايد عقوبة الإعدام كسلاح للقمع السياسي للمعارضين والمحتجين. وأيضًا أفراد جماعات الأقليات العرقية، في انتهاك للقانون الدولي. ففي ديسمبر أُعدم الصحفي المعارض روح الله زم بسبب قناته الإخبارية على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي المناهضة للمؤسسة الحاكمة. وذلك عقب إدانته في محاكمة “بالغة الجور”.

عدد عمليات الإعدام العالمية يهبط إلى أدنى مستوى

عالميًا، سجل ما لا يقل عن 483 شخصًا أُعدموا في 2020. ذلك باستثناء الدول التي تُعدّ فيها البيانات المتعلقة بعقوبة الإعدام من أسرار الدولة. أو حيث تتوفر معلومات محدودة فقط – أي الصين، وكوريا الشمالية، وسوريا، وفيتنام. وهذا أدنى عدد من عمليات الإعدام تسجله منظمة العفو الدولية في عقد من الزمن على الأقل. ويمثل انخفاضًا بنسبة 26% قياسًا بعام 2019. وبنسبة 70% عن الذروة العالية التي بلغت 1,634 عملية إعدام في 2015.

يعزى التقرير هذا التراجع في عدد عمليات الإعدام إلى انخفاضه في بعض الدول التي تحتفظ بعقوبة الإعدام. وبدرجة أقل إلى بعض حالات توقف تنفيذ الإعدامات التي حدثت في مواجهة تفشي الوباء.

وقد انخفض عدد أحكام الإعدام التي عُرف أنها صدرت في العالم (1477 على الأقل) بنسبة 36% مقارنةً بعام 2019. واعتبارًا من أبريل 2021، ألغت 108 دول عقوبة الإعدام بالنسبة لجميع الجرائم، وألغتها 144 دولة في القانون أو الممارسة.