مع تصدر سوهاج المحافظات الأعلى إصابة بكورونا تزامنًا مع الموجة الثالثة التي تضرب البلاد حاليًا، حذرت نقابة الأطباء من التباطؤ في تطعيم الفرق الطبية باللقاح. مشيرةً إلى أكثر من 55 طبيبًا توفوا خلال الأسبوعين الماضيين، بإجمالي يقترب من 500 حتى الآن منذ بدء الجائحة.
وكانت البلاد سجلت أمس 855 إصابة جديدة و42 حالة وفاة، ليصل بذلك إجمالي الإصابات إلى 218041 توفي منها 12820 بينما تعافى 164368.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة تسجيل مليون و350 ألف مواطن حتى الآن لتلقي لقاح كورونا. جرى تطعيم 350 ألفًا منهم فعليًا. لكن دون أن توضح البيانات الرسمية تفاصيل هذه الإحصائية. في وقت أكد أمين عام نقابة الأطباء الدكتور أسامة عبد الحي أن التطعيم لم يقدم سوى لـ 10% فقط من الفرق الطبية العاملة بالبلاد.
وفي الأيام الماضية، تم الإعلان عن تلقي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ وأسرهم الجرعة الأولى من لقاح كورونا بناء على تكليف من رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي. لذا يتساءل عبد الحي: كيف يتم التطعيم لكل الفئات ولباقي أفراد المجتمع في حين لم ينته تطعيم الأطباء المتصدين للوباء؟
عشوائية التوزيع
في يناير الماضي، بدأت حملة التطعيم ضد كورونا في مصر، حينها أعلنت وزيرة الصحة أن الأطباء العاملين بجميع مستشفيات العزل والحميات والصدر ثم باقي المستشفيات الحكومية تباعًا هم أول الفئات التي ستتلقى التطعيم لأنهم الأكثر عُرضة للإصابة. على أن تليهم الفئات الأكثر تضررًا حال إصابتها بالفيروس مثل أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن. ثم باقي المواطنين. إلا أن ذلك لم يحدث في حقيقة الأمر. ولم تكف مناشدات نقابة الأطباء طلبًا لاستكمال تطعيم الفرق الطبية الذي توقف فجأة مع إتاحة التسجيل لتطعيم كافة الفئات دون أولوية.
يتضح إذن، أن أزمة اللقاحات في مصر تعود في أحد أسبابها إلى الشق التنظيمي فيما يتعلق بتحديد الفئات الأولى بتلقي اللقاح. وهو أمر يبرزه تناقض القرارات الرسمية في تحديد هذه الأولوية.
كما أن الشهادات توثق مواطنين من غير الفئات الأولى حصلوا على اللقاح أسرع ممن هم بحاجة ضرورية إليه، وهو ما ترجعه وزارة الصحة إلى تزايد مراكز تلقي اللقاح. فتقول إن المسجلين حديثًا في الأماكن التي تمت إضافتها تم التواصل معهم بشكل أسرع، وهو أمر يبرز عشوائية في تنظيم تلقي اللقاحات في البلاد.
هنا، يوضح عبدالحي أن النقابة سبق وأرسلت في 7 مارس مخاطبة للوزارة لحثها على الإسراع فى تطعيم الأطباء كأولوية أُولى. و”لكن فوجئنا بأن التطعيم يتم لكل الفئات ولباقي أفراد المجتمع فى حين لم ينته تطعيم الأطباء”. مضيفًا أنه في سبيل ذلك “أرسلنا مخاطبةً أخرى لوزارة الصحة نُبدى فيها استعداد النقابة العامة والفرعيات لتقديم أي مساعدة في تطعيم الأطباء. سواء بتخصيص مقرات في جميع المحافظات أو بالمساعدة في تسجيل الأطباء. أو بأى شكل من أشكال المساعدة كما تراه الوزارة مناسبًا حتى يتم الإنجاز على أرض الواقع”. بينما لفت إلى أن عدد كبير من الأطقم الطبية لم يتلق اللقاح رغم التسجيل عبر الموقع الرسمي.
من يرفضون تلقي اللقاح
مع ذلك، فإن هناك عدد من الأطباء يرفض تلقي لقاح كورونا. وذلك أمر يتعلق بثقافة العلاج الذاتي وتفضيل العزل المنزلي وتلقي أدوية بروتوكول وزارة الصحة على تلقي اللقاح أو اللجوء للمستشفيات. وهي ثقافة تمتد أيضًا إلى الأطباء أنفسهم ويعززها التخوف من الآثار الجانبية للقاح. مع انتشار المتداول من تكهنات وأنباء حول اللقاحات.
هنا، تقول الدكتورة منى مينا وكيل نقابة الأطباء الأسبق إننا نواجه أزمة حقيقية يغذيها عدم الاهتمام بتلقي الأطقم الطبية التطعيم أو تثقيف ومناقشة من يرفضون تلقيه نتيجة وجود مخاوف من تأثيره.
وترى منى ضرورة أن الأبحاث العلمية المتعلقة باللقاح تذاع من قبل الوزارة. مشيرةً إلى مبادرات فردية من أطباء مثل “الدكتور محمد أبو الغار، والدكتور علاء عوض، والدكتور أشرف عدوي، والدكتور محمد غنيم” للتوعية والمناشدة بضرورة تلقي اللقاح لم تقم بها الوزارة نفسها، ولم تهتم بإزالة قلق الدكاترة؛ الثروة القومية الحقيقية.
رغم ذلك، تشير منى مينا إلى عدد كبير من الأطباء الموجودين في المستشفيات الخاصة بالعزل سجلوا للحصول على اللقاح ولم يتلقوه بعد، لذا تصف الحاصل حاليًا في مسألة توزيع اللقاح بالعشوائية.
وتقول: “من المفروض أن تبدأ الأطقم الطبية في الحصول على اللقاح وبداخل الأطقم الطبية نفسها هناك أولوية بين أطباء كبار في السن، ومتواجدين في مستشفيات العزل وآخرين أطباء مرضى وأطفال يتعاملون مع قطاع واسع من المرضى، ثم إداريين وهكذا. لكن الحاصل حاليًا أن هناك عشوائية في إعطاء اللقاح”.
ومتفقة مع تحذير نقيب الأطباء بشأن الوضع الخطير، تقول منى إن نسب الوفيات المرتفعة جدًا بين الأطقم الطبية حاليًا تجعلنا بحاجة لمراجعة الإجراءات الاحترازية الفعالة وغير الفعالة، ذلك كما فعلت دول أخرى مثل ألمانيا التي فرضت الكمامة في الأماكن المفتوحة والمغلقة مثلاً.
لماذا التخوف من اللقاح؟
يعلق الدكتور محمد عز العرب، المستشار الطبي لمركز الحق في الدواء، فيقول إن الإقرار الذي يقوم متلقي اللقاح بالإمضاء عليه به بند إخلاء مسؤولية الدولة عن أي أضرار جانبية ناتجة من اللقاح. وهو غير موجود في أي دولة في العالم. في مدينة أبو ظبي مثلاً البند موجود بشكل عكسي، أي أن الدولة تتحمل مسؤولية أي أضرار.
وبالتالي بعض الأطباء يخشون تلقي اللقاح في مصر بسبب بند إخلاء المسؤولية هذا.
الاعتبار الثاني -وفق عز العرب- هو لوجستي بشكل أكبر ومرتبط بعدم وصول اللقاحات بكميات كافية للمستشفيات. رغم أن مصر بها عدد لا بأس به من اللقاحات الحالية المتوفرة لدينا. فضلاً عن أن هناك تأخر في الإجراءات يُعيق تلقي اللقاح في الوقت الملائم وبشكل أسرع. وهو يشدد على ضرورة التحرك على جميع الأصعدة. خاصة وأن عدد المستشفيات في مصر ليس بكبير. وبالتالي الفريق الطبي الأولى بالتطعيم ليس بالضخم. مطالبًا بضرورة إصدار بيانات يومية من الوزارة بمن تلقي اللقاح والعدد لتشجيع وبث الطمأنينة.
واستقبلت مصر حتى أبريل الجاري 854 ألفًا و400 جرعة من لقاح فيروس كورونا المستجد إنتاج شركة “أسترازينيكا”. ذلك كأول دفعة ضمن اتفاقية “كوفاكس”. بالتعاون مع التحالف الدولي للقاحات والأمصال (GAVI). ضمن 40 مليون جرعة يتم استقبالها تباعًا على مدار عام 2021. بالإضافة إلى 50 ألف جرعة تم استقبالها في شهر يناير الماضي. و680 ألف جرعة من لقاح “سينوفارم” على مدار الفترة الماضية.