شهدت الفترة الأخيرة تضاربًا كبيرًا في المعلومات المتعلقة بمدى فاعلية لقاحات كورونا المتوفرة في مصر في ظل ما قيل حول خطورة البعض منها، أو عدم فاعلية أخرى، ما دفع عدد كبير من الدول الأوروبية لوقف تطعيم مواطنيها بأنواع معينة منها أو التحذير من البعض الآخر.
في مصر ثار الجدل حول الأمر في مواقع التواصل الاجتماعي. وقال عدد كبير من المواطنين إنهم قرروا العزوف عن تلقي لقاح كورونا الذي توفره الحكومة. بسبب الخوف من الأثار السلبية المتعلقة باللقاح. حتى أن عددا كبيرا من الأطباء امتنعوا عن تلقي اللقاح خاصة أنه اختياري. كل هذا رغم كل ما أطلقته وزارة الصحة من تطمينات حول اللقاحات المتاحة في مصر.
مبادرات فردية للتوعية بأهمية لقاح كورونا
لكن في المقابل ظهرت بعض المبادرات الفردية من قبل أطباء مثل الدكتور محمد أبو الغار، والدكتور علاء عوض، والدكتور أشرف عدوي. بالإضافة إلى الدكتور محمد غنيم للتوعية بأهمية اللقاح ومناشدة المواطنين على ضرورة التطعيم.
الدكتور محمد أبو الغار رائد عمليات أطفال الأنابيب في مصر خرج في بث مباشر تحدث فيه مع الأطباء والطبيبات عن التطعيم ضد كورونا. وقال إن جميع أنواع اللقاحات الموجودة جيدة ولا يوجد ما يقول علميًا إن اللقاح غير جيد أو دون فاعلية. كذلك لفت إلى أن نسبة كفاءة اللقاح تتراوح بين 45 إلى 60%.
كما أشار إلى أن المضاعفات التي تحدث من اللقاح هي مضاعفات قد تحدث من أيّ دواء آخر. كما أن الحديث عن تسبب بعض أنواع اللقاحات في حدوث جلطات هو حديث عن 20 حالة ضمن 8 ملايين. وهو ما يمكن أن يحدث دون تلقي اللقاح. كما شجع الأطباء على اللقاح في أسرع وقت ممكن.
من ناحيته، قرر الدكتور أشرف العدوي استشاري أمراض الصدر وخبير منظمة الصحة العالمية، الخروج ضمن المبادرات الفردية. ليعلق على أن التباطؤ في تلقي اللقاح هو تساهل غير محمود ولا يجب الانصياع وراء الشائعات. كذلك أضاف أن الملايين تلقوا اللقاح ولم يصابوا بمكروه.
وتابع أنه حتى لو كانت نسبة الإفادة لا تتجاوز الـ50% فهي أفضل من عدم وجود شيء على الإطلاق. كما أن تعاطي اللقاح سيقلل من المضاعفات، وهو الطريقة المثلى للوصول إلى مناعة القطيع.
بينما قال الأستاذ الدكتور محمد غنيم، إن وسائل التباعد الاجتماعي واتخاذ الإجراءات الإحترازية في الأغلب لا يلتزم بها الجميع. ويمكن رؤية ذلك واضحًا في وسائل النقل العام والأحياء الشعبية. وبالتالي فإن الحل الأمثل هو تلقي اللقاح. كما أبدى اندهاشه من عزوف البعض عن تلقي اللقاح حتى بين الفرق الطبية.
فيروس كورونا ومدى فاعلية اللقاح
في مارس الماضي، رد مستشار الرئيس للشؤون الصحية، الدكتور محمد عوض تاج الدين، على أسئلة مُتداولة حول فعالية اللقاح. كما شرح الوضع الوبائي في مصر في الفترة الحالية، وخطة التطعيم ضد الفيروس.
وقال تاج الدين، إن اللقاح ربما سيكون متكررًا على مدار الأعوام الماضية لأن التطعيم لا يمكن أن يعطي مناعة دائمة. وأفاد بأنه لم يتم رصد أية آثار جانبية خطيرة لأي نوع من اللقاحات. كما لفت إلى أن اللقاح يعطي مناعة ونوعًا من الحماية أو الوقاية من الحالات الشديدة أو العنيفة. وقد يحمي من الإصابة بالمرض.
أوضح تاج الدين أننا في مرحلة وباء عالمي، ونعمل على اتخاذ الإجراءات الوقائية الشديدة والاحتياطات والاحترازات كما نتابع تطور المرض في كل العالم.
استقبلت مصر حتى أبريل الجاري 854 ألفًا و400 جرعة من لقاح فيروس كورونا إنتاج شركة “أسترازينيكا”. كأول دفعة ضمن اتفاقية “كوفاكس”. بالتعاون مع التحالف الدولي للقاحات والأمصال (GAVI). ضمن 40 مليون جرعة يتم استقبالها تباعًا على مدار عام 2021. بالإضافة إلى 50 ألف جرعة تم استقبالها في شهر يناير الماضي. و680 ألف جرعة من لقاح “سينوفارم” على مدار الفترة الماضية.
الخوف من اللقاح ومنعه
في الوقت ذاته، اتخذت عدة دول من بينها ألمانيا وإيطاليا وفرنسا قرارًا بتعليق استخدام اللقاح كإجراء احترازي وتحديدًا لقاح “أسترازينيكا” لوجود حالات إصابة بجلطات دموية ظهرت في أوروبا عقب استخدام اللقاح.
الأمر الذي دفع شركة “أسترازينيكا” لإعلان أن هناك نحو 17 مليون شخص في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حصلوا على جرعة من اللقاح. بينما أُبلغ عن أقل من 40 حالة إصابة بجلطات دموية حتى منتصف مارس.
لكن منظمة الصحة العالمية أكدت أنه “لا يوجد دليل” على وقوع حوادث تنطوي على إصابات بجلطات دموية بسبب لقاح أسترازينيكا. وأنها بمجرد أن تفهم بشكل كامل ماحدث، ستُعلن على الفور النتائج وأي تغييرات في التوصيات الحالية.
في هذا الصدد، أعلن رئيس شركة فايزر أنه من المحتمل أن يحتاج المواطنين إلى جرعة ثالثة من لقاح شركته ضد كورونا. في غضون من ستة إلى 12 شهرًا من التطعيم. إلا أن سعر لقاح فايز آخذ في الارتفاع بتكلفة تصل إلى 19.50 يورو بدلًا من 12 يورو.
وكان محللو الاستثمار توقعوا أن تجني اثنتان على الأقل من من الشركات الأمريكية موديرنا والألمانية بيونتيك مع فايزر مليارات الدولارات في 2021.
زيادة شركة فايرز سعر لقاحها وإعلان ضرورة وجود جرعة ثالثة، أُثار الجدل القائم بشأن لقاح أسترازينيكا. ما أثار الشك من أنه ربما يكون الجدال ما هو إلى صراع بين شركات اللقاحات الثلاث، عملًا بمبدأ مصائب قوم عند قوم فوائد. خاصة أن اللقاحات الأخرى المستخدمة أوروبيًا كفايزر بيونتك وموديرنا ستستفيد من تراجع شعبية أسترازينيكا. خصوصًا أنه كان يتفوق عليها في السعر وفي سهولة التخزين.
غير أن هناك لقاحا آخر من المتوقع أن يحقق أرقام بيع واسعة، وهو لقاح جونسون آند جونسون التي رخص به الاتحاد الأوروبي مؤخرًا. كذلك فعلت منظمة الصحة العالمية، والذي يمتاز عن كل منافسيه لكونه من جرعة واحدة فقط.
الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة. قال إنه نتيجة وجود آثار جانبية للقاحات انتشرت موجة تخوف من التقليح في العالم. لكنها في مصر مرتفعة بشكل أكبر.
آثار جانبية أقل من حبوب منع الحمل
يشير عنان إلى أن الآثار الجانبية التي تظهر على النساء من حبوب منع الحمل تسبب جلطات أكثر مما تسببه أسترازينيكا، لافتا إلى أن المواطنين يتناولون كمية كبيرة من المسكنات والمضاد الحيوي، وبالتالي فالأمر مضخم وغير مبرر”.
كما أكد أن الفوائد العائدة علينا من اللقاحات أكبر بكثير من أضرارها. فالبلاد التي وصل فيها عدد المواطنين الذين تلقوا المصل عن 20% انخفضت وفياتها 80%. كذلك أكد أن المصل هو السبيل الوحيد أمامنا.
عنان أكد أنه إذا تحول كورونا لفيروس موسمي سيشكل ذلك فارقًا اقتصاديًا كبيرًا. لأنه حينها يمكن الاعتماد على اللقاح ليس فقط للقضاء على الجائحة. وسيكون الفيصل السرعة في تلقي اللقاح في كل العالم وعدم إتاحة الفرصة لتمحور الفيروس.
ومثالًا على ذلك ما حدث في الهند من تمحور نتيجة عدم العدالة في توزيع اللقاحات وخصوصًا في المدن ذات الكثافة العالية. فظهر الفيروس متغيرًا جديدًا كان انتشاره أعلى وأكثر من الضعف.
ولفت إلى أن المبادرة الدولية للتوزيع العادل للقاحات (كوفاكس) تعاني بسبب عدم توريد الشركات للقاحات في الجدول الزمني المتفق عليه. بالتالي حصل 40 مليون فقط على القاح بدلًا من 2 مليار إنسان.
وأوضح أن العالم لا يحتاج أن يعطي اللقاح لـ100% من سكانه هذا العام ولكن إذا أعطت كل دول اللقاح بنسبة من 20% إلى 30% من سكانها سيتم تحييد الفيروس. ويصبح غير مميت ثم تزيد النسبة في 2022 إلى 70% وتنتهي الجائحة تمامًا.