“مبارك الآتي باسم الرب”.. “أوصنا.. أوصنا”.. يردد الكاهن في قداس أحد الشعانين وهو يرفع يديه إلى السماء متذكرًا السيد المسيح. الذي دخل أورشليم منتصرًا في مثل هذا اليوم فاستقبله أهلها بسعف النخيل ليخلصهم من بطش الرومان. ويحجز لهم مكانًا في السماء.

اكتست الكنائس المصرية اليوم، بسعف النخيل في مطلع أسبوع الآلام واحتفل ملايين الأقباط بأحد السعف. إذ يبدأ أقدس أسبوع في العام حيث ينتهي بعيد القيامة المجيد.

البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ترأس صلوات القداس الإلهي بكاتدرائية بشائر الخير بالإسكندرية. وبدأ القداس بدورة أحد الشعانين التي اعتبرها البابا موكبًا للنصرة. يقول: “فمن خلالها نقرأ مزمورًا يعبر عن أبرار العهد القديم وإنجيل لإبرار العهد الجديد. ونحن نعبر عن الكنيسة المجاهدة في الأرض، لذا فهو موكب يصل إلى السماء”.

صلاة أحد السعف

البابا تواضروس: حجز القداسات رسالة لكي تحجز مكانك في السماء

كما أضاف البابا خلال عظة القداس: “بسبب ظروف فيروس كورونا الكل يسعى إلى حجز القداسات والصلوات. لكن يبقى السؤال المهم: “هل حجزت مكانك في موكب النصرة في السماء؟”.

وأوضح البابا أن ما حدث للناس فيما يخص حجز القداسات، هي رسالة من الله أن يقتني الإنسان الفضائل لحجز مكانة في السماء. ذلك من خلال الجهاد الروحي كي يكون لكل شخص نصيب في السماء.

وأشار إلى أن الطقس والألحان تساعد الإنسان على النمو الروحي. موضحُا أن السعف القادم من النخل يشير إلى ضرورة أن نصبح مثل النخلة رؤوسنا موجهة إلى السماء.

كعادته، عمل البابا على التأمل في فصول وأعداد الإنجيل وقال إن قراءة أربعة فصول من الإنجيل مذكور في البشائر الأربعة. كتأكيد لقيمة الحدث. بينما رقم 4 يعبر عن جهات العالم الشمال الجنوب الشرق والغرب. وكأن السيد المسيح جاء ليدخل كل قلب في جهات العالم.

البابا أثناء الصلاة

واستكمل: “الفاتحون والمحاربون اتخذوا من الحصان وسيلة لهم، بينما السيد المسيح اتخذ من الحمار المسالم وسيلة ركوب له. البعض ظن أن المسيح دخل إلى أورشليم من أجل تحريرها من الرومان، إلا أن المسيح جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك”.

واختتم أن صلوات “الجناز العام” تتم بعد الانتهاء من التناول و”نصليه بالطقس السنوي ونستعد به لأسبوع الآلام. فلو انتقل أحدنا إلى السماء والكنيسة منشغلة بآلام ربنا يسوع فلا يكون جناز بل نكتفي برش ماء الجناز العام”. كما أنها تهدف إلى التوبة وطلب الرحمة وأن يكون الإنسان مستعد في كل وقت.

“أوصنا أوصنا”

وفي الكنيسة الأنجليكانية، ترأس الدكتور منير حنا رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية. صلوات القداس الإلهي بكاتدرائية جميع القديسين بالزمالك. حيث بدأت الصلوات بموكب الدخول الذى التف فيه شعب الكنيسة حول المطران حاملين سعف النخيل. كما هتفوا: “أوصنا أوصنا” أي خلصنا مثلما هتف شعب أورشليم للسيد المسيح.

وقال حنا في عظة القداس: “نحتفل بأحد السعف وهو اليوم الذي دخل فيه السيد المسيح أورشليم. وهو أيضًا بداية أسبوع الآلام الذي يشمل أحداث صلب المسيح ثم قيامته من الأموات”.

البابا أثناء الصلاة

ونحن نعرف أن هذا الأسبوع تحققت فيه الخطة الإلهية لخلاص البشرية من خلال موت السيد المسيح فداء للبشرية.

واستطرد حنا: “كان الرب يسوع يعرف جيدًا أنه سيتوج ملكًا في أورشليم لكن ليس ملكًا أرضيًا ولكن ملكًا سماويًا”. وأضاف: “لقد تيقن الرب يسوع المسيح أن دخوله إلى أورشليم وتطهيره للهيكل من الباعة والفاسدين سيثير الكهنة اليهود. وهذا سيقوده إلى الموت صلبًا لكنه كان أيضًا متيقنًأ أنه جاء ليقدم نفسه ذبيحة حية لفداء كل البشر”.

أحد السعف والعادات الشعبية المصرية

وعن هذا العيد يقول الدكتور مينا بديع عبدالملك، عضو المجمع العلمي المصري، إن أحد السعف هو الأحد السابع من الصوم الكبير. وهو أيضًا الأخير قبل عيد الفصح أو القيامة. كما أنه يمثل ذكرى دخول السيد المسيح مدينة أورشليم. ويسمى أيضًا أحد السعف أو الزيتونة، لأن أهالي القدس استقبلت السيد المسيح بالسعف والزيتون المُزيَّن. كذلك فرشوا ثيابهم وأغصان الأشجار والنخيل تحته، وهم يصرخون: “خَلِّصنا.. مبارك الآتي باسم الرب”.

وتابع فى تصريحات خاصة: إلى الآن يستخدم السعف فى تزيين أغلب الكنائس فى هذا اليوم، وترمز أغصان النخيل إلى النصر، أي أنهم استقبلوا السيد المسيح كمنتصر.

وعن الطقوس الشعبية لأحد السعف، قال: “في القرى يتم تعصيب الأيدي والرؤوس بالسعف. كما تُغزل سيقان السعف على هيئة شبكة توضع فيها القُربانة الصغيرة التي يتم إحضارها من الكنيسة. يكون الجميع في فرح عظيم”.

طقوس أسبوع الآلام في الكنيسة الأرثوذكسية

تصلي الكنائس الأرثوذكسية طقس أحد الشعانين، بالقداس العادي وتستخدم اللحن “الفرايحي” ثم ترفع صلوات البخور باكرًا مع ما يعرف بدورة الصليب. في نهاية القداس يصلى طقس التجنيز العام، أحد طقوس أسبوع الآلام.

في أسبوع الآلام فإن الكنائس لا تصلي على المتوفين بالصلوات المعتادة في باقي العام. بينما تصلي بصلوات “أسبوع البصخة المقدسة” ليوجه الجميع مشاعرهم نحو آلام المسيح في هذا الأسبوع.

فيما يفترش باعة سعف النخيل ساحات الكنائس ومحيطها، ويتفنن الأقباط في صناعة أشكال مختلفة من سعف النخيل مثل الخواتم والقلادات والصلبان.