استقالة لظروف خاصة كان يتوقعها الجميع سطرًا أخيرًا لمسلسل الهجوم على وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل. عقابًا على تصريحاته عن الوضع الإعلامي واتهام الجهات الحكومية بالسيطرة عليه منذ 2014.

تقدم هيكل باستقالته من منصبه اليوم الأحد، لرئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي. وقد استجاب أخيرًا لحملة انتقاد كبيرة من جانب أعضاء البرلمان وبعض الدوائر الإعلامية. وصلت إلى حد أن بث التلفزيون الرسمي للدولة تسجيلاً مسربًا للوزير، الذي تولى منصبه في 22 ديسمبر 2019 بقرار جمهوري. وكان هيكل يشغل قبل ذلك منصب رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي. وأيضًا منصب رئيس تحرير جريدة الوفد. وهو أول وزير إعلام بعد ثورة 25 يناير في حكومة الدكتور عصام شرف.

اقرأ أيضًا: أسامة هيكل.. وزير من آخر الزمان

هيكل والهيئات الثلاثة

منذ قرار تعيينه وزيرًا للإعلام في ديسمبر 2019 ثار الجدل حول صلاحيات أسامة هيكل. خاصة في ظل وجود ثلاث هيئات إعلامية (المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام) تدير المشهد منذ عام 2017. إذ حمل منصبه تهديدًا للمجلس الأعلى للإعلام. ذلك باعتباره يمتلك نصيب الأسد في الصلاحيات سواء على قنوات الدولة أو الخاصة والصحف الخاصة. بل والتعقيب أحيانًا على أداء الصحف القومية.

ودار خلاف بين “هيكل” وبين مكرم محمد أحمد، وكان رئيس المجلس الأعلى للإعلام وقتها حول مكتب به عدد من الملفات التي أصبحت تابعة لوزارة الإعلام. بعد سحب مركز التدريب من المجلس. وهو ما جعل مكرم، يلجأ إلى مجلس الوزراء بخطاب رسمي من خلال إعداد مذكرة بشأن سيطرة موظفين من وزارة الدولة للإعلام على مكاتب المجلس الأعلى ما تسبب في تعطل سير العمل بالمجلس وإلغاء اجتماعات معدة سابقًا.

وقبل هذا كان مكرم يردد عقب تعيين هيكل وزيرًا للإعلام أنه وزير بلا صلاحيات. حتى أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قرارًا بتحديد “11” اختصاص لهيكل في نهاية يناير 2020.

كيف سقط هيكل في تصريحاته؟

في أكتوبر، بدأت الحملة ضد الوزير وتصاعدت وتيرة الانتقادات عقب تصريحاته التي وصفت بـ”المسيئة” للجماعة الصحفية والإعلام. حينها كتب هيكل عبر حساب وزارة الإعلام بـ”فيسبوك”: “الأعمار أقل من 35 سنة، ويمثلون حوالي 60 أو 65% من المجتمع، لا يقرأون الصحف ولا يشاهدون التليفزيون. وبالتالي من المهم التفكير في نمط حياة هذه الفئات”.

هيكل انتقد أيضًا في تصريحاته لمنصات مستقلة، الوضع الإعلامي الذي تسيطر عليه الجهات الحكومية. وأعلن رفضه سياسة حظر نشر الموضوعات. وهي تصريحات تلقفها رؤساء التحرير ومقدمو البرامج بالسخط والغضب. وخلال ساعات قليلة قاد خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع، ومحمد الباز رئيس تحرير الدستور، ووائل الإبراشي مقدم برنامج التاسعة على التلفزيون المصري حملة الهجوم الحاد على الوزير.

ومع تصاعد الهجوم وصل الأمر إلى حد إذاعة التلفزيون الرسمي مكالمة هاتفية شخصية مسجلة، جمعت وزير الدولة للإعلام مع رجل الأعمال ورئيس حزب الوفد السابق السيد البدوي. تناولت أمورًا تتعلق بتنسيق العمل مع جماعة الإخوان في الانتخابات البرلمانية.

اقرأ أيضًا: أسامة هيكل.. بين مقصلة البرلمان والهيئات الثلاث

الأزمة تصل البرلمان

في شهر فبراير الماضي قدمت لجنة الإعلام والثقافة والآثار بمجلس النواب، برئاسة الدكتورة درية شرف الدين، تقريرًا للمستشار حنفي جبالي رئيس المجلس. ذكرت أنه يكشف قصور أسامة هيكل. إلى جانب بعض المخالفات المتعلقة بمدينة الإنتاج الإعلامي.

وسجلت اللجنة -في تقريرها- العديد من الملاحظات وعلامات الاستفهام على أداء الوزير. والتي وصلت إلى 15 بندًا، أبرزها جمعه بين منصبين بما يعد مخالفة للمواد الدستور. فضلاً عن تحميله ميزانية الدولة 12 مليون جنيهًا تقريبًا خلال ستة أشهر. منها 8.5 ملايين جنيه أصول. فضلاً عن تحميله مسؤولية انفصام وزير الدولة للإعلام والصحفيين والإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، وغياب التنسيق. إلى جانب عدم قيام وزير الدولة للإعلام بدوره المأمول في تفعيل دور التليفزيون المصري والرقابة على المحتوى الإعلامي الذي يتم بثه من داخل مدينة الإنتاج الإعلامي. إلى جانب انتقاد عدم تمكنه من تحقيق تواجد إعلامي مصري مؤثر في المنطقة يليق بمكانة الدولة المصرية إقليميًا.

وكانت اللجنة رفضت بيان الوزير بشأن تنفيذ برنامج الحكومة جملة وتفصيلاً. مع التأكيد على أن الوزير وجهازه المعاون لم يحققا الأهداف المرجوة، وأن هناك أخطاء مالية وإدارية قد ارتكبت.

واعتذر هيكل عن الحضور أمام مجلس النواب لمناقشة الاستجواب الذي تقدم به النائب نادر مصطفى، وكيل لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين. ذلك لمحاسبته عما ارتكبه من أخطاء سياسية ومخالفات مالية وإدارية تستوجب المساءلة، وفق استجواب النائب

وقبل أيام نظمت مجلة “روز اليوسف” اجتماعًا شارك فيه عدد من رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف القومية والخاصة، ومقدمي البرامج والكتاب. وصدر عن الاجتماع بيانًا تضمن محاولات هيكل المتكررة لإشعال الفتنة الإعلامية وضرب مصداقية الإعلام وجره إلى اشتباكات جانبية تضر بالصالح العام. واتهمه البيان بأنه لا يدرك أبعاد الظرف الوطني الراهن الذي يستدعي تكاتف الجميع والاصطفاف خلف القيادة السياسية لإنجاز المشروع الوطني المصري وتحقيق أهدافه.