قرر القضاء الإداري، اليوم الاثنين، بوقف قرار جامعة القاهرة بفرض تبرعات إجبارية على أعضاء هيئة التدريس، مقابل السماح لهم بالسفر.

القرار صدر عن الدائرة الخامسة عشر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة. والذي تضمن قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجامعة بفرض تبرع إجبارى مقابل سفر أعضاء هيئة التدريس.

استرداد المبالغ المدفوعة

وتضمن الحكم إلغاء ما ترتب على قرار الجامعة، وهو ما يعني استرداد المبالغ المدفوعة من قبل الطاعن. وهي مؤسسة حرية الفكر والتعبير التي أقامتها لصالح أحد أعضاء هيئة التدريس.

وأثارت القضية جدلاً واسعًا في المجتمع الأكاديمي، منذ صدر القرار في 29 يوليو 2015. حيث تمسكت جامعة القاهرة بتنفيذ القرار رغم الرفض الواسع الذي واجهها.

ويقضي القرار بتحصيل عشرة آلاف جنيهًا كتبرع من كل عضو هيئة تدريس أو أستاذ متفرغ أو عضو هيئة معاونة. وذلك عند السفر للخارج تحت أي مسمى سواء الندب أو الإجازة أو الإعارة من السنة الأولى حتى السنة العاشرة. وتحصيل مبلغ عشرين ألف جنيه لنفس السبب من السنة الحادية عشر فأكثر.

تكبيل للحقوق والحريات الأكاديمية

واعتبر أكاديميون وقانونيون أن قرار الجامعة لا تستند إلى صحيح القانون. ولفتوا إلى أن إدارات الجامعات تعتمد في تمرير قرارتها على قبول أعضاء المجتمع الأكاديمي لسياسة الأمر الواقع. هذا فضلاً عن تخوف بعضهم من تعطل إجراءات السفر إلى الخارج.

وقالوا إن القرار تكبيلاً للحقوق والحريات الأكاديمية، كما يتعارض مع الحقوق والحريات الدستورية الأصيلة مثل الحق في العمل والتنقل. وشدد أكاديميون على أن إدارة الجامعة أساءت استخدام السلطة التقديرية الممنوحة لها بالصيغة الإلزامية للقرار. وذلك تنافيا مع كونها تبرعات تعطى اختياريًا وبشكل تطوعي للمساعدة دون إجبار.

وتقدم عضو هيئة التدريس بالطاعن على القرار بعدما تقدم بالتماس لرئيس الجامعة لرد المبالغ التي اضطر لدفعها خلال طلبه تجديد الإجازة لظروف سفره، والتي بدونها اعتبر منقطعًا عن العمل. إلا أنه لم يتلق ردًا.

في هذا السياق، قال مهاب سعيد محامي مؤسسة حرية الفكر والتعبير إن محكمة القضاء الإداري قبلت الطعن شكلًا وإلغاء القرار المطعون مع استرداد المبالغ التي فرضت على الموكل. وهي 45 ألف جنيه تحت مسمى التبرعات والإجازات.

هل يمكن للجامعة الطعن؟

وأضاف أن الإدارة العليا “الجامعة” يمكنها الطعن على القرار الصادر اليوم، بعد صدور الحيثيات الخاصة بالحكم. لكنه قال إن الجامعة ملزمة بتنفيذ الحكم وإلا تقع تحت طائلة الامتناع عن تنفيذ حكم واجب النفاذ.

كيف يستفيد بقية أعضاء هيئة التدريس من الحكم؟

الحكم الذي صدر لصالح أحد الأعضاء يمكن أن يستفيد منه بقية أعضاء هيئة التدريس المتضررين. وذلك وفق المحامي مهاب سعيد الذي قال إن أعضاء هيئة التدريس الذين قرروا السفر أو الحصول على إجازات منذ عام 2015 تم إجبارهم على الدفع منذ تاريخ نفاذ القرار.

وبالتالي فإن “أيٍّ من أعضاء هيئة التدريس يمكنهم الاستناد إلى الحكم الصادر اليوم. ذلك أنه حكم يرثي مبدأ يطبق على جامعة كاملة”. ولفت إلى أن هذا الحكم مثل قضاة استراتيجية لا يمكن رفع القضية لـ 20 ألف شخصة معًا ولكن الأهم الحكم للموكل الأول.

مخالفة قانونية ودستورية

وتابع أن قرار الجامعة نص على أن الأموال تقدم في شكل تبرع للجامعة. رغم أن المادة 7 في قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تصدت لمسألة التبرعات. وذلك عندما نصت على أن “الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمي وثقافي، ولكل منها شخصية اعتبارية، ولها أن تقبل ما يوجه إليها من تبرعات لا تتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت له الجامعة”.

وأضاف أن القرار الإداري لجامعة القاهرة جاء مخالفًا لنص المادة (40) من الدستور. والتي تنص على أنه “لا تجوز المصادرة الخاصة، إلا بحكم قضائي”. وهو ما لم يحدث.