مثلّت شبكة نتفليكس مفاجأة حفل الأوسكار 93 التي أقيمت أمس، إذ تمكنت من التربع على عرش شركات الإنتاج الأكثر حصدا للجوائز، حيث حازت على 7 جوائز متفرقة للتفوق على كافة المشاركين.

قبل انطلاق الحفل، كانت “نتفليكس” تشارك في المنافسة بـ36 عملاً فنياً متنوعًا ولم تدخل قائمة الترجيحات للفوز بالجوائز، إلا أن المفاجأة وقعت وحصدت 7 جوائز أوسكار، لتصبح بذلك أعلى منصة تحقيقا للجوائز وتفوقت على شركات الإنتاج العالمية وعلى رأسها “ديزني” “وورنر بروس” و”آبل” وغيرها.

والجوائز السبعة التي حصلت عليها المنصة موزعة كالآتي: “جائزة أفضل مكياج وتصفيف شعر عن فيلم Ma Rainey’s Black Bottom، جائزة أفضل فيلم وثائقي عن فيلم My Octopus Teacher، جائزة أفضل فيلم رسوم متحركة قصير عن فيلم If Anything Happens I Love You، جائزة أفضل تصميم إنتاج عن فيلم Mank، جائزة أفضل تصميم ملابس عن فيلم Ma Rainey’s Black Bottom، جائزة أفضل فيلم لايف أكشن قصير عن فيلم Two Distant Strangers،جائزة أفضل تصوير سينمائي عن فيلم Mank”.

لماذا أصبحت “نتفليكس” الأكثر نجاحًا؟

تعمل نتفيلكس في مجال الترفيه منذ سنوات واستطاعت أن تحقق نجاحات باهرة وتمر بطفرة كبيرة ساعدت على تربعها على عرش منصات الترفيه العالمية، لكن هناك أسباب آخرى دعمت تفوقها الكبير، خاصة في جوائز الأوسكار الأعلى قيمة في عالم السينما.

تمتلك “نتفليكس” تنوعًا كبيرًا سواء في العروض التي تقدمها بشكل دوري ومستمر، أو من خلال أسعار الباقات المختلفة التي تعرضها، إذ تنقسم الباقات إلى 3 مستويات جميعها يناسب المشترك العادي، فضلا عن وجود تنوع كبير في طبيعة المواد المعروضة سواء أفلام روائية أو تسجيلية أو وثائقية وكذا مسلسلات قصيرة ومسلسلات ذات أجزاء مختلفة وطويلة.

استطاعت المنصة أن تحقق النجاح لدراستها الجمهور وتقديمها كافة الأذواق من أجل الحصول على المشترك ولفت الانتباه إلى ما تقدمه الشركة، لكن هل هذا فقط ما سمح لانتشارها وتحقيقها النجاحات الكبيرة خلال السنوات الماضية؟

شروط أوسكار

وضعت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة المانحة لجوائز الأوسكار، شروطا وصفها البعض بالمجحفة، إذ شددت على ضرورة مراعاة من لا يحظون بالتمثيل الكافي في مجتمعاتنا خاصة الأقليات الذين يعانون من التهميش والإهمال.

حددت أكاديمية الفنون الفئات المطلوب زيادة تمثيلها من أجل الحصول على جائزة أوسكار، ويأتي على رأسهم “المثليون جنسيا”، وأصحاب البشرة الملونة، وذوي القدرات الخاصة وبالطبع النساء، دون الإشارة إلى ضرورة أن يكونوا في الأدوار الرئيسية لكن تركت الاختيار مفتوح تبعا لطبيعة العمل وسياقه.

تأتي شروط الأكاديمية إلى اعتمادها على فلسفة طرح كافة الأشكال والاختلافات على الشاشة من أجل أن تؤهل النشء والمجتمعات إلى قبولها ضمن خطة طويلة الأمد، إذ تعتبر نفسها حلقة وصل صغيرة خطة كبيرة تمهد للصوابية السياسية.

بدا أن تلك الشروط وضعت خصيصا من أجل “نتفيلكس”، التي بدورها لا تدع فرصة إلا وتشير خلالها إلى المثلية الجنسية أو خروج مشاهد إباحية بالكامل فضلا عن السياقات الجنسية لمعظم أعمالها الفنية، لذا كانت نتفيلكس واحدة من المنصات الأكثر إلماما بالشروط الواجب توافرها وسبق لها منذ ظهورها أن سلطت الضوء على المثليون وأصحاب البشرة الملونة وغيرهم ممن يعانون في مجتمعاتنا بشكل عام.

العزلة تمهد الطريق

يعزو البعض نجاح “نتفيلكس” وسيطرتها ليس فقط على جوائز أوسكار ولكن على نسب المشاهدات والمتابعين حول العالم إلى حالة اجتماعية عامة تملكت المجتمعات حول العالم، إذ إن حالة نفسية تسيطر على الملايين من البشر وتدفعهم إلى الاتجاه للفردية والعزلة.

وتصف الأبحاث العلمية بأن العزلة الاجتماعية هي البُعد –بشكل مادي- عن الآخرين وعدم وجود قنوات للتواصل، أما الوحدة فتمثل شعورًا بعدم وجود مَن يتفهمك ويشاركك الاهتمامات حتى وأنت داخل غرفة مزدحمة بالأشخاص.

العزلة ساعدت على نجاح المنصة
العزلة ساعدت على نجاح المنصة

وحسب دراسة أجريت في بريطانيا على 1200 رجل ممن هم في عمر الـ 35، فإن نحو 11% منهم يشعرون بالوحدة كليا، إذ يفضلون البقاء بمفردهم والانعزال عن المشاركة بشكل إيجابي والتعاطي مع الحياة من حولهم.

يتجه العالم إلى تغييرات كثيرة في مفهوم العلاقات الاجتماعية، فبات الوجود في البيت والاستمتاع بعرض عبر التلفزيون الأمر الأكثر ترحيبا، والابتعاد عن السينمات والأماكن الأكثر إزدحاما يمثل الاختيار الأمثل، لذا كان الإعتماد على “نتفيلكس” ومثيلاتها الأكثر رواجا خلال الفترة الماضية.

كورونا وأبعادها

على الرغم من قتامة المشهد المصاحب لانتشار جائحة كورونا إلا أنها مثلت فرصة كبيرة لكافة المنصات التي تعمل عن طريق البث عبر الانترنت من اجل زيادة متابعيها وحصد مكاسب مالية ضخمة، وبالفعل نجحت “نتفيلكس” في تحقيق نجاح كبير إذ اعتمدت على انتاجها الخاص منذ سنوات فيما توقفت الأعمال الفنية سواء “أفلام أو مسلسلات” نظرا للجائحة التي أوقفت الحياة لشهور.

خلال فترة الجائحة والتخوفات من الإصابة وخطر الموت، بدأت نتفليكس في طرح أعمالها بشكل دوري دون انقطاع وهو ما زاد من انتشارها حول العالم فضلا عن زيادة عدد متابعينها.

تمتلك نتفلكس حاليًا 183 مليون مشترك حول العالم، وخلال الربع الأول من 2020 فقط تمكنت من جذب 16 مليون مشترك جديد حول العالم، وقفزت إيراداتها 28% إلى 5.7 مليار دولار.