رحل أمس الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية في السويس في حربي الاستنزاف و6 أكتوبر. وذلك بعد أن وافته المنية عن عمر ناهز 96 عامًا، داخل أحد المستشفيات الخاصة في القاهرة. بعد تدهور حالته الصحية نتيجة الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
حافظ سلامة.. عرف النضال شابًا وقاد المقاومة
الشيخ حافظ سلامة المولود في 6 ديسمبر 1925. تخرج في الأزهر الشريف وشغل منصب خطيب ومستشار لإمام الأزهر عام 1978. وقد عُرف بنضاله الذي بدأ مبكرًا خدمة لقضية وطنه ومحافظته التي رفض الرحيل عنها مع أسرته التي هاجرتها إبان الحرب العالمية الثانية.
في عمر 19 لعب سلامة دورًا مهمًا في عمليات الدفاع المدني بمساعدة الجرحى والمصابين في السويس مع نشوب الحرب العالمية الثانية. وفي العام 1944 عرف الطريق إلى مساعدة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال. وألقي القبض عليه حينها وحوكم بالسجن 6 أشهر قبل الإفراج عنه بعد 59 يومًا فقط.
وقد شكل أول فرقة فدائية في السويس لمهاجمة قواعد القوات الإنجليزية على حدود المدينة. وقاد مقاومة شعبية للعدوان الثلاثي لبريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر في حرب العام 1956.
وقد اعتقل في عهد جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي وخرج مع نكسة 1967 ليقود المقاومة ضد إسرائيل. كما كان له دور هام في شحذ همم الجنود المصريين في هذه الفترة.
ذكر في إحدى لقاءاته الصحفية أنه كان يجتمع بالفدائيين ويوزع المهام التي كانوا يقومون بها إلى أن تمكنت المقاومة الشعبية من منع العدو الإسرائيلي من احتلال محافظة السويس بعد وقوع ثغرة الدرفسوار. وقد تمكن أبطال المقاومة الشعبية من تدمير 67 دبابة إسرائيلية أثناء المواجهات مع الإسرائيليين.
حافظ سلامة.. في مذكرات الشاذلي
قال الرئيس الراحل أنور السادات عن ملحمة مقاومة الثغرة في السويس: “إن ملحمة السويس الخالدة سوف تنقلها الكتب والأبحاث وتتناقلها الأجيال جيل بعد جيل” تخليدًا للجهود التي بذلها أهالي السويس في الدفاع عن مدينتهم ضد العدوان الإسرائيلي.
وروى الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته أن الموساد الإسرائيلي قدم تقريرًا بأن السويس مدينة للأشباح يمكن الاستيلاء عليها بسهولة. وأن العناية الإلهية اختارت “حافظ سلامة” ليلعب دورًا مهمًا في صمود المدينة يوم 24 أكتوبر 1973 برفضه استسلام المدينة وإعلان المقاومة من فوق مئذنة مسجد الشهداء.
وقد عرض الرئيس الراحل أنور السادات منصب محافظ مدينة السويس على حافظ سلامة من خلال المهندس عثمان أحمد عثمان. لكنه رفضه. وقد سُجن في مصر مرتين في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، بحسب ما صرح به سابقًا.
حافظ سلامة وثورة يناير وما بعدها
كان حافظ سلامة من أشد الداعمين والمؤيدين لثورة 25 يناير 2011. والتي انطلقت إحدى شراراتها المهمة في مسقط رأسه بمدينة السويس.
وكان يرى أن الثورة لم تحقق كل أهدافها. خاصة بعد وصول الدكتور محمد مرسي والفريق أحمد شفيق للإعادة في انتخابات الرئاسة. واعتبر أن ذلك يؤكد فشل الثورة. كما حذر الشعب من “الاعتراف بنتيجة الانتخابات الرئاسية”. ودعا جموع المصريين في كل المحافظات “للعودة للميادين واستكمال ثورتهم”.
وكان له موقف مناهض لجماعة الإخوان بعد توليهم الحكم إبان ثورة يناير. إذ قال في تصريحات لجريدة الأهرام: “إن الإخوان المسلمين اعترفوا بتورطهم في ما يحدث من عنف في سيناء. واتهمهم بالتواصل مع الإدارة الأمريكية. وتوقع سقوط الإخوان المسلمين، وإزاحتهم عن السلطة، بسبب تصرفاتهم السياسية”.
وأكد أنه وجه تحذيرات للرئيس الأسبق الراحل محمد مرسي من تأثيرات قراراته التي ستكون سببًا في خروج الشعب المصري ضده في الشوارع والميادين للمطالبة بسقوطه، وهو ما حدث بالفعل. لكنه أيضًا اتهم السفيرة الأمريكية آن باترسون بالدعوة لانقلاب على الحكم يوم 30 يونيو. ودعا الرئيس آنذاك أن يستفتي الشعب على الاستمرار في الحكم أو يُشكل مجلس رئاسي جديد لحماية البلاد.