تحتفل الكنائس المصرية اليوم بـ”خميس العهد“، وهو ذكرى العشاء الذي جمع السيد المسيح بتلاميذه. وسُمّي بـ”الأخير” لأنه آخر عشاء جمع بينهم قبل تسليمه لليهود ومحاكمته وصلبه. حيث يحل في آخر خميس في الصوم الكبير، والذي يسبقه أربعاء البصخة، ويليه الجمعة العظيمة ويسبق أحد عيد القيامة المجيد.
يسمى “خميس العهد” أيضًا باسم “خميس الأسرار”؛ لأن السيد المسيح أسس فيه أسرار الكنيسة ومن بينها سر التناول المقدس.
سر التناول المقدس
خلال اجتماع السيد المسيح مع تلاميذه ترك لهم وصيةً بأن يحب بعضهم بعضًا كما أحبهم. وأقام عهدًا بتأسيس سر التناول الذي تقوم عليه المسيحية حتى الآن، والذي يعد سرًا من الأسرار المقدسة في الكنيسة الأرثوذكسية.
وفي العشاء الأخير، أعطى السيد المسيح لتلاميذه خبزًا وكأسًا بها زيت عنب. وقال لهم: “خذوا كلوا هذا هو جسدي ودمي، اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا”. وبذلك يكون قد قدَّم لهم دمه المسفوك على الصليب والذي به سَدّدَ ديون البشرية كلها منذ آدم إلى نهاية الدهور.
السيد المسيح يغسل أرجل تلاميذه
أثبت السيد المسيح حبه لتلاميذه خلال لقائه بهم في العشاء الأخير قبل تسليمه لليهود، حيث غسل أرجلهم. ويعود السبب في ذلك إلى تقديم مثال للتواضع وأهمية خدمة الآخرين والمساواة بين جميع الناس. وفسّر لهم ذلك بقوله: “ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله، فإن كنتم قد عرفتم هذا فطوبى لكم إذا عملتم به”.
واستمر طقس غسل الأرجل حتى الآن في تذكار كل عام من قداس “خميس العهد”، حيث يقيم الكاهن أو الأسقف برشم أرجل المصلين ورسمهم بالزيت مثلما فعل السيد المسيح مع تلاميذه. ويقوم الكاهن بغسل أرجل الحاضرين، الكهنة ثم الشمامسة ثم الرجال، أما النساء فيرشمهن بلفافة مبتلة بالماء في جباههن وأيديهن فقط.
خيانة يهوذا الاسخريوطي
تعود أحداث تسليم السيد المسيح لليهود لمحاكمته، عندما أعلن خلال العشاء الأخير أن أحدًا من تلاميذه سيسلمه للمحاكمة. وحذر المسيح من الخيانة بقوله “إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يُسلَّم ابن الإنسان. كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يولد”.
واتفق يهوذا الإسخريوطي، أحد تلاميذ السيد المسيح، مع كهنة إسرائيل على تسليمه مقابل مبلغ ٣٠ عملة من الفضة. وآتي إلى المسيح ليل الخميس برفقة الجنود واتفق معهم أن من يقبله هو المسيح ليقبضوا عليه.
ومع تقبيله قال السيد المسيح له: “يَا يَهُوذَا، أَبِقُبْلَةٍ تُسَلِّمُ ابْنَ الإِنْسَانِ؟”. وتم القبض على المسيح”، وعقب تسليمه تمت محاكمة وجلده وصلبه يوم الجمعة وتسمى “جمعة الالآم”، و”الجمعة العظيمة”.
البابا تواضروس يترأس قداس خميس العهد ويغسل أرجل الرهبان
وترأس قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية اليوم الخميس في ساعة مبكرة صلوات “خميس العهد”، وذلك بدير مارمينا حيث اقتصر الحضور على الرهبان فقط.
وقال البابا في عظة القداس إن أسبوع الآلام يحولنا من الضعف إلى القوة ومن اليأس إلى الرجاء. ولفت إلى أن البصخة تعني العبور مما يجسد معاني هذا الأسبوع الذين نعبر فيه من الشك إلى الجوهر ومن السطح إلى العمق.
وأكد البابا أن الثلاثاء في أسبوع الآلام يسمى يوم الزيت والرحمة لأنه يذكرنا بأعمال الرحمة التي يصنعها الإنسان. أما الأربعاء فيسمى يوم الطيب والحب؛ لأننا نتذكر الطيب الذى سكبته المرأة على قدم المسيح. بينما “خميس العهد” نسميه يوم “الماء والعهد”؛ لأننا نصلي فيه قداس اللقان.
وأوضح البابا تواضروس أن “خميس العهد” هو الذى تقيم فيه عهدًا مع الله، وتربط نفسك بميثاق أمام الله. لذلك قال إن هذا اليوم يمثل ثلاثة عهود رئيسية أهمها التواضع بغسل الأقدام حيث غسل المسيح أقدام تلاميذه وأراد أن يجعله درسًا أخيرًا قبل رحلة صلبه كي يتذكروه دائمًا.
وأشار البابا تواضروس إلى أن المسيح قلب الموازين حين غسل أرجل تلاميذه لكي يعلمهم التواضع قبل أن يصعد على الصليب.
رئيس الأسقفية يجدد عهود خدمته مع القساوسة وأمام الشعب
وترأس الدكتور منير حنا أنيس رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية قداس تجديد العهود اليوم بكاتدرائية جميع القديسين في الزمالك.
خلال صلوات القداس، قال المطران منير حنا: “إخوتي وأخواتي في عشائه الأخير أعطى يسوع المسيح تلميذه وصية جديدة وهي أن يحبوا أحدهم الآخر، وصلى من أجلهم ليكونوا واحدًا. وأضاف: “أعطاهم علامة أبدية عن حبه في السر المقدس للخبز والخمر. حيث كرس نفسه لخدمة أبيه، ليكون رئيس كهنة العهد الجديد”. واستكمل: “لذا ادعوكم لتجددوا نذوركم (عهودكم) في خدمته كوكلاء سرائر الله وخدام نعمته”.
ووجه المطران حديثه للخدام العلمانيين: “عندما تم تكليفك، تعهدت أن تكون أمينا لأجلهم. هل ستفعل كل ما في وسعك لتشهد لحبة لشعبه؟ فرد الخادم: بمعونة الله سأفعل”.
كما خاطب المطران الشمامسة: “عند رسامتك كشماس، تلقيت نير المسيح الذي لم يأت ليخدم بل ليخدم”. وتساءل: “هل ستستمر بأمانة في هذه الخدمة لتبني شعب الله في حقه وتخدمهم باسمه؟ فأجاب الشماس بمعونة الله سأفعل”.
وتوجه المطران للقساوسة قائلاً: عند رسامتك للكهنوت، أخذت السلطة لمراقبة شعب الله والعناية به. وتأكيد غفران الله لهم ومباركتهم باسمه، وإعلان إنجيل الخلاص، وخدمة أسرار عهده الجديد. متسائلاً: هل ستستمرون كوكلاء أمناء على أسرار الله، مبشرين بإنجيل المسيح وخدمة أسراره القدسة؟ فأجاب الكهنة: بمعونة الله سنفعل.