لاتزال المفاوضات مستمرة بين هيئة قناة السويس والشركة اليابانية “شوي كيسن” المالكة لسفينة الحاويات العملاقة “إيفرجيفن” التي تسببت في غلق قناة السويس الشهر الماضي، بشأن التعوضات، لمحاولة الوصول إلى تسوية مالية مُرضية للجانب المصري بعيدًا على اللجوء إلى المحاكم.

لكن بعد أيام من سريان المفاوضات، أعربت الشركة اليابانية “شوي كيسن” عن شعورها بخيبة أمل من قرار السلطات المصرية احتجاز السفينة. خاصة بعدما قدمت الشركة عرضًا لهيئة قناة السويس لتسوية القضية، دون الإعلان عن حجم التعويض. إلا أن الجانب المصري أصر على الحصول على تعويض بقيمة 900 مليون دولار ورفض عرض التسوية. فكيف ستسير مفاوضات تسوية “إيفرجيفن” خلال المرحلة المقبلة؟. وكيف يُمثل احتجاز السفينة ورقة ضغط على الشركة المالكة لها؟

السفينة إيفرجيفن

يو كيه كلوب تقدم عرضًا للتسوية مع قناة السويس

شركة يو كيه كلوب، إحدى شركات التأمين على سفينة الحاويات التي جنحت في قناة السويس الشهر الماضي، وسدت المجرى المائي لنحو أسبوع. قالت إن مصر طالبت شركة شوي كيسين اليابانية المالكة للسفينة بدفع تعويضات بقيمة 916 مليون دولار.البحير

وأضافت يو كيه كلوب، المسؤولة عن تأمين الحماية والتعويض على السفينة في بيان إنها تشعر بخيبة أمل بسبب احتجاز السفينة لحين دفع التعويضات.

وفي 12 أبريل الجاري قدمت شركة التأمين “يو كيه كلوب” التي تقدم تغطيتها التأمينية للسفينة، عرضًا مدروسًا لتسوية القضية. ولم تفصح الشركة عن حجم تلك التسوية. لكن وفقًا لمصادر حكومية مسئولة صرحت لـ”مصر 360″، فإن العرض المقدم إلى الجانب المصري بعيدًا القيمة المُقدرة لخسائر قناة السويس. ما دفع السلطات المصرية إلى رفض هذه عرض التسوية واستمرار المفاوضات التشاورية بين الجانبين.

وأكدت شركة “يو كيه كلوب”، أنها قدمت استئناف في إحدى المحاكم على قرار احتجاز السفينة من قبل السلطات المصرية. كما قالت إن الخطوة كانت ضرورية إذ لم يكن بالإمكان حل القضية دون تدخل مستمر من جانب المحاكم المصرية. وستنعقد جلسة الاستماع في القضية بالمحكمة في الرابع من مايو المقبل.

900 مليون دولار حجم التعويض

هيئة قناة السويس، طالبت الشركة المالكة لسفينة “إيفر جيفن” بتعويض قدره 916 مليون دولار، منها 300 مليون دولار مقابل أعمال القطر والتكريك. و300 مليون دولار أخرى نظير الأضرار التي لحقت بسمعة قناة السويس.

ويعد هذا المبلغ أقل بنحو 100 مليون دولار بالمقارنة مع حجم التعويضات التي قدرها أسامة ربيع في وقت سابق بأكثر من مليار دولار. كذلك يشمل المبلغ التكاليف المتعلقة بإجراءات تعويم السفينة وصيانتها. إضافة إلى خسائر هيئة قناة السويس من إيرادات رسوم مرور السفن التي تقدر بـ15 مليون دولار يوميًا على مدى 6 أيام.

وقال رئيس هيئة قناة السويس، في تصريحات إعلامية إن السفينة “إيفرجيفن” ستظل في المياه المصرية لمدة أسبوع أو أكثر لحين إتمام التحقيقات. بينما أضاف أن شركات التأمين المحلية والعالمية يمكنها التعاون مع هيئة قناة السويس في التحقيقات.

كيف ستتم التسوية؟

مصادر حكومية مسئولة أكدت لـ”مصر 360″، أن مصر يمكنها المطالبة بتعويضات من الشركة اليابانية المالكة للسفينة نظير إعادة تعويم “إيفرجين”، متوقعًا حل التسوية بعيدًا عن المحاكم المصرية أو الدولية.

الخسائر التي تعرض لها مجرى قناة السويس وتكاليف التعويم وخسائر توقف حركة الملاحة جميعها أسباب تُرجح كفة مصر في المطالبة بالتعويض. ووفق المصادر “الشركات المالكة للسفينة وشركة التأمين ستحاول بشتى الطرق الوصول إلى تسوية مرضية للجانب المصري. حرصًا على حركة الملاحة المتعلقة بهم مستقبلًا عبر القناة”.

وتضيف المصادر أن احتجاز السفينة يمثل تصعيدًا في الخلاف حول قيمة التعويض المناسبة لخسائر القناة من جنوح “إيفرجيفن” الشهر الماضي. وبالتالي سيستمر الجانب المصري في مفاوضات التسوية المباشرة مع شركات التأمين لمحاولة الوصول إلى صيغة ملائمة لحجم التعويض.

وواصلت المصادر، أنه حال عدم الاتفاق على تسوية تعوض خسائر قناة السويس، سيكون بإمكان السلطات المصرية اللجوء إلى المحاكم الدولية. بجانب حق السلطات المصرية في استمرار الحجز على السفينة بالبحيرات المرة.

وتابعت المصادر أن الحجز على السفينة يمثل ورقة ضغط على الجهة المالكة وشركة التأمين للسفينة. ما يزيد من احتمالية موافقتهم على التعويض الملائم لخسائر القناة وفق التحقيقات التي يتم إجراؤها بدقة في الواقعة.

السفينة الجانحة

حجز السفينة ورقة ضغط على الشركة المالكة

الخبير الاقتصادي علي الإدريسي، يقول لـ”مصر 360″، إن مسارات التسوية تسير بالتوازي مع التحقيقات التي تُجريها الجهات المسئولة في مصر. بحيث يتم الوقوف على كامل الأسباب والخسائر المترتبة على أزمة جنوح السفينة، ومن ثم تحديد قيمة العويض المستحقة.

وأضاف الإدريسي أنه لن يتم تحديد قيمة التعويض بشكل عشوائي. لكن سيتوقف ذلك على ما ستنتهي إليه التحقيقات. كذلك رصد كامل الخسائر وتداعيات الأزمة على تعطل المجرى الملاحي لمدة أسبوع.

وتابع المفاوضات لم تنته حتى الآن، وحال الوصول إلى تسوية مناسبة للطرفين سيتم توقيع اتفاق بذلك. لكن حال فشل ذلك سيتم اللجوء إلى الجهات القضائية كي يحفظ كل طرف حقه. وإن كان موقف السلطات المصرية هو الأقوى بعد احتجاز السفينة التي ستضغط على مالكيها وشركة التأمين.

التعويض ليس له ما يدعمه

بحسب شركة التأمين يو كيه كلوب، المسؤولة عن تأمين الحماية والتعويض على السفينة إيفرجيفن. فإن مبلغ التعويض -900 مليون دولار- يعد ضخمًا، حيث زعمت أن هذا المبلغ ليس له ما يدعمه من مبررات تفصيلية.

وقالت الشركة أيضًا إن مبلغ التعويض لا يشمل المبلغ الذي يمكن أن تطالب به الشركة التي أنقذت السفينة نظير خدماتها. كذلك أشارت إلى أن مالكي السفينة وشركات التأمين على جسم السفينة ضد أية أضرار يتوقعون تلقي مطالبة بذلك المبلغ على نحو منفصل.

لكن لدى هيئة قناة السويس رأي آخر وهو أن التعويض الذي تطالب به يتضمن خسائر الهيئة من إيرادات رسوم مرور السفن على مدى الستة أيام. والأضرار التي لحقت بضفتي القناة جراء عمليات التكريك والقطر لإنقاذ السفينة.

لا مؤشرات للتسوية حتى الآن

الخبير الاقتصادي إيهاب سعيد يقول لـ”مصر 360″: لا مؤشرات على أي اتفاق تسوية حتى الآن. فالمفاوضات لا تزال جارية مع الشركة المالكة لسفينة الحاويات العملاقة حول حجم التعويضات المستحقة عن عملية إنقاذ السفينة. وبالتالي قد يستمر الأمر وقتًا طويلًا بسبب حجم التعويض الذي قدره الجانب المصري بـ900 مليون دولار.

يضيف: “قد يكون هناك صعوبة أمام شركات التأمين الخاصة بالسفينة في سداد قيمة هذا التعويض مباشرة. وبالتالي فإن المفاوضات الحالية قد تشهد بنودًا تفصيلية بآلية السداد على فترات متباعدة. لإنهاء مفاوضات التسوية في أقرب وقت وبما يضمن حق الجانب المصري في تعويض خسائره. كذلك السماح للسفينة بمغادرة البحيرات المرة بسبب ما تحوية من حاويات كان من المفترض وصولها إلى أوروبا نهاية مارس الماضي.

تتوقع أن تتكفل شركات التأمين بدفع معظم التكاليف المتعلقة بتعويم السفينة. حيث تجري الهيئة مفاوضات مع الشركة اليابانية المالكة للسفينة “شوي كيسن” منذ نحو أسبوعين للتوصل لتسوية الأمر خارج المحكمة. وأكد متحدث باسم الشركة اليابانية الأسبوع الماضي أنها في منتصف مفاوضات مع الهيئة بهذا الشأن، دون الإفصاح عن أي تفاصيل أخرى.

10 مليارات دولار خسائر التجارة العالمية

في 29 مارس الماضي أعلن رئيس هيئة قناة السويس، استئناف حركة الملاحة بقناة السويس بعد نجاح الهيئة بإمكانياتها في إنقاذ وتعويم “إيفرجيفن”. التي جنحت في 23 مارس وتوقفت في عرض مجرى قناة السويس فعطلت الملاحة في الاتجاهين.

تعطل الملاحة أدّى إلى ازدحام مروري في القناة وتشكل طابور انتظار طويل زاد عن 420 سفينة، إلا أنه في الثالث من أبريل. أعلنت الهيئة انتهاء أزمة الملاحة وعبور كل السفن المنتظرة.

وتعد قناة السويس منشأة حيوية بالغة الأهمية لمصر التي خسرت، وفق الهيئة، ما بين 12 مليون و15 مليون دولار من عائداتها يوميًا من جراء تعطّل الحركة بسبب إيفرجيفن.

وأشار تقرير للشركة الألمانية العملاقة للتأمين “آليانز”، إلى أن اليوم في تعطّل نقل البضائع، نتيجة وقف الملاحة بالقناة. “يكلّف التجارة العالمية من 6 إلى 10 مليارات دولار أسبوعيًا”.

وأوضحت “أليانز”، أن الآثار المترتبة على الحادث من هذا المنظور بالنسبة لأوروبا قد تكون مماثلة لآثار الإغلاق الأول المرتبط باحتواء جائحة كورونا.

وفي عام 2020، بلغ عدد السفن التي عبرت الممر، الذي يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، نحو 19 ألفًا. كما حققت القناة إيرادات سنوية تخطّت 5.6 مليارات دولار.

تحالف مصرفي لتدبير قرض تطوير البنية التحتية

منتصف أبريل الجاري، وقعت الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس اتفاق قرض مشترك طويل الأجل بقيمة 10 مليارات جنيه. مع تحالف مصرفي بقيادة البنك الأهلي المصري. لتمويل أعمال التطوير في البنية التحتية والمرافق في المناطق الصناعية والموانئ التابعة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

ووفق بيان صادر عن الهيئة، فينقسم القرض البالغة مدته 10 سنوات إلى شريحتين، أولهما بـ5 مليارات جنيه، والثانية بـ320 مليون دولار.

ويضم التحالف كل من البنك الأهلي المصري الذي لعب دور وكيل ومسوق التمويل والمرتب الرئيسي الأولي. وبنك مصر الذي قام بدور المرتب الرئيسي الأولي ومسوق التمويل. إضافة إلى البنك التجاري الدولي والبنك العربي الأفريقي الدولي وبنك القاهرة وبنك قناة السويس كمرتبين رئيسيين.