بات بند فوائد الديون أحد المشكلات الأساسية للموازنة العامة المصرية، بعدما أصبح أكبر باب على جانب المصروفات منذ عام 2015/2016. وذلك في ظل تبني الحكومة خطة توسعية تعتمد على زيادة الاستثمارات الحكومية لدفع النمو الاقتصادي والتشعيل.
والفوائد المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية في الموازنة الجديدة 2021/2022 بنحو 579.5 مليار جنيه، تعادل 8.2% من الناتج المحلي. مقابل 566 مليار جنيه تعادل 8.3% من الناتج المحلي للعام المالي الحالي، بزيادة قدرها 13.5 مليار جنيه.
الفوائد المطلوب سدادها عن القروض المحلية والأجنبية في الموازنة الجديدة تقدر بنحو 579.5 مليار جنيه ما يعادل 8.2% من الناتج المحلي
تمثل الفوائد في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام الجديد نحو 31.5% من إجمالي المصروفات العامة البالغة 1.8 تريليون جنيه. وتنبع في الأساس من حاجة الوزارة لموارد إضافية لسد العجز الكلي للموازنة في ظل تزايد النفقات عن الموارد.
تقسيم الفوائد
يظهر تقسيم الفوائد إلى سيطرة الدين المحلي على النسبة الأكبر منها، فجملة فوائده تبلغ 530.1 مليار جنيه. وهي موزعة بين فوائد سندات البنك المركزي بقيمة 61.8 مليار جنيه وفوائد أذون الخزانة بقيمة 152.2 مليار جنيه. بالإضافة إلى فوائد السندات بقيمة 279.12 مليار جنيه بجانب فوائد التغطية المؤقتة للرصيد المدين بقيمة 5.1 مليار جنيه.
ويبلغ إجمالي فوائد الدين الخارحي 59.4 مليار جنيه، موزعة بين 59.1 مليار جنيه للجهاز الحكومي مقابل 48.4 مليارًا للعام الحالي. بينما تبلغ الفوائد الخارجية التي تسددها الجهات الأخرى 292 مليون جنيه مقابل 352 مليون للعام الحالي.
يقول مسئول بوزارة المالية لـ”مصر 360″، إن إجمالي التمويل الذي تحتاجه الموازنة لا يقف عند حدود العحز الكلي بمشروع الموازنة للسنة المالية البالغ 475.5 مليار جنيه. لكنه يمتد إلى البحث عن مصادر تمويل لتغطية أقساط القروض المحلية والخارجية المقدرة بمشروع الموازنة الجديدة بنحو 593 مليار جنيه.
ويضيف أن صافي الاقتراض يمثل الزيادة الحقيقية في الدين العام المحلي والخارجي. إذ ينبغي أن يستبعد من الاحتياجات التمويلية والجديدة كل من أقساط القروض المحلية والخارجية والمسددة بوصفها انتقاصًا وتخفيفًا لأرصدة الدين العام عن السنوات السابقة.
سداد القروض
وتمثل أقساط القروض التي يحل موعد سدادها أو إهلاكها خلال العام المالي الجديد نحو 593 مليار جنيه. وهي تعادل 8.1% من الناتج المحلي، وذلك مقابل 555.5 مليار جنيه في العام المالي الحالي بزيادة قدرها 37.4 مليار جنيه.
وتتمثل أقساط القروض في الموازنة الجديدة ما يلي: أقساط خارجية معاد إقراضها بقيمة 5.4 مليار جنيه. وسداد قروض بنك الاستثمار القومي بقيمة 146 مليون جنيه. وسداد قروض لمصادر أخرى بقيمة 189.3 مليار جنيه مقابل 169.1 مليون جنيه. وسندات على الخزانة العامة بقيمة 282.6 مليون جنيه مقابل 344.8 مليون جنيه.
وتبلغ جملة سداد القروض المحلية 477.67 مليار جنيه مقابل 519.2 مليار جنيه بتراجع قدره 41.6 مليار جنيه. أما جملة سداد القروض الخارجية فتبلغ 115.3 مليار جنيه مقابل 36.2 مليار جنيه العام الحالي. وهي موزعة بين أقساط الدين العام الخارجي 114.3 مليار جنيه مقابل 35.05 مليار جنيه في الفترة المقارنة. بينما تبلع الأقساط الخارجية التي تسدها الجهات بنحو 947 مليون جنيه مقابل 1.2 مليار جنيه للعام الجالي.
ويقول المسئول بوزارة المالية إن أقساط القروض تتصمن 45 مليار جنيه مخصصة لسداد باقي القسط المستحق للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي. وهي القروض البالغة قيمته نحو 180 مليار جنيه في العام المالي 2021/2022.
تراجع النسب
لكن الدكتور محمد معيط وزير المالية يؤكد تراجع المديونية الحكومية بنسبة ٢٠,٥% من الناتج المحلى على مدار ٣ سنوات. وذلك من ١٠٨% من الناتج المحلى في يونيو ٢٠١٧ إلى ٨٧,٥% في يونيو ٢٠٢٠. وتوقع معيط أن تبلغ المديونية الحكومية ٨٩% من الناتج المحلي بنهاية يونيو ٢٠٢١، وفى العام المالي المقبل أيضًا.
وقال الوزير، في بيان صحفي مؤخرًا، إنه لولا جائحة كورونا لوصلت النسبة إلى 82%. ولفت إلى خفض محتمل لنسبة الدين إلى الناتج المحلي إلى نحو 79% خلال العام المالي المقبل. وأشار إلى ارتفاع رصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي ليتجاوز ٤٠ مليار دولار فى أبريل ٢٠٢١. وهو بذلك ليغطي أكثر من ٧ شهور من فاتورة الواردات السلعية والخدمية.
الحكومة تستهدف خفضاً تدريجياً بالنسبة للمديونية الحكومية إلى الناتج المحلى خلال السنوات الثلاث المقبلة ليصل إلى 77.5% بنهاية يونيو 2022
ووضعت الحكومة المصرية استراتيجية جديدة للتعامل مع الديون والفوائد على المدى المتوسط والسيطرة على ارتفاع الديون والحد منها. وتستهدف خفضاً تدريجياً خلال السنوات الثلاث المقبلة ليصل إلى 77.5% بنهاية يونيو 2022.
خطة استبدال
وتتضمن الخطة استبدال الديون قصيرة الأجل ممثلة في أذون الخزانة بسندات خزانة طويلة الأجل. وتبين ذلك في مؤشرات الموازات المتتالية على مدار الأعوام الأخيرة، إذ ارتفعت نسبة السندات من الإصدارات الحكومية. وتمثل السندات في مشروع الموازنة الحالي 48% من إجمالي الإصدارات، مقابل 37% في 2019 و32% في 2018.
وتصدر وزارة المالية الضمانات التي تمكِّن الجهات المملوكة للدولة من الحصول على قروض من المؤسسات المالية المحلية أو الخارجية. وكذلك تسهيلات من الموردين لتمويل المشروعات القومية والمرافق العامة، والتي تساعم في خفض تكلفة التمويب مع ضمان المقرض لأموال بنسبة 100%.
وتتركز إصدارات الضمانات لقطاعات الطاقة والهيئة القومية للأنفاق ممثلة في المجتمعات العمرانية. إذ بلغت تلك الضماتات نحو 84% من إجمالي الضمانات القائمة بنهاية العام الماضي.
السندات تتمتع بمزايا كبيرة في انخفاض العائد وزيادة المدى الزمني للسداد الذي يبلغ في المتوسط 10 سنوات، على عكس أذون الخزانة التي يتم سدادها خلال ما بين 91 يومًا إلى 364 يومًا
ويقول نادي عزام، الخبير الاقتصادي، إن السندات تتمتع بمزايا كبيرة في انخفاض العائد وزيادة المدى الزمني للسداد الذي يبلغ في المتوسط 10 سنوات، على عكس أذون الخزانة التي يتم سدادها مع الفائدة خلال فترات زمنية قصيرة تتراوح بين 91 يومًا وحتى 364 يومًا، وهو ما يجعلها تمثل ضغطًا مستمرًا على الموازنة العامة.
كيفية توجيه القروض
ويقول نادي إن المحك في الاقتراض أيًا كانت معدلات الفائدة هو كيفية توجيه المبالغ التي يتم اقتراضها. ففي السنوات الماضية كان الاقتراض موجهًا في الأساس لسد عجز الموازنة، أما حاليًا فيوجه قدر كبير منها إلى باب الاستثمارات. ورأى أن ذلك يخلق التوظيف والتشغيل والإنتاج والمساعدة في تمويل مشروعات أخرى هدفها تحسين حياة المواطنين مثل الريف المصري الذي يساعد في حل مشكلة الهجرة الداخلية بتجسين حياة القاطنين خارج المدن.
ووفقا لوزارة المالية، فإن مشروع تطوير الريف المصرى سيتم تمويله بالكامل من الخزانة العامة للدولة بقيمة مبدئية 500 مليار جنيه. بينما يبلغ إجمالي بند الاستثمارات الممولة من الموازنة العامة للدولة التي زادت بنسبة 54% مسجلة 358 مليار جنيه.