يأتي عيد العمال في مصر هذا العام بعد شهر حمل عنوان انتصار عمال “سماد طلخا” باعتصام الأكفان على قرار تصفية الشركة التي تحوي أكبر مصانع إنتاج الأسمدة الآزوتية المملوكة لقطاع الأعمال العام.

بدأت أزمة “سماد طلخا” حين قدم محافظ الدقهلية مقترحًا بمشروع لهدم المصانع. ونقل جزء من عماله للسويس وتسوية الجزء الآخر لصالح بناء كمبوند سكنى متعدد المستويات على كامل أرض المصانع ومساكن الكهرباء والسماد وجزء من قرية ميت عنتر. وهو المشروع الذي أثار غضب عمال المنشأة التي تقع على مساحة 299 فدانًا.

عمال “سماد طلخا”.. اعتصام الأسر والأكفان

في بداية العام، أعلن العمال اعتصامًا مفتوحًا داخل المصنع. ولم يقتصر الاعتصام على العمال فقط بل أحضروا أسرهم وأطفالهم. ورفع المشاركون بالاعتصام الأكفان تعبيرًا عن رفض قرار يمهد لتشريدهم وأسرهم. ويبلغ عدد عمال المصنع ما يقرب من 2500 عاملاً، معظمهم من الشباب.

مع تواصل الاعتصام وإصرار المشاركين فيه على مطالبهم، تدخل عدد من نواب البرلمان بطلب إحاطة رفضًا لقرار التصفية. بينما على الأرض هناك داخل المصنع، ألقي القبض على عدد من العمال المعتصمين. وكانوا 9 أحيلوا لنيابة أمن الدولة العليا. ما أثار المعتصمين الذي نظموا مسيرات رافضة للقرار مطالبة بالإفراج عن زملائهم وتطوير المصنع بدلاً من هدمه.

إرادة عمال “سماد طلخا” تنتصر

تواصلت اعتصامات ومسيرات العمال حتى انتصرت إرادتهم. ذلك بعد أن توافقت الرؤى بين وزارة قطاع الأعمال ومجلس الوزراء واللجنة النقابية بالشركة.

حينها، أعلن الوزير هشام توفيق أن مصانع “سماد طلخا” ستظل في موقعها الحالي بمدينة طلخا. وأن القرار جاء بعد التواصل والتنسيق مع رئيس مجلس الوزراء. حيث تم التوافق على تطوير مصنع سماد طلخا على أرض الشركة. مع استغلال مساحة 62 فدانًا من إجمالي أرض الشركة البالغة 299 فدانًا لإقامة بديل للعشوائيات.

المهندس عبدالواحد الدسوقي، رئيس مجلس إدارة الشركة، قال إن القرار هو انتصار لإرادة العمال الذين رفضوا الهدم والتحويل لمشروع سكني. رغم كل المحاولات لإنهاء الاعتصام. الأمر الذي دفع الدولة لتحقيق الصالح العام المتمثل في التطوير. وهو الخبر الذي استقبله العمال بالصلاة داخل أرض المصنع.

الاستجابة بخطة للتطوير

كاشفًا ملامح خطة التطوير، قال الوزير إنها على مراحل تم تنفيذ أجزاء منها متعلقة بوحدة الأمونيا ووحدة اليوريا. مضيفًا أنه تم طرح مناقصة عالمية في نهاية أغسطس 2020 لتأهيل وحدة الأمونيا وجميع وحدات المصنع لتصبح مطابقة للمتطلبات البيئية. بالإضافة إلى العمل بشكل اقتصادي متطابق مع المعايير العالمية فيما يتعلق بالإنتاجية واستهلاك الطاقة. وهو ما يتزامن مع تنفيذ خطة شاملة للدولة لتوفير سكن بديل للعشوائيات. مثل النماذج الناجحة المتمثلة في مشروع بشائر الخير، ومشروع الأسمرات.

وقد أضاف رئيس الشركة أن هناك شركات عالمية من سويسرا، وأمريكا، وألمانيا، والنرويج، درست كراسة الشروط لتحديث وتطوير وحدة الأمونيا. وهي شركات عالمية متخصصة، كانت ستنتهي من الدراسة قبل ذلك. لكنها طلبت مدة أطول نتيجة انتشار فيروس كورونا ثم احتفالات أعياد الميلاد. وتم المد لشهر مارس الماضي.

أوضح رئيس الشركة أيضًا أن المفاوضات التي كانت تتم لإنهاء الأزمة أكدت على رغبة العمال وإصرارهم عن عدم التنازل عن المصنع باعتباره مصدر أرزاقهم الوحيد.

الاعتصامات لم تكن وحدها سبيل التعبير الوحيد عن رفض العمال قرار التصفية. بل أرسلوا استغاثات عدة للرئيس لإنقاذهم من التشريد. طالبوه بالتدخل لحمايتهم. وهو ما يقول البرلماني عادل عياد، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أنه طلب تمت الاستجابة إليه بقرار من الدولة الحفاظ على الصناعة الوطنية.

عياد أوضح أن العدول عن قرار النقل أيضًا يساعد الشباب العاملين في المصنع. ومن الممكن مع محاولات التطوير توفير فرص عمل جديدة لمزيد من الشباب. وهو قرار إيجابي على كافة المستويات ولكافة أطراف الأزمة التي بدأت وحلها العمال بإرادتهم الحرة.

طلبات إحاطة لدعم العمال

طلبات الإحاطة أيضًا التي تقدم بها عدد من نواب البرلمان ساهمت في دعم كفة العمال. ومنها الطلب الذي تقدم به النائب محمد إسماعيل عن تنسيقية شباب الأحزاب، لوزير قطاع الأعمال مدعم بالمستندات التي تؤكد إمكانية تطوير المصنع. وأيضًا الطلب الذي تقدم به البرلماني أحمد الشرقاوي. وجاء في طلبه أن ما كان مقررًا للمصنع هو التصفية وليس النقل.

الشرقاوي تابع -حينها- بأن القرار والعدول على قرار التصفية ليس انتصار للعمال فقط، وإنما انتصار للصناعة بأكملها، مشيرًا إلى أن المصنع يضم ما يقرب من 2500 عاملاً، وكان من المقرر نقل ما يقرب من 400 عاملاً منهم فقط للسويس. بينما كان سيواجه قرابة 2100 عامل التشريد.

قال الشرقاوي إن مهمة وزارة قطاع الأعمال التطوير و”ليس هدم ممتلكات الشعب المصري”. موضحًا -في طلب الإحاطة- أن مهمة الوزارة التطوير والتنمية، وليس التصرف في الأصول أو هدمها.

أيضًا تقدمت النائبة ضحى عامر، عضو مجلس النواب عن محافظة الدقهلية، بطلب إحاطة وطلب آخر بلجنة لتقصي الحقائق. ذلك لإعادة تقييم وضع المصنع، بعد أن أرجع رئيس الوزراء المشروع للدراسة وانتهت إلى تطوير المصنع على أرضه والاستفادة من مساحة الأرض الفضاء الملحقة به.

لقد انتصرت إرادة العمال بإصرارهم على النضال من أجل حقهم المشروع. ودعمتهم كافة الأصوات في معركتهم لمواجهة التصفية. حتى تمت الاستجابة خدمة للصناعة الوطنية وإنقاذًا لمصير مئات الأسر.