يبني العمال في مصر آمالًا عريضة على تعديلات القانون 12 لسنة 2003 المعروف بـ”قانون العمل الموحد” لحل أزماتهم. لكن حتى الآن لم تظهر التعديلات إلى النور. بينما قالت مصادر برلمانية إنه من المنتظر أن يناقش مجلس الشيوخ تعديلات القانون قريبًا. عقب الإحالة من النواب.
ويطبق قانون العمل على العاملين في القطاع الخاص، ويهدف للتنمية الاقتصادي والاجتماعية وتشجيع الاستثمار. وطبقًا لمعايير العمل الدولية ينظم علاقات العمل بين العامل وصاحب العمل ويحقق التوازن بين المصالح والواجبات وينظمها.
معاناة عمالية وضياع مستحقات
يقول عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب عبدالفتاح يحيى لـ”مصر 360″ إن تعديلات القانون ستمنح عمال القطاع الخاص جزءً من حقوقهم المالية. بحيث يضمن لهم الحصول على تلك الحقوق عند النزاع مع صاحب العمل، عبر نصوص صريحة في عدة مواد من القانون.
ووفق يحيى عانى العامل المصري لعقود من الإهمال وديكتاتورية القطاع الخاص وضياع حقوقه ومستحقاته المالية. ومن هنا جاء التأييد المجتمعي لتعديلات قانون العمل الجديد والذي يصب في مصلحة العامل. خاصة أنه يضم مجموعة من الاستحقاقات وقواعد جديدة بجانب ضمانات وتحفظات لعلاقات العمل.
يقول عضو لجنة القوى العاملة إن القانون الجديد سيعفي بعض الفئات العاملة بالقطاع الخاص من بينهم الصبية المتدرجون وعمال التلمذة الصناعية. من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي للدعاوى الناشئة عن المنازعات المتعلقة بأحكام هذا القانون. تلك التي يرفعها العاملون ضد صاحب العمل أمام المحكمة. وبالتالي منح العمال مزايا وحقوق جديدة لم تكن متوافرة من قبل.
القانون القديم وتردي الأوضاع
وأضاف مدير مركز البيت العربي للبحوث مجدي عبدالفتاح لـ”مصر 360″ أن قانون العمل القديم كان له أثر بالغ على تردي أوضاع العمال المصريين. وتدهور الصناعة، وانعكاسه على الاقتصاد وتوسيع الفجوة المجتمعية.
يقول عبدالفتاح إن قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 تسبب لم يحقق التوازن في علاقات العمل خلال السنوات الماضية. إذ كان قانونًا سيئًا في انحيازه الواضح إلى رجال الأعمال وأصحاب العمل على حساب حقوق العمال.
حملات عدة طالبت بحتمية التحرك للقضاء على سلبيات القانون وصياغة مواد جديدة أكثر إنصافًا لعمال القطاع الخاص.
لماذا تأخر القانون؟
بالرغم من أهمية قانون العمل باعتباره أحد أهم قوانين الإصلاح الاقتصادي التي تُحدث التوازن بين صاحب العمل والعمال. هناك مخاوف عدة بشأن تأخر مناقشة القانون بمجلس النواب. بالإضافة إلى إمكانية عدم صدوره في الوقت الراهن لتنظيم العلاقة بين أصحاب الأعمال والعمال. كذلك بعد أن أرسلته الحكومة لمجلس النواب لمناقشته وإقراره.
مصادر برلمانية أكدت لـ”مصر 360″، أن ازدحام الأجندة التشريعية لمجلس النواب السابق أخر مناقشة قانون العمل أو إقراره بشكل نهائي في الدورة السابقة. وأضافوا أنه على المجلس الحالي سرعة إقراره بشكل نهائي.
أضافت المصادر أن لجنة القوى العاملة بالبرلمان انتهت منذ فترة طويلة من مناقشة القانون بموافقة جميع الأعضاء. كما أن هيئة مكتب مجلس النواب هي من تحدد متى تُجري مناقشة مشروع القانون في الجلسة العامة. “تأخر صدور القانون يؤثر مباشرة على فرص الاستثمار في مصر وبالتالي لابد من سرعة إنجازه”.
وتواصل المصادر أن هناك اتجاه برلماني وربما يكون حكومي بشأن التأني قبل إصدار القانون، بداعي أن مثل هذه القوانين تهم قطاعًا عريضًا من المواطنين. لذلك لابد من أخذ كافة الآراء حول القانون بما فيها آراء أصحاب العمل.
مناقشات القانون أخذت أكثر من مرحلة وتفاوض مع رجال الأعمال واتحاد العمال ووزارة القوى العاملة. وأرسل إلى مجلس الوزراء ومجلس الدولة ويرى الجميع أنه متوازن. كذلك أشارت المصادر إلى أن تأخر صدوره يعود لهيئة مكتب البرلمان الذي يضعه في جدول أعمال البرلمان قريبًا.
وأضافت المصادر البرلمانية أن تأخر إقرار القانون منذ سنوات ربما يعود إلى التخوف من مشكلات قد تحدث مع رجال الأعمال من أعضاء البرلمان. “رجال الأعمال موجودون داخل مجلس النواب وصلاحياتهم مُتعددة. وهو ما كان سببًا في تأخر صدور القانون”.
تؤكد ولاء التمامي عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، لـ”مصر 360″، أن القانون له الأولوية في المناقشة والصدور. إذ أنه أحد أهم قوانين الإصلاح الاقتصادي التي تحدث توازنًا بين صاحب العمل والعمال. لكن ربما يعود تأخر مناقشته سابقًا إلى أولوية المجلس في قوانين أخرى يراها أهم.
القطاع الخاص وحذف العقود محددة المدة
يقول شعبان خليفة رئيس نقابة العاملين بالقطاع الخاص إن النقابة حاولت خلال السنوات الماضية توفير بعض الخدمات والحقوق للعمال دون فائدة. لكن حاليًا اتخذت النقابة خطوات فعلية بعدما طالبت لجنة القوى العاملة بالبرلمان، بحذف المادة 69 من مشروع قانون العمل. المادة تنص على إبرام عقد العمل الفردي لمدة غير محددة أو لمدة محددة لا تقل عن سنة. ويجوز باتفاق الطرفين أن تجدد لمدد أخرى مماثلة.
ويضيف عقد العمل الفردي لمدة غير محددة أو لمدة محددة لا تقل عن سنة، لن يخلق أمانًا وظيفيًا بالنسبة للشباب. بجانب انتقاصه من حقوقهم لصالح مالك منشأة وجهة العمل.
صياغة مادة العقود تم استحداثها بناء على رغبة أصحاب الأعمال، لكن حدث خلط واضح بين العقد غير محدد المدة. والعقد محدد المدة الذي يتم إبرامه لإنجاز عملًا ما لمدة محددة بسنة أو سنتين، ويكون للعقد تاريخ بداية وانتهاء معين.
ويطالب القانون بحماية حقوق المواطنين ومنحهم الأمان الوظيفي لضمان وصولهم لأقصى طاقة إنتاجية. إذ يتم ذلك عبر عقود يتم إبرامها وفقًا لنصوص القانون والدستور التي تحمي العمال من الفصل التعسفي.
ماذا لو تمت تصفية المنشأة؟
ولاء التمامي عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب تقول إن قانون العمل سيضمن حق العمال حتى في حال تصفية المنشأة وإغلاقها أو إفلاسها. فصاحب العمل سيلتزم بجميع الالتزامات الناشئة عن التصفية أو الإغلاق للعامل.
تابعت التمامي أنه لا يترتب على إدماج المنشأة في غيرها أو انتقالها بالإرث أو الوصية أو الهبة أو البيع ولو كان بالمزاد العلني أو أيًأ من التصرفات. إنهاء عقود استخدام عمال المنشأة، ويكون الخلف مسئولاً بالتضامن مع أصحاب الأعمال السابقين عن تنفيذ جميع الالتزامات.
تواصل التمامي: “أن قانون العمل الجديد سيضمن حقوق العمال بشكل واضح ودقيق. دون تحيز لصاحب العمل كما كان يحدث سابقًا. لجنة القوة بمجلس النواب تتابع عن كثب كافة وجهات النظر سواء للعمال أو رجال الأعمال للوصول إلى صيغة متوازنة للطرفين بالقانون”.
وأشارت النائبة البرلمانية إلى أن قانون العمل من القوانين المحورية للقطاع الخاص، باعتباره مكملًا وداعمًا لقانون الاستثمار. كذلك لتأثيره في النهوض بالاقتصاد الوطني. خاصة أنه يتعلق بتنظيم القطاع الخاص الذي يمثل حاليًا نحو 75% من الاقتصاد المصري.