منذ عدة شهور وبالتحديد في نهاية العام 2020 بدأ الحديث بقوة عن عدد من المشروعات التي تهدف إلى  تطوير وتوسعة العمل في عدد من المجالات الصناعية. كان أهمها مشروع منطقة الروبيكي. مدينة صناعية متكاملة لصناعة الجلود. بالإضافة إلى عدد من مصانع الغزل والنسيج. تلك الفكرة التي بدأت منذ عام 1995، وكان الهدف الرئيسي منها جعل مصر مركزًا استراتيجيًا لصناعة الجلود ليس فقط على المستوى المحلى أو الإقليمي. وإنما على المستوى الدولي أيضًا.

الروبيكي.. كيف بدأت الفكرة؟

يعود مشروع نقل المدابغ من مصر القديمة إلى عام 1995. حينها أصدر محافظ القاهرة القرار رقم 161 لسنة 1995 بتغيير استعمال الموقع شمال مدينة بدر من استصلاح واستزراع الأراضي إلى منطقة صناعية تخصص لنقل المدابغ ومصانع الغراء في مصر القديمة.

بتاريخ 10 مايو 2003 أصدرت اللجنة الوزارية الخاصة المنعقدة برئاسة رئيس مجلس الوزراء في تلك الفترة قرارًا بنقل المدابغ. لكن المشروع تعثر لقرابة 12عامًا تلت القرار إلى أن قررت الحكومة منذ عدة سنوات إعادة إحياء المشروع. لتكون منطقة الروبيكى أول مدينة متخصصة لصناعة الجلود.

استطاعت هيئة التنمية الصناعية فى عام 2015 إنجاز مرحلة مهمة من مراحل المشروع الثلاث. بينما أعلنت وزيرة التجارة والصناعة -في جلسة أمام البرلمان- أن الهدف من إنشاء مدينة الروبيكي لم يكن مجرد نقل الورش والمدابغ من مكان إلى آخر. وإنما إنشاء منظومة جديدة متكاملة على طراز عالمي ومجهزة بأحدث أجهزة التكنولوجيا العالمية في مجال دباغة الجلود؛ لتكون مركزًا محوريًا في تلك الصناعة.

إنشاء شركة لإدارة مشروع الروبيكي

ولإدارة المشروع تم تأسيس شركة القاهرة للاستثمار والتطوير العمراني والصناعي لإدارة وتطوير الروبيكي. وتشارك في تأسيسي هذه الشركة وزارة التجارة والصناعة وبنك الاستثمار القومي ومحافظة القاهرة.

ويتمثل دور الشركة في إدارة المدينة وتجهيز الماكينات والآلات. وسيكون لها مجلس إدارة من عدة جهات. وذلك برأسمال 200 مليون، سيصل إلى 4 مليارات جنيه. كما من المقرر إتاحة الفرصة للشركات الاستثمارية الأجنبية للإنتاج فى مصر بقطاع الجلود وعمل قيمة مضافة للمنتج  المصري بدلاً من تصديره بصورته الأولية. كما تسعى الشركة لإقامة منطقة حرة عامة في منظقة الروبيكي. ومن المخطط للشركة إنشاء مجزر آلي متكامل لتلبية احتياجات المدابغ من الجلود.

الملامح العامة للمشروع

بحسب ما نشره موقع هيئة الاستعلامات في وقت سابق، فإن المشروع يتضمن وحدات إنتاجية وخدمات مساعدة على مساحة 511 فدانًا. وتشمل مدبغة نموذجية، سيتم بها اختبار نوعية الجلود وتطوير التصميمات والألوان الجديدة للمنتجات الجلدية. إلى جانب القيام بعمليات التدريب للموارد البشرية العاملة بالقطاع لصقل مهارتهم الفنية. ذلك وفقًا لأحدث الطرز العالمية وبالتعاون مع الجانب الإيطالي.

تضم الروبيكي ثلاث مراحل تبدأ بدباغة الجلود والمنتجات الوسيطة وحتى الوصول للمنتجات النهائية. ويبلغ إجمالي الاستثمارات التي ضختها الحكومة في هذا المشروع حوالي 2.3 مليار جنيه. بالإضافة إلى اعتماد 200 مليون جنيه، ضمن المرحلة العاجلة الأولى لتأهيل محطة الصرف الصناعي بالمدينة.

كما يتضمن المشروع منطقة محطات لمعالجة مياه الصرف الصناعي والصحي والمدفن الصحي طبقًا لأحدث التكنولوجيات. وبما يتفق مع متطلبات التوافق البيئي على مساحة 282 فدانًا. إضافة إلى منطقة الغابة الشجرية التي تروى بمياه الصرف بعد المعالجة على مساحة 280 فدانًا.

ويتضمن أيضًا مركزًا لتكنولوجيا الدباغة وصناعة الجلود على مساحة 6000 متر مربع بالتعاون مع الجانب الإيطالي. إلى جانب صناعات متكاملة (مدابغ، مصانع جيلاتين وغراء، مخازن، كيماويات، متاجر). وإقامة متحف تراثي مخصص لبيان مراحل تطور صناعة الجلود في مصر، ذلك بحسب موقع “خريطة مشروعات مصر”.

وتحتوي مدينة الجلود بالروبيكي على بنية تحتية وأساسية حديثة تتغلب على جميع المشكلات البيئية التي كانت تواجه مدابغ مجرى العيون الأثرية، إضافة إلى مراكز خدمات عامة من بنوك وقاعات مؤتمرات ومعارض ومراكز صيانة ومنافذ تسويق ومكاتب تراخيص ومستشفى ومركز إطفاء ومركز شرطة ومركز اتصالات ومصانع للغزل والنسيج.

يضم المجمع الصناعي الجديد بالروبيكي أيضًا 6 مصانع، هي: مصنع الغزل الرفيع وآخر للغزل السميك – 3 مصانع لتحضير النسيج وللنسيج الدائرى والمستطيل – مصنع للصباغة والطباعة مجهز بأحدث الماكينات التي تعمل وفق أحدث النظم والبرامج التكنولوجية.

الهدف من إنشاء مدينة الروبيكي

يهدف إنشاء مدينة الروبيكي إنشاء منظومة متكاملة بأحدث التكنولوجيا العالمية في مجال دباغة الجلود. ذلك مع الالتزام بالحفاظ على الشكل العام للمدينة، وتجنب العشوائية في الإنشاء. وكذلك تقليل الآثار البيئية السلبية الناتجة عن طبيعة الإنتاج في مجال دباغة الجلود.

ويساهم نقل منطقة المدابغ في إزالة التلوث الناتج من عمليات الدباغة نظرًا لعدم وجود محطة معالجة لمياه الصرف الصحي الصناعي في منطقة مجرى العيون بمصر القديمة. بالإضافة إلى الحفاظ على منطقة مجرى العيون باعتبارها من المناطق الأثرية المهمة وتضم مجمع الأديان. وإخلاء منطقة مصر القديمة من المدابغ القائمة بها سيتيح للمحافظة إمكانية تطويرها واستغلالها سياحيًا واستثماريًا في إقامة الكثير من الأنشطة.

من خلال الدارسة التي تم وضعها للمشروع، فإن هناك جوانب مهمة تعتبر أهم عائدات المشروع. فمن الناحية الفنية سيتم تطوير قطاع دباغة الجلود بزيادة الإنتاج من 125 مليون قدم مربع نصف مشطب إلى 350 مليون قدم مربع كامل التشطيب سنويًا. هذا بالإضافة إلى زيادة القيمة المضافة باستكمال مراحل التشطيب. خاصة وأن 85% من الصادرات الحالية للجلود غير مشطبة. أيضًا سيرتفع معدل النمو الصناعي بقطاع الجلود ليصل إلى 10% سنويًا، ما يخلق 25000 فرصة عمل مباشرة جديدة باستكمال مراحل المشروع.

كما من المقرر زيادة الاستثمارات الصناعية إلى 5,766 مليارات جنيه (تشييدات – معدات). ومضاعفة الصادرات الصناعية من (170 مليون دولار إلى 800 مليون دولار سنويًا). ورفع الإنتاجية من 60 قدمًا مربعًا لكل عامل في اليوم إلى المعدل العالمي 250 قدمًا مربعًا. بينما سيساهم هذا التطوير في تحسين ظروف وبيئة العمل، ورفع مستوى دخل العاملين، وحمايتهم في هذا القطاع بتوفير بيئة صحية للعمل.

ما تم إنجازه حتى الآن من المشروع

حتى الآن تم الانتهاء من هدم نحو  100 ورشة بمنطقة المدابغ القديمة، وصرف التعويضات وبناء قواعد الماكينات للمدابغ لبدء نقل وتشغيل أول 10 مصانع تمثل 60٪ من قيمة إنتاج مجرى العيون. كذلك تم الانتهاء من المدبغة النموذجية.

تم الانتهاء من المرحلة الأولى من مشروع مدينة الجلود بالروبيكي. بإجمالي 213 وحدة إنتاجية جرى تسكينها بالكامل لعدد 195 مستثمرًا على مساحة 176 فدانًا. كما تم الانتهاء من تخطيط 40 فدانًا بالمرحلة الثانية من المشروع  لاستكمال المستحقين من مصانع (الغراء والدباغة). حيث تصل مساحة مخطط مصانع الغراء لنحو 23000 م، على مساحة 18 فدانًا لعدد 41 مصنعًا لعدد 49 مستثمرًا.

وتصل مساحة مخطط مصانع الدباغة لنحو 34000 م، على مسطح 22 فدانًا تحوي 96 مصنعًا لعدد 101 مستثمر. ذلك باعتماد 250 مليون جنيه، لتأهيل محطة الصرف الصناعي بالمدينة، لاستيعاب التوسعات المستقبلية. فضلاً عن استكمال تركيب منظومة عدادات المياه بالكامل وعددها 208 عدادات.

كما تم استقطاع مساحة 73 فدانًا من مساحة المرحلة الثالثة من المدينة لإقامة 100 مصنع. وذلك بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية بهدف توفير منتجات الجلود تامة الصنع. وبما يخدم السوق المحلي ويحد من تصدير الجلود الخام خلال الفترة المقبلة. وذلك بإجمالي تكلفة تقديرية تقدر  بنحو 2.9 مليار جنيه. وتشمل (إقامة المصانع – الوحدات الإنتاجية ذات الصلة بالصناعات المغذية لصناعة الجلود – وأعمال الترفيق). وقد بلغ إجمالي نسبة الإنجاز في الإنشاءات نحو 35% حتى الآن.

عن اتفاقية برنامج المساعدة من الجانب الإيطالي

جاءت مشاركة الجانب الإيطالي في المشروع بهدف تقديم الدعم في عمليات إعادة نقل المدابغ إلى مدينة الروبيكى للجلود بالمنطقة الصناعية الجديدة. وذلك من خلال تقديم المساعدة الفنية لوضع الخطط الفنية وخطط أنشطة الأعمال المطلوبة من المستثمرين ورواد الأعمال. هذا إلى جانب دعم شركة القاهرة للتطوير العمراني والصناعي ومركز تكنولوجيا دباغة الجلود لبدء إطلاق أنشطتها الخدمية.

ووفقًا للاتفاقية، يُعد برنامج “المساعدة الفنية لتنفيذ مدينة الروبيكى للجلود” برنامجًا لتأسيس تجمع لصناعة الجلود في مدينة الروبيكي يتم من خلاله تنفيذ عمليات إنتاجية صديقة للبيئة عن طريق مرافق صديقة للبيئة. فضلاً عن إنشاء مركز تكنولوجيا دباغة الجلود.

أهم قرارات الحكومة لتيسير وتسهيل عملية النقل

كانت الخطة الحكومية تسير باتجاه تسهيل نقل المعدات والآلات وتسوية أوضاع أصحاب المدابغ، سواء بالتعويض لمن لا يمكن نقله إلى المدينة الجديدة، أو تسهيل التخصيص لمن تنطبق عليه شروط النقل.

وجاءت موافقة وزارة الصناعة على نقل الآلات والمعدات الخاصة بأصحاب مدابغ سور مجرى العيون إلى الروبيكي. بحيث يتم تعويض أصحاب المعدات والآلات التي لا يمكن إحلالها من جانب الحكومة نظير تلف هذه الآلات. أيضًا بدأ تخصيص الأراضي لأصحاب المدابغ الراغبة في النقل، وسيتم البدء في تشغيل منطقة الروبيكي الصناعية للجلود بمدينة بدر بعد موافقة وزارة الصناعة والتجارة على التشغيل فور نقل وتركيب المعدات. ذلك إلى جانب إعطاء تراخيص تشغيل المصنع كاملة لأصحاب المصانع، حيث مساحات الورش الكبيرة والتأمين عليها وعلى العمال.

أكدت الحكومة أيضًا على التزامها بالتيسير على الراغبين بنقل مصانعهم إلى الروبيكي. بإقامة جميع القواعد الخرسانية المطلوبة والأرضيات وتوصيل الخدمات لهم. مع إتاحة قروض ميسرة للراغبين فى تطوير المصانع وشراء معدات جديدة.

كما وافق مجلس الوزراء على تخصيص 1008 شقق بمساحة 95 مترًا مربعًا للعاملين على بعد 800 متر فقط من موقع العمل. لإعطاء مزيد من الاستقرار والتوطين لهذه المنطقة. وتدرس محافظة القاهرة توفير خطوط أتوبيسات نقل عام لربط المدينة الصناعية بمدينة بدر وكذلك بوسط المدينة.

صرف تعويضات فورية بقيمة 2310 جنيهات للمتر لمن يرغب في الحصول على التعويضات والخروج من هذه الصناعة. شريطة ألا يحصل عليه إلا أثناء الهدم والإزالة للموقع الذي تم تعويضه عنه.

عقد اجتماعات مكثفة مع أصحاب المدابغ أسبوعيًا يتم خلالها بحث مطالبهم ومقترحاتهم وتلبيتها لتحفيزهم على إتمام النقل في أسرع وقت مع منح أصحاب المدابغ الذين يسارعون فى إتمام عمليات النقل مزايا وتسهيلات ومساعدتهم في نقل وتركيب المعدات والماكينات.