لا تزال اللجنة الوزارية المختصة بترخيص وتقنين أوضاع الكنائس ودور العبادة المسيحية تفتش في الأوراق القديمة لآلاف المباني. تلك المهمة تسبق إعطاء تذكرة العبور إلى الله للكنائس غير المرخصة التي تحكي سنوات من إهمال الحق في الصلاة.

وتجتمع اللجنة الوزارية لإصدار قرارات الترخيص ما بين ثلاث أو أربعة مرات سنويًا، كان آخرها منذ أيام. ومعها ارتفع إجمالي عدد الكنائس التي تم تقنين أوضاعها إلى 1882 كنيسة ومبنى خدمي.

وتوزعت الكنائس والمباني الجديدة المرخصة بواقع: 316 بمحافظة المنيا و166 في الجيزة و163 في الإسكندرية و 159 في سوهاج. بينما ما زالت 4 آلاف كنيسة أخرى تنتظر تقنين أوضاعها.

ماذا يعني تقنين أوضاع أو ترخيص الكنائس؟

البيئة التشريعية المقيِّدة لبناء الكنائس أوجدت أعدادًا كبيرة من الكنائس المقامة منذ مئات السنين. تلك المباني لم يصدر لها قرار من الباب العالي أو قرار ملكي أو جمهوري فيما بعد. وكذلك الكنائس التي أنشئت بموافقات شفهية من أجهزة الأمن، ويُصلى فيها منذ عشرات السنين، بدون أوراق رسمية.

هذه المباني يأخذ بعضها الشكل التقليدي للكنائس، والبعض الآخر على هيئة قاعات أو منازل يُصلى داخلها بانتظام. هذا ما أوضحه الأنبا بيمن رئيس لجنة الأزمات بالمجمع المقدس قائلاً: “مش بنبني كنائس بلوي الدراع، ولكن كل الكنائس غير المرخصة تم بنائها بتفاهمات شفوية مع الأمن”.

إلا أن هناك كنائس أخرى تدخل في عداد المباني الأثرية؛ إذ مرّ على إنشائها أكثر من 100 سنة وما زالت حتى اليوم بلا أية أوراق ثبوتية. ومن ثم كان إعادة تقنين أوضاع هذه الكنائس أحد أهداف قانون بناء الكنائس الصادر عام 2016.

كيف يضمن القانون توفيق أوضاع الكنائس القديمة؟

تناولت ثلاث مواد في القانون تقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية وبيوت الخلوة المستخدمة فعليًّا في الصلاة، وتقديم الخدمات الدينية للمسيحيين. ونصت القانون على تشكيل لجنة لتوفيق أوضاع الكنائس خلال فترة زمنية معينة، وفق شروط لمنح التراخيص.

في 26 يناير 2017، صدر قرار رئيس الوزراء رقم 199 لسنة 2017 بتشكيل لجنة توفيق أوضاع الكنائس المنصوص عليها في القانون. جاء تشكيلها برئاسة رئيس الوزراء وعشرة أعضاء: ستة منهم وزراء “الدفاع، الإسكان، التنمية المحلية، الشئون القانونية ومجلس النواب، العدل، الآثار”.

كما ضمت اللجنة ثلاثة ممثلين عن “المخابرات العامة، الرقابة الإدارية، الأمن الوطني”، بالإضافة إلى ممثل واحد عن الطائفة المعنية.

اللجنة الوزارية وشروط الترخيص

هذا التشكيل كان محل جدل أيضًا بالنظر إلى كونه غير ممثل لكل الأطراف ذات الصلة بعملية بناء وترميم الكنائس، وسيطرة الجهات الحكومية لاسيما الأمنية على اللجنة.

المآخذ على القانون عديدة، من بينها عدم تحديد مصير المباني والكنائس التي يتم رفض طلبات ترخيصها. كما لم ينص على أوجه التظلم حيال ذلك، بالإضافة إلى مصير المباني القديمة في حال سقوطها أو تهدمها.

لم يحد القانون الجدول الزمني أمام اللجنة الحكومية للانتهاء من نظر الطلبات المقدمة إليها، وهو ما أثار مخاوف من إرجاء طلبات بدون سند قانوني.

وتفحص اللجنة أوراق دور العبادة للتأكد من عدم إنشائها بمناطق عسكرية، أو أراضٍ زراعية، وتتأكد من استيفاء شروط البناء الطبيعية. وتشترط اللجنة أن تسدد دور العبادة قيمة الأراضي التي أنشئت عليها وأن تلتزم بقواعد الحماية المدنية.

من جانبه، قال القس ميخائيل أنطون ممثل الكنيسة القبطية في لجنة تقنين أوضاع الكنائس إن اللجنة الوزارية المكلفة تواصل أعمال المعاينات بباقي الكنائس التي لم تنل التراخيص.

4500 كنسية أرثوذكسية

وأشار إلى أن كنيسته الأرثوذكسية تقدمت تقريبًا بأوراق حوالي 4500 كنيسة للجنة المكلفة. وأوضح أن قرارات ترخيص الكنائس القديمة تأتي تطبيقًا لنصوص قانون بناء وترميم الكنائس الصادر عام 2016 ولائحته التنفيذية. وذلك أن القانون تقنين أوضاع الكنائس غير المرخصة يضمن توافر اشتراطات بيئية وبنائية وأمنية.

وأوضح أنطون أن صدور قرارات بتقنين عدد من الكنائس لا يعني رفض البقية، إنما يتم العمل على دفعات على أن يتم ترخيص الكنائس فور الانتهاء من معاينتها والتأكد من استيفائها الشروط، لافتًا إلى أن وتيرة العمل أصبحت أسرع عن ذي قبل.

طلبات عاجلة

أما يوسف طلعت محامي الكنيسة الإنجيلية وممثلها القانوني أمام اللجنة، فأشار إلى أن ممثلي الكنائس يرسلون للجنة بعض الطلبات الخاصة مثل استعجال ترخيص كنيسة بعينها أو مبنى يقع في منطقة شائكة قد يتسبب في الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين أو بين الطوائف المسيحية.

وأشار إلى أن اللجنة تتعامل باستجابة كبيرة مع تلك الطلبات وتراعي الحفاظ على حالة السلام الاجتماعي وهو ما يبرز تصدر محافظة المنيا قائمة الكنائس التي حصلت على تراخيص، فهي من ناحية تضم أكبر تجمع للمسيحيين في الشرق الأوسط، ومن ناحية أخرى فإنها قد شهدت السنوات الماضية عدة مشاحنات بسبب كثرة الكنائس غير المرخصة بها.

ويشترط القانون في تقنين الكنائس أن تكون مبانيها مقامة قبل تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وتُقام بها الشعائر الدينية المسيحية. ويشترط أن تثبت سلامة مباني الكنيسة الإنشائية وفق تقرير من مهندس استشاري معتمد من نقابة المهندسين.