في مواجهة التعنت الأثيوبي بخصوص سد النهضة، أشهر السودان سلاح تبعية إقليم بني شنقول له، وهو مارفضته أديس أبابا واعتبرته “أمرا مؤسفا”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، اليوم، إن تلك التصريحات بخصوص إقليم بني شنقول “غير مقبولة”، وتأتي في إطار الضغط على إثيوبيا بخصوص سد النهضة، على حد تعبيره.
وأكد المتحدث الإثيوبي أن بلاده “متمسكة بالاتحاد الأفريقي ولن نقبل تحركات السودان بربط موضوع الحدود بمفاوضات السد”.
وكانت وزارة الخارجية السودانية، اعتبرت أن تنصل إثيوبيا من الاتفاقيات السابقة يعني المساس بسيادتها على إقليم بني شنقول المبني عليه سد النهضة، والذي انتقل إليها بموجب بعض من هذه الاتفاقيات.
ملف المياه يجدد الحديث حول الحدود
الخارجية السودانية، قالت إن محاولات إثيوبيا التنصل من الاتفاقيات الدولية من خلال تعبئة الرأي العام الداخلي ضدها، إجراء يسمم مناخ العلاقات الدولية.
وأشار بيان للوزارة أن ادعاء أديس أبابا بأن الاتفاقيات المعنية “إرث استعماري” لا يعتد به، هو مغالطة للوقائع التاريخية، مشيرا إلى أن إثيوبيا كانت دولة مستقلة وقت إبرام هذه الاتفاقيات.
ويبدو أن ملف المياه يجدد الحديث المحتد بالأساس حول الحدود، ويربطهما ببعض، خاصة مع اعلان أديس أبابا اصرارها على الملء الثاني للسد من طرفها، ورفضها أي محاولات للتفاوض.
وجددت إثيوبيا، في فبراير الماضي، مطالبتها السودان بسحب جيشه من أراضٍ سيطر عليها بمنطقة “الفشقة”، قبل شهور.
وبعد ساعات، ردت الخرطوم بالتشديد على أنها لن تنسحب من أراضي “الفشقة”، مؤكدة أن جيشها استعاد، في ديسمبر الماضي ، أراضٍ سودانية كانت تسيطر عليها “مليشيات إثيوبية” منذ 25 عاما.
والنزاع في منطقة “الفشقة” الحدودية قديم، لكنه ظل بين مزارعين إثيوبيين وسودانيين، حيث يهاجم مسلحون إثيوبيون مزارعين سودانيين بغرض السلب والنهب، وكثيرا ما سقط قتلى وجرحى.
وتتميز أراضي “الفشقة” السودانية، البالغ مساحتها 251 كيلومترا مربعا بخصوبتها الزراعية، وهي مقسمة إلى ثلاثة مناطق: “الفشقة الكبرى” و”الفشقة الصغرى” و”المنطقة الجنوبية”.
ويطالب السودان بوضع العلامات الحدودية مع إثيوبيا بناء على اتفاقية 15 مايو 1902، التي وقعت في أديس أبابا بين إثيوبيا وبريطانيا التي كانت تحتل السودان، فيما ترفض أديس أبابا الاعتراف بتلك الاتفاقية، وتطالب بالحوار لحسم الخلافات حول الحدود.
وتنص المعاهدة، على تعهد الإمبراطور الإثيوبي، منليك الثاني، بعدم تشييد أي سدود على النيل الأزرق وبحيرة تانا أو نهر السوباط، يكون من شأنه منع جريان المياه إلى النيل إلا بالاتفاق مع الحكومة البريطانية وحكومة مصر بالسودان.
ويؤثر التصعيد بين الجارتين، على منطقة القرن الإفريقي بأكملها، مما دفع أطراف دولية لمحاولة التدخل، وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أجرى مكالمتين هاتفيتين مع رئيسي وزراء السودان وإثيوبيا، للمساعدة في خفض التوتر، وفق المتحدث باسمه.
اقرأ أيضا:
على مسرح سد النهضة.. كيف تلعب الأطراف بأوراق الضغط ؟
تعنت إثيوبي في مفاوضات السد
منذ العام 2011، تتفاوض مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من الجهة الأخرى، للوصول إلى اتّفاق حول ملء سدّ النهضة الذي تبنيه أديس أبابا، وفي ظل إصرار أثيوبي على الانفراد بالقرار، أخفقت الدول الثلاث في التوصل إلى اتفاق.
وتطالب مصر والسودان إثيوبيا بتأجيل خططها لملء خزان السد حتى التوصل إلى اتفاق شامل، وكانت أديس أبابا في 21 يوليو 2020 أعلنت أنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء الخزان البالغة سعته 4,9 مليارات متر مكعب والتي تسمح باختبار أول مضختين في السد.
وتتمسك مصر والسودان بالوساطة الإفريقية بشأن أزمة سد النهضة، لكنهما طالبا بوساطة رباعية تشمل الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بعد فشل المفاوضات في التوصل لحل.
كما لم تنجح آخر جولة مفاوضات عقدت في عاصمة الكونغو الديمقراطية كينشاسا في حلحلة الخلاف، وفي غضون ذلك تحدثت الخرطوم عن دراستها خيارات قانونية مختلفة، من بينها رفع دعاوى قضائية ضد الشركة الإيطالية المنفذة، وضد الحكومة الإثيوبية.
في المقابل، تنفي أديس أبابا أن يكون لعملية الملء الثاني أي أضرار محتملة على دولتي المصب، وتؤكد على أنها تحمي السودان من مخاطر الفيضان، كما انها ترفض أي ربط بين ملفي الحدود و “النهضة”.
ويمثل نهر النيل بالنسبة لمصر مصدر أساسي للمياه، بما يمثل 97% من مواردها كافة، ويهدد سد النهضة السكان على وادي النيل بالعطش، كما يمثل خطرا على الحياة البيئية، في ظل متغيرات مناخية عالمية مأزومة بالأساس.
بني شنقول أرض الذهب
يسكن بني شنقول القبائل الحدودية بين إثيوبيا والسودان، وهى أرض واحدة تعيش عليها مجموعة من قبائل البرتا أو بنى شنقول أو الفونج قبل التقسيم الذى لم يهتم بالحدود القبلية، فتسبب بتقسيم القبائل والجماعات العرقية الواحدة إلى دول مختلفة.
وتسكن إقليم بني شنقول 5 قوميات هي “البرتا والقومز والكوما والماو والشناشا”، والشنانا التي تقطن في الشمال ذات صلة وثيقة بالأمهرا التي تشكل مع الأرومو أكبر مجموعتين عرقيتين في إثيوبيا.
وقد تمت تسميتها باسمها طبقا للدستور الفدرالى الإثيوبى الذى ينص على تسمية الأقاليم بأكبر جماعة عرقية فيها، أما فى ولاية النيل الأزرق السودانية الحدودية، فتعرف باسم “البرتا”، وأيضا باسم “الفونج” عند مجموعة قليلة جدا منهم.
وتتنوع الديانات داخل الاقليم ما بين الاسلام والمسيحية، وبشكل عام ينتشر الإسلام حيث يشكل إجمالى عدد المسلمين في البلاد حوالى 25 مليون، بنسبة تصل إلى 33.9 %.
أما الزى القومى للإقليم فهو الزى القومى للسودان، ويتمثل في الجلابية والسروال الطويل والطاقية، ويفضلون الألوان الصريح كالأحمر والأصفر والمزركش، والنساء يرتدين “التوب السودانى” بألوانه المتعددة.
كما تعيش المنطقة وطأة أوضاع اقتصادية صعبة على الرغم من تنوع الموارد بها، خاصة الذهب الذى اشتهرت به منذ آلاف السنين حيث عرفت بــ «بلاد الذهب»، وبسبب وجود «جبال الذهب» تعرضت هذه الجماعات إلى استعمار بلادهم.
وتعاني إثيوبيا أيضا من انقسامات عرقية حادة. فإلى جانب إقليم تيغراي المشتعل بالمعارك بين القوات الحكومية الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي المعارضة، هناك مناوشات وصراعات بين أقاليم أخرى، مثل الأورومو والأمهرة، وإقليم عفار.