30 عامًا مرت على بدء قضايا شركات توظيف الأموال في مصر عام 1991. حينها كان “السعد” لا يزال شابًا ثلاثينيًا، لا يتخطى عمره 37 عامًا. اليوم أصبح السعد شيخًا تجاوز عمره الستينيات. لكن رغم مرور سنوات طويلة على قضية شركات توظيف الأموال بقي اسم “أشرف السعد” مثيرًا للجدل، لكن الجدل هذه المرة ليس على صفحات الجرائد، بل من خلال محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي.

مؤخرًا عاد السعد للأضواء مرى أخرى، بعدما أفرجت عنه سلطات مطار القاهرة الدولي. إذ عاد رئيس مجموعة السعد للاستثمار، وصاحب إحدى أكبر شركات توظيف الأموال المتحفظ عليها بمعرفة الدولة، إلى القاهرة بعد رحلة هروب استمرت أكثر قليلًا من ربع قرن.

السعد كان رئيسًا لمجموعة السعد للاستثمار، التي وصلت قيمة استثماراتها بحسب عدد من المصادر إلى 23 مليار جنيه.

أشرف السعد في طائرة مصر للطيران متوجه لمطار القاهرة

موقف السعد القانوني

مصادر أمنية في مطار القاهرة قالت إن “السعد” وصل المطار وتم التحفظ عليه بمعرفة إحدى الجهات الأمنية لحين التأكد من سلامة موقفه القانوني. كذلك للتأكد من سقوط كل الأحكام التي صدرت ضده خلال فترة هروبه. والتأكد من عدم طلبه للمثول أمام أي جهة أمنية أو صدور قرار باللقاء القبض عليه.

أشرف السعد هرب من القاهرة إلى بريطانيا عقب تحفظ الجهات القضائية على أمواله في قضية اتهامه بتوظيف أموال دون ردها منذ التسعينيات. قبل أن يعلن عودته بعد ربع قرن من الهروب. وقال عبر تدوينه له على توتير: “بعد أكثر من ربع قرن غياب عن بلدي مصر. كان غيابًا جسديًا فقط وبقيت روحي في مصر. بعد كل هذه السنين أعود اليوم إلى مصر”.

“السعد” من مواليد 1 يناير 1954، كان يمتلك أحد أكبر شركات توظيف الأموال في التسعينيات. إذ كان يحصل الأموال من المواطنين بهدف الحصول على أرباح شهرية وسنوية. وكن يطلق عليه “نجم شركات توظيف الأموال في مصر”.

السعد صغيرًا

لا قضايا على أشرف السعد

رغم كل القضايا التي تورط فيها السعد، إلا أن مصادر قضائية أكدت في أكثر من موقع إخباري، أنه غير ملاحق قضائيًا. كذلك قالت المصادر إنه كان متهمًا في قضية توظيف أموال مواطنين دون ردها. وفر خارج البلاد في عام 1993، والمدعي العام الاشتراكي، الجهاز الذي تم إلغائه في عهد مبارك. وآلت صلاحياته إلى جهاز الكسب غير المشروع، الذي حقق في القضية وأمر بالتحفظ على ممتلكاته.

وتابعت: “المدعي العام الاشتراكي تمكّن من رد أموال المودعين بنسبة 100% من خلال ممتلكاته المتحفظ عليها وقتها. بينما صدر حكم نهائي من محكمة النقض في 2010 بتأييد الحكم بإنهاء الحراسة على ممتلكاته وإعادة الأموال المستحقة له”.

كما ذكرت المصادر: “محكمة القيم في حيثيات حكمها الصادر في 2007 أن السعد سدد جميع المديونيات على الشركة لدى الأفراد والشركات والبنوك. إلا أن المدعي العام الاشتراكي طعن على الحكم ورفضته محكمة النقض”.

أشرف السعد في لندن

تفاصيل خروج السعد من مصر

تعود تفاصيل خروجه من مصر إلى عام 1991 حينما خرج إلى باريس في رحلة علاج بعد حصوله على مبالغ طائلة من المواطنين لتوظيفها. كان ذلك التوظيف مقابل أرباح شهرية وسنوية كبيرة. وبعد 3 أشهر من سفره إلى فرنسا أصدرت النيابة العامة والمدعي العام الاشتراكي قرارًا بوضع اسمه على قوائم الترقب والوصول. بينما أحيل إلى المحاكمة بتهمة إصدار شيك دون رصيد، وصدر ضده حكم بالسجن لمدة سنتين في يناير عام 1993.

عقب عودته من فرنسا واجهته السلطات بالاتهامات، منها إصدار شيكات دون رصيد وتوظيف أموال. وصدر قرار بحبسه، وفي نهاية ديسمبر عام 1993 أخلي سبيله بكفالة 50 ألف جنيه. بعدها تمكن من السفر إلى فرنسا مرة أخرى للعلاج في عام 1995.

المدعي الاشتراكي أعاد أموال المودعين بعد التحفظ على ممتلكات السعد، ما جعل الأخير يقيم دعوى في 2004 من الخارج لإنهاء الحراسة.

إعلان الريان والسعد

إنهاء الحراسة على أمواله وممتلكاته

لتقرر محكمة القيم في 2007 إنهاء الحراسة على أملاك أشرف. كذلك علقت: “سدد جميع المديونيات على الشركة لدى الأفراد والشركات والبنوك. إلا أن المدعي العام الاشتراكي في ذلك الوقت طعن على قرار المحكمة”.

وقضت محكمة النقض بتأييد الحكم بإنهاء الحراسة على ممتلكات أشرف وإعادة الأموال المستحقة له.

وعلق وقتها: “الحكم القضائي النهائي ليس فقط حكمًا برفع الحراسة عن ممتلكاتي وممتلكات شركتي. لكن هو في المقام الأول حكم نهائي برد الاعتبار لشركة أشرف ولي شخصيًا. كما أنه دليل على أن شركة السعد أوّفت بجميع التزاماتها تجاه المودعين وكل أصحاب الحقوق منذ عام 1994”.

إعلان قديم لشركة السعد

ضحايا أشرف السعد

في هذا السياق، تروي مي الحفيدة عن جدها الذي تعرض للنصب من أشرف السعد بعد تسليمه مبلغ ٥٠٠ ألف جنيه في فترة الثمانينيات “جدي كان حاطط معاهم مبلغ كبير زمان لو كان فضل في البنك كان ممكن يبقى دلوقتي مبلغ ضخم.. لكن لما حصل موضوع النصب ده طبعا راح عليه كل الفلوس وادوله شوية أجهزة ومرواح”.
 
تضيف مي: “جدي توفاه الله من شهر ولو كان عايش كان هيتمنى ياخد حقه من السعد”.
 
ومن الحفيدة للابنة، تروي لمياء ذكريات والدها وعمها عن محاولة استغلال أشرف السعد لأموالهم فتقول: “أيام شركة السعد عمي الله يرحمه اقنع بابا انه يسحب فلوسه من البنك ويستثمرها في الشركة بما ان فوايدها وقتها كانت لا تقارن بفوايد البنوك”.
 
اقتنع والد لمياء بحديث شقيقة الذي قام بدفع مايملكه-دون تحديد للمبلغ- وبالفعل ذهب لأحد البنوك لأستخراج أمواله ولكن أحد الموظفين نصحه بالانتظار لمدة يوم واحد بعد علمه لسبب سحب الأموال.
 
جاء ذلك الانتظار بمثابة إنقاذ غير مباشر لوالد لمياء “تاني يوم كان مانشيتات عن القبض عليهم، بابا فضل يدعي للموظف دا طول حياته وأنا كل ما باشوف اشرف السعد وكل ما افتكر ادعي للموظف، وللأسف عمي وزوجته وزيهم كتير فلوسهم ضاعت ‏وفيه ناس بيوتها اتخربت رسمي”.

حياة مليئة بالمفاجآت

ورغم حياته المليئة بالملاحقات والقضايا لم تخلو أيضًا من المفاجآت. فالرجل تزوج 11 مرة كانت أشهر زيجاته الصحفية إلهام شرشر الصحفية التي بدأت حياتها كمحررة حوادث في جريدة الأهرام اليومية، منتصف عام 1995، قبل أن يهرب من البلاد مرة أخيرة. شرشر توجت بعده اللواء حبيب العادلي آخر وزير داخلية في عصر مبارك. بالإضافة إلى زوجة عراقية، وله 9 من الأبناء. كان أشهر ابنائه “إبراهيم” الذي ألقي القبض عليه عام 2013، بتهمة خطف رجل أعمال، وإجباره على التنازل عن ممتلكاته في الشهر العقاري. كذلك توفت ابنته الكبرى “سارة” في سن الـ18 في سبتمبر عام 2011، بعد صراع مع المرض.

إلهام شرشر

علاقته بعبداللطيف الشريف والإخوان

في يوليو 2011، نفى رجل الأعمال عبداللطيف الشريف تمويله لجماعة الإخوان المسلمين. إذ علل ذلك بأن الجماعة لا تحتاج له ماديَا. وقال إن لديهم مصادر خاصة على الرغم من تأييده لدعوتهم، ومشاركته لخيرت الشاطر في عدة شركات تجارية.

الشريف أحد شركاء السعد في مجموعة السعد للاستثمار قال إنه لم يهرب مع أشرف. بل أن أشرف نفسه لم يهرب: “لم نهرب يومًا ولكننا سافرنا إلى الخارج. لو أردت الهروب لكنت قبلت الجنسية السويسرية حين عرضت عليا. لكني رفضت بسبب شعوري بأنني لم أفعل شيئًا أهرب منه”.

مرتضى منصور والريان

علاقتهما بصالح كامل

الشريف والسعد قالا إن الشيخ صالح كامل رجل الأعمال السعودي الشهير الراحل، عرض على الحكومة المصرية تسديد كافة مبالغ المودعين. لكن الحكومة كانت في انتظارهما. وعندما علم الشيخ صالح تراجع عن موقفه.

 

شارك في التغطية: سوزان عبد الغني