وافق محمد سعيد أثناء عقد القران على زوجته، على منحها العصمة وإعطائها حق تطليق نفسها منه. لكن بشرط إخفاء ذلك على أسرته وأصدقائه، حتى لا ينتقص الأمر من رجولته أمامهم.

يعلم محمد أن المجتمع سيرفض الفكرة، رغم اقتناعه هو بها وتأكده أنها أحد حقوق زوجته، كما أن الشرع أباحها. إلا أن المجتمع يراها بطريقة مختلفة. أشار لـ”مصر 360″، إلى أن زوجته وافقت على أن يظل الأمر سرًا. كذلك اتفقا مع المأذون على عدم إعلان هذا البند على الملأ أثناء عقد القران.

ما رواه محمد يتباين مع مواقف قطاع كبير من الرجال، منهم من يرفض الأمر رفضًا قاطعًا. بينما يرحب آخرون بشرط أن يصبح الأمر سرًا، الجميع يعلم أن وجود العصمة في يد الزوجة يمنحها حق تطليق نفسها.

محمد يحب زوجته، ويعلم جيدًا أن الزواج عبارة عن اتفاق بين طرفين، من خلال بنود وشروط. وهو ما دفعه للموافقة على طلبها لتصبح العصمة في يدها.

“عارف إن مراتي مش هتستخدم الحق ده في حاجة تخرب البيت. وفي نفس الوقت لو قلت لأهلي ولا حد من صحابي هيبصوا لي بصة مش كويسة. بحكم المجتمع اللي حوالينا، ولأن هي حاجة خاصة بينا إحنا الاتنين قررنا منقولش لحد غير المأذون”.

عقد قران

اتفاق زوجين يوافق الشرع ويخالف نظرة المجتمعي

رانيا هيكل، المحامية المهتمة بقضايا الأسرة والمرأة، تقول لـ”مصر 360″، إن الأمر يتم بعد اتفاق بين الزوحين وهو مباح شرعًا. لكن العرف المجتمعي يرفضه لأنه يرى المرأة من الممكن أن تنهي الحياة الزوجية لأسباب “تافهة”. وهو ما يجب تغيير النظرة له، فالزوجة من حقها أيضًا حصولها على حريتها وتطليق نفسها، طالما أباح لها الشرع هذا الحق. بشرط التراضي بينها وبين زوجها على هذا الأمر.

وأضافت أنه عندما تكون العصمة في يد الزوجة، تصبح نائبة عن الزوج في إيقاع الطلاق لنفسها، وطلاقها يكون رجعيًا. في هذه الحالة فللزوج مراجعتها في خلال فترة العدة في خلال 3 أشهر، فإن راجعها عادت الحياة الزوجية بينهما مجددًا.

العصمة في السعودية

في السعودية، أثار تصريح لعضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المنيع عام 2019. حول اشتراط المرأة في عقد الزواج أن يكون لها حق تطليق نفسها الكثير من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال المنيع لصحيفة عكاظ السعودية إنه “في حال اشترطت المرأة هذا الشرط واشتمل العقد عليه فهو جائز”. سبقه تصريح لعضو لجنة حقوق الإنسان والهيئات الرقابية في مجلس الشورى الدكتورة إقبال درندري، الذي أكدته فيه أنه من المهم المساواة بين الرجل والمراة فيما يتعلق بالزواج والطلاق. وينبغي إعطاء المرأة الحق في عقد الزواج وفي إيقاع الطلاق.

ما فعله محمد، خالف تجربة حسين شوقي، الذي فضل الانفصال عن خطيبته التي اشترطت عليه منحها العصمة لإتمام الزيجة. قال إنه تقدم لخطبتها منذ عامين، وبعد عام وعند قرب موعد الزواج، أخبرته برغبتها. قابل الطلب برفض تام ودون نقاش، فتمسكت برأيها، فقررا الانفصال.

إنهاء العلاقة رغم الحب

الحب دفع محمد للموافقة، ولكن حسين برغم حبه لخطيبته إلا أنه رأى أن طلبها سينتقص من رجولته. “إزاي يعني تطلب مني طلب زي ده. ولو حصل أي مشكلة تافهة ولا اتخانقنا على طقب مكسور هتتطلق مني. الستات عاطفيين ومينفعش يبقى القرارات دي في إيديهم هما”.

يرى حسين أن خطيبته وباقي النساء عاطفيات، وهو السبب الذي يمنعهن من اتخاذ القرار السليم عند التفكير في الطلاق. وهو ما يتفق معه فيه الداعية السلفي سامح عبدالحميد، في أن المرأة عاطفية، ومنحها الحق في تطليق نفسها من الممكن أن يؤدي لهدم المنزل. كما أن القانون منح المرأة حق الخلع عند استحالة الحياة مع زوجها، ورفضه تطليقها. ويمكنها اللجوء لهذا الأمر عند الرغبة في إنهاء الحياة الزوجية، في حديثه لـ”مصر 360″.

عام 2019 شهد توثيق 225 ألف حالة طلاق، بزيادة 24 ألف حالة عن 2018. فهناك حالة طلاق واحدة تقع كل دقيقتين و20 ثانية،

وكانت دراسة للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حذرت من ارتفاع حالات الطلاق خلال العقدين الأخيرين. كذلك ذكرت أن معدل حالات الطلاق خلال العقد الأول من فترة الدراسة (1996-2005) بلغ 1,1 لكل ألف نسمة من السكان. بينما ارتفع معدل الطلاق خلال العقد التالي (2006-2015) ليصل إلى 1,7 حالة لكل ألف نسمة من السكان.

رامي نبيه، رفض أن تكون العصمة في يد زوجته المستقبليه، كما أشار إلى أن صاحب قرار الطلاق هو الرجل، لأنه الأكثر حكمة. وهو من يستطيع التصرف في تلك المواقف. ورغم أنه لم يتجاوز الـ23 عامًا من عمره، إلا أنه رفض أن تأتي زوجته في المستقبل وتطلب منه منحها حق تطليق نفسها. قائلًا: “وأنا دوري إيه بقى إن شاء الله”.

الاتفاق بين الشريكين شرط الزواج السليم

لماذا تطلب السيدات العصمة؟

على الجانب الآخر، ترى السيدات والمهتمات بالشأن النسوي أن منح حق الطلاق للرجال فقط، تمييز للذكور على حساب السيدات. خاصة في مسائل لا يرفضها الشرع، وهو ما أكدته أماني سليم. “المرأة حاليًا أصبحت أكثر معرفة بحقوقها من الماضي. ويمكنها أيضًا أن تكون صاحبة الحق في اتخاذ قرار استكمال الحياة أو نهايتها”.

وترى أماني أن إثارة مثل هذه المواضيع في الوقت الحالي، يأتي بسبب معرفة السيدات بالكثير من حقوقهن والمطالبة بها. وهو ما يقابل برفض من الرجال والمجتمع، الذي كان وما زال في صف الرجل دائمًا. يمنحه كافة الحقوق، ويسلب المرأة من الحقوق التي يبيحها لها الشرع أيضًا.

الطلاق

الأسباب التي تدفع النساء للتمسك بحق تطليق أنفسهن، يأتي لأسباب متعددة، منها المساواة مع الرجل، وأيضا الخوف من التجربة الثانية. كما حدث مع شاهيناز شريف، التي تزوجت لمدة 3 سنوات، وانفصلت عن زوجها بعد رفضها طلاقها. “عشت مع جوزي تقريبًا 3 شهور بس، وباقي الـ3 سنين كانت محاولات ودية مني ومن أهلي وتدخلات من أهله وأصحاب إنه يطلقني. ده طلعني من التجربة وأنا خايفة أدخل في نفس الدايرة دي تاني”.

قررت شاهيناز عند القدوم وأخذ خطوة الزواج مرة ثانية، أن تصبح العصمة في يدها.:”لما العصمة تكون في إيدي ده مش هيمنع جوزي إنه يطلقني، بس ده هيحميني لو هو رفض يطلقني. خاصة أن طريق المحاكم مش سهل، ونتيجته مش دايمًا بتكون في صالح الست”.