يترقب المجتمع الحقوقي حول العالم بمزيد من القلق، قضية الأكاديمي السعودي الأصل، الأسترالي الجنسية أسامة الحسني خوفًا من تكرار مصير الصحفي جمال خاشقجي.

“أسامة” 42 عامًا رُحِّل من المغرب إلى السعودية قسرًا في 13 مارس الماضي. بعد احتخاز السلطات المغربية له بناءً على إخطار من الحكومة السعودية لـ”الإنتربول” في الثامن من فبراير 2021. الإخطار والترحيل عقب حكم على “أسامة” بالسجن لتوجيهه انتقادات عدة للمؤسسة الدينية السعودية. بينما كانت ذريعة القبض عليه سرقة عدد من السيارات.

القضية حازت على تفاعل كبير بسبب تشابه تفاصيلها مع قضية “خاشقجي”. ما دفع منظمة “هيومن رايتس ووتش” لإصدار بيان وصفت فيه ما حدث بالأمر التعسفي ذو الدوافع لاسياسية. كما أن “الإنتربول” استُخدم فيه لاعتقال المعارضين في الخارج.

الحسني

من هو أسامة الحسني؟

هو أكاديمي كان يعمل مستشارًا لوزير العدل السعودي، وأستاذًا في جامعة الملك عبدالعزيز، وإمامًا وطالبًا في أستراليا. وداعية في بريطانيا. تم اتهامه بسرقة عدد من السيارات من قبل السلطات السعودية، مع تأكيد عدم وجود دافع سياسي في الأمر.

كذلك أفادت تقارير بأن محكمة سعودية حكمت على الحسني، بالسجن عامين. لكن مصادر قالت إن الادعاء كاذب. فالتوقيت الذي اتهم فيه الحسني بين عامي 2014 و2017 كان يعمل فيه مستشارًا لوزيرين سعوديين. ما يُرجع وجود الدوافع السياسية في القضية.

بحسب زوجتە: “بعد أربع ساعات من وصوله المغرب داهمت الشرطة منزلنا بحجة إن السعوديين يبحثون عنه بتهمة سرقة سيارات”. ونقل إلى سجن تيفلت وطلبت الرياض ترحيله فورًا إلى المملكة ووجّه الطلب إلى النيابة العامة المغربية في رسالة مؤرخة في 11 فبراير.

رغم المطالبات.. المغرب ترحل الحسني للسعودية

وانتشرت تدوينات مناهضة لما تعرض له الحسني في تخوف شديد من أن يواجه مصير خاشقجي. أو الأكاديمي والداعية علي العمري أو الصحفي تركي الجاسر. “اعتُقل وعُذّب حتى الموت” أو الداعية سليمان الدويش “لقي حتفه تحت التعذيب”.
بينما حمل نشطاء السلطات المغربية والسعودية المسؤولية عن سلامة وحياة الحسني. بهدف الضغط على السلطات المغربية لعدم ترحيله إلى السعودية لكن لم تجد استجابة وتم ترحيله.

ورغم ما قالته السلطات السعودية، حصلت “هيومن رايتس ووتش” على ما يفيد بتبرأة السلطات السعودية للحسني من ارتكاب أية مخالفة في عام القضية 2018.

ورجحت المنظمة نفسها أن يكون تسليم المغرب للحسني انتهاكًا للقانون الدولي. إذ أن القانون يُلزم الدول بعدم إعادة أي شخص إلى أماكن قد يواجه فيها خطرًا حقيقيًا أو يتعرض للتعذيب. أو المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة.

جمال خاشقجي

إدانة للمغرب

كما نددت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بتسليم السلطات المغربية “الحسني” إلى الرياض. خاصة بعد مخاطبتها بعدم تسليمه لما يشكله ذلك من خطر داهم على حياته وسلامته. خاصة في ظل ما وصفته بتدهور أوضاع حقوق الإنسان في السعودية.

وحملّت المنظمة المغرب المسؤولية الكاملة عنه وما ينتج عنه من ضرر وأثار. كذلك شددت على أنه “لا يمكن التذرع بقرار القضاء السعودي كمبرر للترحيل. فمن المعروف أنه قضاء مسيّس لا يتمتع بالحد الأدنى من النزاهة أو الاستقلال. ما يجعله غير قادر على إنفاذ القانون”.

واستنكرت المنظمة استمرار التعاون الأمني بين السلطات المغربية والنظام السعودي. رغم التقارير الدولية الرسمية التي تثبت تورط النظام السعودي في ارتكاب ما وصفته بـ”جرائم وحشية”.

التهمة سياسية

وبحسب وسائل إعلام محلية بالمغرب العربي، تم استهداف الحسني بزعمِ مشاركته في تنظيمٍ يعارض الوهابية. التي تمثل التوجه السائد في المملكة السعودية.

تخاذل أسترالي

ورغم أن الحسني يحمل الجنسية الأسترالية إلا أن التحرك الأسترالي كان ضعيفًا للغاية. فتم الاكتفاء بتصريح من متحدث باسم وزارة الخارجية الأسترالية لرويترز قال فيه إن “ملابسات اعتقاله واحتمال تسليمه تثير قلق أستراليا”. وإن مسؤولي القنصلية الأسترالية يعملون على مساعدته في الخروج من هذه الأزمة.

ويأتي اعتقال الحسني بعد أشهر من نشر تقرير استخباراتي أمريكي رفعت عنه السرية. خلص إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وافق على عملية “اعتقال أو قتل” خاشقجي في اسطنبول.

التخوف من قتل المعارضين وتعرضهم للتعذيب وجد نفسه بقوة في المجتمعات الدولية بعد مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي. ففي وقت سابق، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرًا عما وصفته بـ”وحدة القتل السعودي” التابعة لولي العهد.

وأضاف التقرير أن المجموعة متورطة في اعتقال وإساءة معاملة نشطاء حقوق المرأة البارزين مثل لجين الهذلول. كذلك ذكرت أن سعود القحطاني أحد كبار مساعدي بن سلمان الذي عمل مستشارًا إعلاميًا بالديوان الملكي هو المسؤول عن هذه الوحدة.

كما لفتت نيويورك تايمز إلى أن وحدة القتل السعودي بدأت حملتها العنيفة ضد المعارضة في عام 2017. وهو العام الذي أصبح فيه محمد بن سلمان وليًا للعهد.