يبدو أن فرنسا ماكرون على مشارف أزمة جديدة أبطالها عسكريون يعانون من الإسلاموفوبيا، إذ نشر مجموعة من الجنرالات والجنود مقالا حمل عنوان “من أجل بقاء بلادنا” يحمل في طياته إشارات تحذيرية تكشف عن التخطيط لانقلاب أو قيادة البلاد إلى حرب أهلية.

وقع حوالي 75 ألف شخص يضمون جنود وقادة عسكريين ومدنيين رسالة موجهة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تحذره من خطر إنفلات البلاد إلى حرب أهلية باتت وشيكة وتقترب يوما تلو الآخر.

جبل النار يهددون فرنسا ماكرون

عرف هؤلاء أنفسهم في الرسالة قائلين: “نحن من أطلقت عليهم الصحف اسم جيل النار. رجال ونساء، عسكريون قيد الخدمة، من جميع القوات وجميع الرتب العسكرية، من جميع التوجهات، نحن نحب بلادنا. وإن كان لا يمكننا طبقا للتنظيمات التعبير عن رأينا مكشوفي الوجه، فلا يسعنا كذلك لزوم الصمت”.

وجاء في الرسالة: “نحن جيل شاب من الجنود الذين خدموا في أفغانستان ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى، أو شاركوا في عمليات لمكافحة الإرهاب، ضحينا بأنفسنا من أجل القضاء على حركة الإسلاميين التي تقدمون لها تنازلات على أرضنا خلال فترة حكمكم”.

تعد تلك الرسالة الثانية التي يتم نشرها من قبل جنود وعسكريين خلال فترة لا تتجاوز 30 يوما، إذ سبق أن أعلن نحو 20 جنرالا ما بين سابق وحالي في رسالة حملت اسم “من أجل عودة شرف حكامنا: 20 جنرالا يطالبون ماكرون بالدفاع عن حب الوطن”.

ماذا حملت الرسالة الأولى؟

أبريل الماضي قرر نحو 1200 عسكري ما بين جنرالات وضباط كبار وأكثر من ألف من العسكريين المتقاعدين، نشر رسالة عير المجلة اليمينية «فالور أكتيوال»، حملت الرسالة نقدا حاد للمنظومة السياسية ومن تم وصفهم “أولئك الذين يديرون البلاد”.

كما حوت الرسالة تنبيها بضرورة الانتباه بخطورة تفاقم الأوضاع، لافتين إلى أن ما يحدث الآن في المجتمع الفرنسي خطرا كبيرا وينذر بحرب أهلية وتفكك المجتمع الفرنسي وانقسامه على نفسه.

لا يمكن فصل ما ورد في الرسالة واستخدام كلمات اليمين المتطرف، فضلا عن دخول الجيش في نزال سياسي مع رئيس الجمهورية بعيدا عن وجود انقلاب وشيك حيث جاء في نص الرسالة: “إذا لم يتم فعل أي شيء، فسيستمر التراخي في الانتشار بشكل سريع داخل المجتمع، مما سيؤدي في النهاية إلى انفجار وإلى تدخل رفاقنا الموجودين في الخدمة لتنفيذ مهمة محفوفة بالمخاطر تتمثل في حماية قيمنا الحضارية وحماية مواطنينا، على التراب الوطني”.

من هم جنرالات فرنسا؟

ضمت الرسالة الأولى أسماء نحو عشرين جنرالا البعض منهم خرج من الخدمة والبعض الآخر ما زال في الخدمة، جاء على رأس الموقعين جان بيير فابر برناداك، الذي كان يدير الأمن في التسعينيات لحزب الجبهة الوطنية، وكذا الجنرال المتقاعد أنطوان مارتينيز، مؤسس المجموعة اليمينة  “Volontaires pour la France” التي منذ اليوم الأول تلتزم  بالدفاع عن “القيم الفرنسية التقليدية”.

وكذا ضمت القائمة الجنرال المتقاعد كريستيان بيكمال، والذي اعتقل عام 2016 خلال مشاركته في مظاهرة مناهضة للمهاجرين في ميناء كاليه.

تضم السير الذاتية للجنرالات الموقعة نزعة يمينية متطرفة، تنذر بخطر قريب وتتطلب حزم وحسم من قبل فرنسا.

الحكومة ترد

على الفور أدان رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس، فحوى الرسالتين وتواجد شخصيات عسكرية ضمن الموقعين، وقال في بيان مقتضب: “التدخل النادر في السياسة من قبل شخصيات عسكرية  يمثل مبادرة غير مسبوقة ضد جميع مبادئنا الجمهورية، والشرف وواجب الجيش”.

وتابع: “كان من الممكن أن تكون مسألة تافهة لو لم تكن هناك مناورات سياسية غير مقبولة على الإطلاق”.

عقوبات تنتظر الموقعين

على الجانب الآخر يبدو أن الجيش الفرنسي سيتخذ إجراءات تأديبية وعقابية بحق مجموعة العسكريين الذين وقعوا على الرسالة وهم ما زالوا في الخدمة.

وفي هذا الصدد، قال قائد الأركان الفرنسي، فرانسوا لوكوانتر، إن المؤسسة العسكرية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث معلنا أنه بصدد اتخاذ إجراءات عقابية بحق هؤلاء، موضحا أن هناك نحو 18 عسكرياً لا يزالون يمارسون مهامهم من بين الموقعين.

وأضاف في تصريحات صحفية: “أتمنى إنزال “عقوبات أقسى” بحق أصحاب الرتب العالية من بين العسكريين الـ 18 الذين تمّ تحديدهم، و”عقوبات أخف” بحق أصحاب الرتب الأصغر”.

صحيفة لوباريزيان قالت  إن ما ورد في العمود لا يخفي فرضية الانقلاب و”إذا لم يتم فعل أي شيء، فسيستمر التراخي في الانتشار بشكل سريع داخل المجتمع، مما سيؤدي في النهاية إلى انفجار وإلى تدخل رفاقنا الموجودين في الخدمة لتنفيذ مهمة محفوفة بالمخاطر تتمثل في حماية قيمنا الحضارية وحماية مواطنينا، على التراب الوطني” حسب ما جاء في الرسالة المذكورة.