بعد 9 أشهر من التحقيقات المستمرة، أغلقت النيابة العامة بشكل مؤقت، “قضية الفيرمونت” لعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في قضية مواقعة أنثى بغير رضائها بفندق فيرمونت نايل سيتي خلال عام 2014، وذلك لعدم كفاية الأدلة فيها قبل المتهمين، كما أمرت بإخلاء سبيل المحبوسين احتياطياً منهم.

كانت النيابة استقبت هذا القرار بإلانها إغلاق البريد الإلكتروني المنشأ بمناسبة التحقيقات في القضية التي شغلت الرأي العام المصري خلال العام الأخير.

وقالت النيابة، في بيان لها، الثلاثاء، إن تحقيقاتها التي استمرت 9 أشهر توصلت منها إلى أن ملابساتها تخلص في مواقعة المتهمين المجني عليها بغير رضائها بجناح بالفندق حال فقدانها الوعي خلال حفل خاص حضرته عام 2014، ولكن الأدلة لم تبلغ حد الكفاية قبل المتهمين لتقديمهم إلى المحاكمة الجنائية عنها. حيث كان الاختلاف البيّن في تاريخ الحفل محل الواقعة له أثر بالغ في صحة أقوال الشهود، ومن ثَمَّ تحديد مرتكبي الواقعة وأطرافها وأدوارهم على نحو جازم؛ فضلًا عن أن عدم توصل التحقيقات إلى مقطع تصوير الواقعة أو مبادرة أحد بتقديمه قد نال من قوة الدليل في الأوراق.

وحسبما جاء في البيان، فإن التراخي في الإبلاغ عن الواقعة لمدة قاربت ستَّ سنوات قد أنشأ صعوبة عملية في حصول النيابة العامة على الأدلة بالدعوى خاصة المادية والفنية منها التي لها أثرٌ منتج وتدلل يقينًا على ارتكاب المتهمين الواقعة.

كما أن شاهد الرؤية الأوحد الذي تواجد في الجناح محل الواقعة وقت حدوثها لم يشهد منها إلا جانبًا يسيرًا لم يتضمن مواقعة المتهمين المجني عليها والتي قرَّر أنه لم يكن على صلة بها وقتئذٍ، ولكن عَلِم لاحقًا من آخرين أنها المعنية بالواقعة.

ولذلك كانت تلك الأسباب قد جعلت الأدلة في الأوراق غير متساندة على نحوٍ يجعل بعضها متممًا لبعض كوحدة مؤدية لاكتمال الدليل على إسناد الواقعة للمتهمين، ومن ثَمّ كان الأجدر التصرف في الدعوى بإصدار الأمر بأن لا وجه فيها مؤقتًا لعدم كفاية الأدلة.

كانت منظمة “هيومن رايتس ووتش“، أوردت في تقرير لها أن السلطات المصرية لم تحقق كما يجب مع المشتبه بهم. بينما أخضعت أربعة منهم رهن الحبس الاحتياطي، وآخرين للتحقيق.

أشارت المنظمة إلى اتهام أربعة من الشهود واثنين من معارفهم بـ”الفسق والفجور”. وهما التهمتان اللتان قالت عنهما “هيومن رايتس” أنهما يحملان مصطلحات فضفاضة “لطالما تذرعت بهما جهات التحقيق لملاحقة النساء ومجتمع الميم”.

وأكدت النيابة العامة، في نهاية بيانها، أنَ أمرها الصادر في تلك الدعوى أمرٌ مؤقتٌ يمكن معه إعادة التحقيق فيها إذا ما قُدِّم إليها دليلٌ جديدٌ جديرٌ بالنظر فيه قبْلَ مُضيِّ مدة تقادُمِ الجريمة، كما تؤكد أنها حرصت في تحقيقات تلك القضية على استنفاد كافة السبل الممكنة على المستويين المحلي والدولي بلوغًا للحقيقة فيها.

متى بدأت القضية؟

“فيرمونت نايل سيتي 21-2-2014 إذا كان لديك الفيديو الذي نبحث عنه، تواصل معنا”، بهذه التدوينة على حساب “assault police” أو “شرطة الاعتداءات”، على موقع التواصل الاجتماعي “انستجرام”، وهي مختصة بجمع شهادات ضحايا التحرش وتقديم البلاغات القانونية مع الاحتفاظ بسرية معلومات الفتيات؛ بدأت قصة حفل وقعت به حادثة اغتصاب جماعي لإحدى الفتيات بعد تخديرها والاعتداء بحفر أسماء المعتدين على جسدها.

بعدها تلقت النيابة العام في الرابع من أغسطس الماضي بلاغًا من المجلس القومي للمرأة، مرفقًا به شكوى قدمتها فتاة إلى المجلس حول اعتداء بعض الأشخاص عليها جنسيًا في 2014 داخل فندق فيرمونت بالقاهرة، ومرفق بشكواها شهادات مقدمة من البعض حول معلوماتهم عن الواقعة.

وكانت النيابة العامة، أصدرت قرارا بضبط وإحضار المتهمين ووضعهم على قوائم المنع من السفر وترقب الوصول، لاستجوابهم فيما هو منسوب لهم، بعد إجراء التحقيقات.

وفي 26 أغسطس الماضي، أصدرت النيابة بيانا توضيحيا جاء فيه:” أصدر أثنان من المتهمين البلاد بتاريخ 27 يوليو وتبعها أربعة آخرون في اليوم التالي، ثم غادر آخرهم يوم 29.

وكشفت التحقيقات عن تمكنهم من مغادرة البلاد قبل تقدم المجني عليها ببلاغها إلى المجلس القومي للمرأة وإجراء النيابة العامة التحقيقات في الواقعة في 4 أغسطس”.

ألقي القبض على ستة متهمين من أصل تسعة، من مصر ولبنان، أثناء محاولات هروبهم، بينما لايزال أربعة هاربين، وصادر في حقهم قرارات ضبط وإحضار.

الطاووس يعيد الفيرمونت

وطفت القضية على السطح من جديد في شهر رمضان بعد عرض أولى حلقات مسلسل “الطاووس” الذي تتقاطع أحداثه بشك كبير مع قضية الفيرمونت، إذ تناول بشكل واضح اغتصاب فتاة تسكن حي شعبي على يد مجموعة من الشبان الأثرياء باستخدام مخدر.

مسلسل الطاووس فتح قضية الاغتصاب من جديد

وفي وقت سابق، قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام التحقيق الفوري مع المسؤولين عن إنتاج مسلسل الطاووس، بالإضافة إلى مسئولي القنوات التي تعرضه، بعد أن قال إنه تلقى شكاوى عدة حول الألفاظ المستخدمة في المسلسل، وهو ما اعتبره متخصصون حجرًا على الإبداع وحرية الرأي. وسط تساؤلات عن مدى وصاية المجلس على الدراما وشاشة التلفزيون.