في خطوة تصعيد جديدة للتنديد بالانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق مواطني قطاع غزة والضفة الغربية، بدأت مدن الضفة وأراضي الـ48 إضرابا شاملا، تلبية  للدعوة التي أطلقتها قيادة القوى الوطنية والإسلامية في الضفة الغربية، بالإضراب الشامل في فلسطين من النهر إلى البحر.

الإضراب شمل المحال التجارية والمؤسسات والمدارس والجامعات، فيما خلت الشوارع من المارة، وينطبق الأمر على كافة قرى ومدن فلسطين المحتلة وفي الشتات وفي المخيمات الفلسطينية في لبنان، فهو إضراب شامل لم يحدث منذ سنوات.

البداية كانت من قبل لجنة المتابعة العربية في أراضي الـ48 للتنديد بالهجمة الشرسة من قبل قوات الاحتلال، إذ دعت إلى إضراب شامل في المدن والبلدات الفلسطينية، وسرعان ما وجدت ترحيب كبير من قبل القوى السياسية المختلفة، على الفور خرجت اللجنة المركزية لحركة «فتح»، داعية مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني إلى ضرورة الالتزام التام بالإضراب، للتأكيد على وحدة الشعب الفلسطيني. وكذا مجلس الوزراء الفلسطيني الذي بدوره قرر مشاركة موظفي القطاع العام في الإضراب، للتعبير عن الغضب من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية.

واستثنى مجلس الوزراء الفلسطيني لهيئات اللازم تواجدها على شاكلة وزارة الصحة والهيئات المحلية والمؤسسات الخدمية التي ستعمل بنظام حالة الطوارئ من أجل مواصلة تقديم خدماتها للمواطنين.

أهل رام الله يشاركون في الإضراب

يقول أسامة خليل، فلسطيني من رام الله، إن المدينة مشاركة في الإضراب العام عن بكرة أبيها، لافتا إلى أن كل عربي سواء يسكن في مناطق عربية أو في المدن المختلطة مشارك في الإضراب وملتزم به، لافتا إلى أن الهدف من الإضراب هو إيصال رسالة للعدو مفادها ان الفلسطينيين أينما كانو كلمتهم واحدة وغير متفرقين، مثلما حاول العدو على مدار عشرات السنين أن يفرقهم ويسخر الأموال والجهود ليكون كل فلسطيني منفصل جغرافيا وفكريا عن الإشكالية الأكبر وهو وجود قوات احتلال على أراضينا.

وأضاف خليل في تصريح لـ”مصر 360″ الإضراب رسالة للعدو إننا في كل مكان ملتحمون ومتحدون خلف المقاومة في غزة بجميع فصائلها وأذرعها العسكرية وأن الخلاف الذي شاب الفصائل الفلسطينية ينصهر وقت التحديات الكبرى التي تواجهنا”.

وتابع خليل: “الإضراب ليس المطلوب منه الجلوس في البيت بل الخروج لنقاط التماس، والمواجهة مع الاحتلال في الضفة والداخل تحديدا، لأن غزة وضعها خاص ويجب علينا جميعا أن نتكاتف من أجل حمايته والتنديد بما يحدث لها”.

في السياق ذاته، دعت القوى السياسية إلى تدشين تظاهرات ضخمة في المدن الفلسطينية المختلفة وتحديد نقاط التماس من أجل المشاركة في مسيرة الغضب الجماهيري التي من المقرر لها أن تنطلق من منطقة باب الزقاق وصولا إلى المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم.

لماذا يوصف بـ”الإضراب التاريخي”؟

يوصف هذا الإضراب بـ”التاريخي” لأنه لم يحدث من قبل سوى عام 1936 إبان الانتداب البريطاني.

آنذاك، كان الداخل الفلسطيني يشهد حالة من تأجج الصراع بين العرب واليهود وتصاعد الأحداث بينهم، لذا أعلنت يافا الإضراب العام ومن ثم تبعتها مدن وقرى فلسطين وعلى الفور استجاب زعماء المدن والقرى على اختلاف مشاربهم وفئاتهم إلى إنشاء اللجان القومية ضمت جميع الأحزاب والطوائف والفئات.

خلال السنوات التي أعقبت الاحتلال لم يسبق أن تجمع الفلسطينيون على قلب رجل واحد باختلاف توجهاتهم وتوزيعهم الجغرافي، فكانت التحركات تحدث بشكل فردي أو على مستوى مدين بعينها.

خلال الإضراب الشامل، طالبت القوى الفلسطينية بضرورة وقف حكومة الانتداب لتنظيم هجرة اليهود إلى فلسطين، إلا أنهم لاقوا تعنت واضح من قبل بريطانيا لتبدأ مرحلة الصراع المسلح.

الإضراب صرخة في وجه العالم

يقول إبراهيم عنقاوي، من الضفة الغربية، إن الإضراب يحمل شعارا واضحا هو أننا شعب واحد من النهر إلى البحر لا تفرقنا حواجز أو توجهات سياسية عندما يتعلق الأمر بحياة المدنيين ومستقبل دولتنا، نرى ذلك في تكاتف الشعب الفلسطيني وأصبح لدينا احساس داخل أننا نستطيع أن نحرر نفسنا دون الحاجة لمساعدات خارجية ورأينا ذلك في تكاتف المقاومة المسلحة.

وأضاف عنقاوي، في تصريح خاص: “نتحدى كافة الاتفاقيات التي قسمت الشعب الفلسطيني ومنحت الفرصة لقوات الاحتلال بإضعافنا والانتقام من المعارضة كلا على حدة، رسالتنا واضحة نحن شعب فلسطين متوحد في وجه الاحتلال ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام قوات الاحتلال وهجومها الغاشم على قطاع غزة”.

وتابع: “الجميع استجاب للدعوات من النهر إلى البحر، قطاع غزة والقدس والمدن المختلطة الجميع تسبب في حالة شلل داخل فلسطين من أجل التنديد بما يواجهه الشعب الفلسطيني، والأمر لن يتوقف عند الإضراب فقط بل هناك دعوات للتظاهرات والالتحام مع قوات الاحتلال وعدم ترك المقاومة وحدها في وجه الإسرائيليين، وستبدأ المواجهات قريبا وتم تحديد النقاط بالفعل على أن تسير مظاهرات داخل القرى والمدن وستنقلها وسائل الإعلام الدولية لتكون صرخة فلسطينية حرة تجاه قوات الاحتلال”.