أزمة جديدة تلوح في الأفق بين إسبانيا والمغرب تحت عنوان الهجرة غير الشرعية بطلها مدينة ” سبتة” الخاضعة تحت السيادة الإسبانية. وعلى الرغم من العلاقات المتينة التي يتمتع بها البلدان إلا أن شيئا ما جرى غير الواقع الممتد لعشرات السنين.

أعلنت السلطات الإسبانية وصول نحو 8 آلاف مهاجر بينهم أكثر من 1500 قاصر، إلى مدينة سبتة الحدودية المغربية الخاضعة للسلطات الإسبانية.

تدفق آلاف المهاجرين إلى سبتة، أضفى حالة من الفوضى على الحدود الإسبانية المغربية، وعلى إثره رفعت مدريد حالة التأهب القصوى وعمدت إلى الدفع بالآلاف من قواتها في مدينة سبتة.

نجحت إسبانيا في إعادة عدد كبير من اللاجيئن من حيث أتوا، فيما سمح رئيس الوزراء الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا، ترحيل المهاجرين الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا، ومنحهم حق البقاء قانونيًا تحت وصاية السلطات الإسبانية.

تعد مدينة سبتة التي تقع تحت الحكم الإسباني واحدة من الاشكاليات القائمة بين البلدين، إذ إنها من وجهة نظرة مغربية مدينة محتلة فيما تراه إسبانيا ضمن حدودها الجغرافية، وهي من المدن المختلطة حيث يعيش أكثر من 82 ألف نسمة ما بين مغربي وإسباني في مساحة لا تزيد عن عشرين كيلومترا، والتي تعد أقرب نقطة في القارة الأفريقية إلى الجنوب الإسباني، تطل على البحر الأبيض المتوسط.

اقرأ أيضا:

“هجرة الشباب المغاربي”.. مغادرة الأوطان من أجل حياة أفضل

كيف بدأت الأزمة؟

مع نهاية شهر أبريل الماضي، شهدت العلاقات المغربية الإسبانية توترا كبيرا، بعد التحرك الإسباني واستقبال لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي تحت زعم تلقي العلاج على أراضيها.

حسب تصريحات مسؤولين مغاربة، فإن إبراهيم غالي دخل إلى الأراضي الإسبانية بأوراق مزورة وهو ما يثير الشك حول طبيعة تعامل إسبانيا مع “غالي” وهل هناك نوايا خفية لمدريد فيما يخص أزمة البوليساريو.

تعتبر أزمة الصحراء الغربية واحدة من أطول الصراعات السياسية ذات الطابع الخلافي حول الحدود، إذ بدأت الأزمة منذ عام 1973 بين المغرب وجبهة بوليساريو والتي تعني “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”.

 

بدأ النشاط العسكري للبوليساريو إبان الاستعمار الإسباني للمنطقة، واستطاعت الجبهة الحصول على حلفاء لها (ليبيا والجزائر)، ولما رحل الاحتلال بقيت الجبهة قائمة وزادت مطالباتها بحقها في الانفصال عن المغرب وأن تكون دولة خاصة بذاتها ولها حكم ذاتي دون تدخل من اطراف خارجية.

الجبهة المدعومة من الجزائر والتي تعتبرها الأخيرة ظاهريا بأنها قضية انسانية ومسألة مبدأ واضح وداعم، لكن حسب مراقبون فإن دعم الجزائر يتأتي من رؤيتها للجبهة كحائط صد أمام تطلعات المغرب في الصحراء الجزائرية.

وحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين للحكومة الجزائرية، هناك نحو 165 ألف لاجئ صحراوي في المخيمات الخمس الموجودة قرب تندوف في حين تشير بعض وكالات الأمم المتحدة إلى أن العدد يتراوح بين 90 و125 ألف لاجئ.

اقرأ أيضا:

أزمة الصحراء المغربية: هل هي مجرد “استفزازات” من جبهة البوليساريو الانفصالية؟

 

“سبتة” ورقة ضغط مغربية ضد إسبانيا

مع تزايد نزوح الآلاف نحو الهجرة غير الشرعية مع تخفيف الجانب المغربي لإجراءات مراقبة الحدود بين البلدين، فتح الباب على مصراعيه من أجل تسهيل عملية الهجرة غير الشرعية وإغراق الحدود المغربية الإسبانية في حالة من الفوضى.

على الفور، استدعت الخارجية الإسبانية الوزيرة كريمة بنيعيش وزير الخارجية المغربية في إسبانيا، معربة عن إستيائها من حالة الفوضى التي أغرقت بها مدينة سبتة، لافتة إلى ضرورة تحرك الجانب المغربي لوقف حالات الهجرة غير الشرعية.

من جانبها، قالت بنيعيش إن العلاقات بين الدول يجب أن تكون علاقة متوازنة، وبالطبع هناك أفعال لها عواقب ويجب تحملها، مشددة على أن هناك مواقف لا يمكن قبولها، في إشارة إلى إقبال إسبانيا على استقبال زعيم جبهة البوليساريو، والحديث عن دعمه من قبل الحكومة الإسبانية.

وأضافت بنيعيش، في تصريحات صحفية لها، أن العلاقات بين دول الجوار والأصدقاء يجب أن تقوم على أساس الثقة المتبادلة بين الطرفين ويجب العمل عليها ورعايتها.

المفوضية الأوروبية تدخل على الخط

من جانبها، أعربت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية، عن تخوفها من تزايد الأزمة في سبتة وتداعياته على أوروبا بشكل عام إذ تعد المغرب عبر إسبانيا بوابة أساسية نحو أوروبا.

وقالت إيلفا جوهانسون، مفوضة الاتحاد الأوروبية، أن تدفّق آلاف المهاجرين إلى جيب سبتة الإسباني أمر يثير القلق ويدعوا إلى ضرورة التكاتف من أجل وقف الهجرة غير الشرعية، مطالبة بضرورة عمل المغربة على منع عبور المهاجرين بشكل غير قانوني عبر أراضيها.

وأضافت جوهانسون في كلمتها أمام البرلمان الأوروبي: “علينا الآن العمل على دفع المغرب لمواصلة التزامها بمنع الهجرة غير الشرعية، وكذا العمل على إعادة الأشخاص الذين لا يحقّ لهم البقاء من حيث أتوا” مؤكدة أن الحدود الإسبانية هي حدود أوروبا بأكلمها.