عمدت إسرائيل في استعمارها للذاكرة الفلسطينية إلى اختلاق مصطلحات ومسمّيات صهيوينة غرستها في عقل المتلقي العربي، لتكون جزءًا من المكوّنات الأساسية لوعيه. لتستبدل المصطلحات المعتمدة في السردية الفلسطينية. هنا نسلط الضوء على مصطلح طبتعتها سلطات الاحتلال على مدار 73 عاما، هي عمر الدولة الناشئة، للإضرار بالقضية الأصلية وهي حق الشعب الفلسطينية في أرضه وبروزة نضاله الذي لم يتوقف حتى من قبل 48.

في دراسته “تأثير المصطلح الإعلامي الصهيوني على الهوية الثقافية الفلسطينية”، اعتبر الباحث عمر عتيق أن حرب إسرائيل على ذاكرة الإنسان الفلسطيني نجحت، لأن معظم وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية تبنت هذه المصطلحات والمسمّيات.

فلسطينيو الداخل المحتل

مع استغلال العدو الصهيوني غياب الوعي المهني لتمرير مصطلحات سياسية تخفض سقف التوقعات وتهمّش الصراع. فمثلاً، مصطلح «عرب إسرائيل»، يستخدم للإشارة الى السكان الذين يقيمون في الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1948. التركيبة اللغوية للمصطلح تشير إلى أن الفلسطينيين منسوبون إلى إسرائيل، وليسوا أصحاب أرض ومكان.

كما ينطوي مصطلح “عرب 48″ على أبعاد سياسيّة أهمها وصف الفلسطينيين بأنهم أقلية، تستضيفها دولة المحتل بسعة صدر ديمقراطي. فهنا يتحول أصحاب الحق لضيوف لدى أصحاب الباطل. فلنقل”فلسطينيو الداخل المحتل”.

وكان أول من استخدم مصطلح “عرب إسرائيل” هم اليهود ثم وسائل إعلام عبرية، وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أول من نقل هذا المصطلح على المستوى الدولي. ورغم أن مصطلح “عرب إسرائيل” من المصطلحات الإسرائيلية، يُلاحظ استخدامه من قبل بعض العرب أو حتى الفلسطينيين، وهو انعكاس لحجم تأثير الخطاب الإسرائيلي.

اقرأ أيضا:

ليسوا “عرب إسرائيل”.. فلسطينيو 48 وقود الانتفاضات ضد الاحتلال

 

جدار الفصل العنصري

مصطلح آخر يقال عليه “الجدار العازل“، في إشارة إلى الجدار الذي يفصل فلسطين المحتلة عام 1948 عن فلسطين المحتلة عام 1967، لكن عند إرجاع المصطلح الى خلفيته القانونية، نجد أن المحكمة الدولية في لاهاي عرفته في العام 2003 بـ “جدار ضمّ وتوسّع”، أي ضم أراضٍ جديدة والتوسّع على حساب أراضي الغير.

كانت حكومة “أرئيل شارون” بتاريخ 23/6/2002، بدأت ببناء جدار الفصل العنصري الممتد على طول الخط الأخضر مع الضفة الغربية، بدعوى منع تسلل منفذي العمليات الفدائية إلى إسرائيل.

الجدار العازل في فلسطين

 

القضية الفلسطينية

أما مصطلح “القضية الفلسطينية” الذي تحوّل إلى “المسألة الفلسطينية” فيبيّن أن الهدف هو الحصول على مزيد من التنازل في الاستحقاقات السياسية. إذ أضحت القضية الفلسطينية مسألة تبحث عن إجابة على طاولة المفاوضات.

كذلك مصطلح “الصراع العربي الإسرائيلي”، الذي اختزل القضية الفلسطينية بالصراع على الحدود، وأراضٍ عربية محتلة عام 1967، ثم تحوّل الصراع إلى “نزاع “. بدلًا من “القضية الفلسطينية” 

الحقوق الفلسطينية

يحل مصطلح «المطالب الفلسطينية» بدلاً من «الحقوق الفلسطينية»، ليفيد بأن المطلب قابل للرفض، بينما كلمة «حقوق» لا تترك مجالاً للمساومة. لذلك يحرص الإعلام الإسرائيلي على لفظ «مطالب» بدلاً من «حقوق».

قصف غزة

القرى الفلسطينية

حتى القرى الفلسطينية باتت أسماؤها في الإعلام العربي، الذي يستخدم عِوضًا عنها أسماء عبرية مستحدثة ممّا جعل بعض الشباب الفلسطيني، لا سيما في المناطق المحتلة عام 1948، إلى إطلاق حملة «ما اسمهاش هيك».بعدما انتبهوا إلى الخطر الكامن في استبدال الأسماء العبرية مكان الأسماء العربية للقرى الفلسطينية.

وتذكر الحملة بالأسماء العربية لنحو 530 بلدة، من ضمنها المدن الرئيسية: يافا، وحيفا، وصفد، واللد، وعسقلان وطبريا.

ومن بين المدن: الطيرة التي أصبحت غازيت، والصنوبرية التي أصبحت معيان باروخ، والشيخ مؤنس التي أصبحت تل باروخ، وهي جزء من تل أبيب، وملبس التي أصبحت بتاح تكفا، وعراق المنشية: كريات جات، والكوفخة: نير عكيفا، وبيت دجن: بيت داجون.

الشعب الفلسطيني

الرواية الإسرائيلية غيرت أيضا مصطلح “الشعب الفلسطينى” إلى سكان الأرض، و”مطار بن غوريون” بدلاً من “مطار مدينة اللد” و”المخربون” بدلاً من “الفدائيين” و”إيلات” بدلا من “خليج العقبة” و”بحيرة الجليل” بدلا من “بحيرية طبرية” و”أعمال الشغب” بدلا من “الانتفاضة” وصولا إلى آخر الصيحات المزيفة على المستوى الإعلامى “الانتحاريون” بدلاً من “الاستشهاديين” و”الإرهاب لوصف المقاومة”.

الوطن ليس شطري الوطن

ومن المصطلحات الإشكالية التي يجري تداولها منذ سنوات وأصبح لها انتشار واسع، مصطلح “شطري الوطن”. ويقصد به مستخدموه الضفة الغربية وقطاع غزة. ما جعل اقتصار “الوطن” بالنسبة لفلسطين أو الشعب الفلسطيني على الضفة والقطاع اللذين يشكلان 23% فقط من فلسطين التاريخية، وهو ما يشكل اعترافا ضمنيا بالكيان الصهيوني، كما يعطي دلالة سلبية معاكسة لمفهوم حق العودة الفلسطيني إلى “الوطن”، لأن حق العودة في جوهره هو للأرض المحتلة سنة 1948.

أيضًا استخدام مصطلح  “الضفة الغربية والقدس”. دون الانتباه  إلى أن شرقي القدس جزء من الضفة الغربية، وأن الكيان الصهيوني قام بضمه إداريا منذ سنة 1967، ورسميا سنة 1980،  وبالتالي فصله عن الضفة الغربية. ما يخدم حالة الفصل بينهما التي يريدها الاحتلال. فلنقل “الضفة الغربية بما فيها القدس”.

مستعمرات مستعمرين

كانت البعثة الفلسطينية في الجامعة العربية قد تقدمت بورقة في صيف عام 1997 تطلب فيها من وسائل الإعلام العربية أن تتبنى مصطلحات معينة تؤكد الحقوق العربية وتقاوم الهيمنة الصهيونية في الإعلام العالمي، عوضا عن تبني مصطلحاتها، ومن الاقتراحات المقدمة في تلك الورقة، ضرورة استخدام تعبيري “مستعمرات” و”مستعمرين”، عوضًا عن “مستوطنات” و”مستوطنين”، لأن الاستيطان يوحي بسكن أراضٍ خالية من السكان، بينما الاستعمار يقوم على فكرة الإحتلال بالقوة وطرد السكان الأصليين.

اقرأ أيضا:

حي الشيخ جراح وبداية تنفيذ مخطط التهويد 2050

قوات الاحتلال الصهيونية

وضرورة استخدام مصطلح “قوات الاحتلال الصهيونية” أو “رئيس حكومة الإحتلال” عوضًا عن استخدام” الجيش الإسرائيلي” أو ” القوات الإسرائيلية”.

أعمال المقاومة ضد الاحتلال

 ضرورة استخدام ” أعمال المقاومة ضد الاحتلال” عوضاً عن “أعمال العنف” الرائجة في وسائل الإعلام العربية لأن “أعمال العنف” لا مشروعية لها. فضلًا عن ضرورة إضافة تعبير “العربية المحتلة ” كلما ذكرت القدس، أو أي جزء من فلسطين.

ما سبق ذكره  ليس كل الكلمات والمصطلحات التي يجب تعديلها في الخطاب الإعلامي وبالتالي الخطاب الشعبوية وإنما جزءً منها.