طالما أثار الـ”تيك توك” الجدل حتى وصل الأمر لوصم مستخدميه بـ”التفاهة” وزج بهم في بعض الأحيان إلى السجن. حتى أن هناك قضية كاملة تعرف “بفتيات التيك توك” تواجه فيها عدد من الفتيات تهمًا بالترويج للإباحية والاعتداء على القيم الأسرية المصرية. حتى أضافت الأحداث الأخيرة في القدس وقصف الاحتلال لغزة وجهًا جديدًا للتطبيق الأكثر شهرة في أوساط المراهقين العرب.
جيل الـ”تيك توك”
مصطلح جيل الـ”تيك توك” ظهر على الساحة منذ سنوات بعد إطلاق التطبيق بوقت قصير في عام 2016. التطبيق الصيني المخصص لنشر مقاطع الفيديو القصيرة. جذب جمهور واسع معظمهم من الشباب. وأكثر من 700 مليون مستخدم نشط شهريًا في جميع أنحاء العالم.
وبعد أن تجاوزت عدد مرات تحميله أكثر من 1.9 مليار مرة في مختلف أنحاء العالم. ونجح خلال العام 2019 في أن يصبح ثالث أكثر تطبيقات الهواتف الذكية غير المخصصة للألعاب تنزيلًا في العالم بأكثر من 1.5 مليار عملية تنزيل.
في 2020 شهد التطبيق إحالة 11 متهمًا إلى المحاكمة بسبب نشر محتوى التطبيق. لكن في 2021، لعب التطبيق دورًا بارزًا في المواجهة الدائرة بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين. خاصة في ظل القيود والمعايير المنحازة الذي استخدمها “فيسبوك”. إذ طالت عمليات الحظر الصفحات التابعة للحركات السياسية وامتدت إلى صفحات إخبارية وحسابات شخصية لصحافيين. فأصبح الـ”تيك توك” أحد أهم أسلحة المقاومة الإلكترونية البديلة العابرة للحدود.
هاشتاجات وفيديوهات
لا تعتمد هذه المواجهة في العالم الافتراضي على “الهاشتاج” فقط، بل باتت تتخذ أبعادًا وأشكالًا متنوعة. أبرزها تمثيل مقاطع ساخرة على التطبيق لإعلان التضامن مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. فضلًا عن لجوء البعض لاستخدام اللغات المختلفة في المقاطع الممثلة من أجل تحقيق أوسع انتشار.
والمثير للملاحظة أن الشباب الذين تلقوا أكثر نيران الـ”تيك توك” والأكثر انتقادًا، هم أنفسهم من استخدم التطبيق للتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية.
بدأ الأمر من خلال نشر مقاطع احتجاج تحت هاشتاج#SaveSheikhJarrah. في إشارة إلى التهديد بإجلاء عائلات فلسطينية في القدس المحتلة. إلى جانب لقطات من الاشتباكات مع قوات الاحتلال فضلًا عن الوضع على الأرض في غزة.
بعض الفيديوهات كانت من خلال تمثيل على أغنية “على عهدي على ديني أنا دمي فلسطيني”. إذ شارك فيها ملايين من الشباب العرب بمختلف جنسياتهم. بينما شارك البعض الآخر في فيديوهات تمثيلية عن طريق حوار متداول بين شخصيتين. يتساءل الأول عما يحدث في فلسطين والآخر يرد عليه. ومن ثم يتجه متسائلًا لماذا لا توجد أخبار عما يحدث في إشارة للتضليل الإعلامي عن القضية.
فيديوهات أخرى أكثر طرافة عن الاختيار بين كل ما هو قبيح في الفيديو مقابل رفض علم العدو الصهيوني. في إشارة على رفض ما يحدث تمامًا والتضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني بكل حقوقه. حتى أن بعض المستخدمين نشروا فيديو تمثيلي لتحضير أرواح المصريين القدماء حتى يعودون مرة أخرى لمحاربة العدو الصهيوني.
من ناحيته عبر صانع المحتوى في “تيك توك” كريم كلش عن تضامنه مع الفلسطينيين في ظل العدوان الصهيوني على قطاع غزة. بطريقة مؤثرة تظهر الأوضاع القاسية التي يعيشها الشعب الفلسطيني حاليًا.
حيث ظهر في مقطع فيديو وهو يضع يده على أحد عينيه، ليكشف أثار الجروح في العين الأخرى. “إذا انتوا بخير.. إحنا ما بخير”. كذلك أضاف “إحنا كل يوم يا جماعة بندمر محتاجينكم تساعدونا، محتاجينكم ساعدونا، محتاجين إليكم يا عرب.. ساعدونا”. المقطع حقق ما يقرب من 4 ملايين مشاهدة حتى الآن.
صدى كبير لاستخدام الـ”تيك توك”
إيمان عسكر، واحدة من صانعي المحتوى على “تيك توك” شاركت بفيديو باللغة الإنجليزية لدعم القضية الفلسطينية. وقالت إن استخدامها للتطبيق كان مؤخرًا وليس بوقت بعيد، لكنها اعتادت على استخدام التطبيق في فيديوهات توعوية وترفيهية. قبل أن تقرر التضامن مع الفلسطينيين في الأحداث الأخيرة.
كما أنها المرة الأولى التي تقدم فيها محتوى تضامن مع قضية كبيرة مثل قضية فلسطين. مؤكدة أن أنها قررت استخدامه باللغة الإنجليزية ليكون أكثر جذبًا للانتباه في الغرب.
خريجة الـ”business informatics” تؤكد أنها شعرت بصدى كبير للفيديو وانتشار واسع بعد نشره. غالبًا لأن الأمر يمس قضية كبير تحظى بتضامن على نطاق واسع مثل حق الفلسطينيين. كما لفتت إلى أنها نشرت الفيديو في كل منصات التواصل الاجتماعي لكنها بدأت بالـ”تيك توك” لأن طريقة الانتشار فيه عن طريق إعادة الناس لصوت الأغنية، وطرق مختلفة تساعد أكثر على نشرها.