وسط دعوات حقوقية بالمقاطعة ورفض الفائزين لجائزة الشيخ زايد، انطلقت فعاليات الدورة الـ30 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

وتقيم دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي الدورة الثلاثين من معرض أبوظبي الدولي للكتاب الحالي بتنظيم مركز أبوظبي للغة العربية. في دورة هجينة تجمع ما بين البرامج والندوات الافتراضية وتستمر فعالياته حتى 29 مايو الحالي.

كما تشهد هذه الدورة إعلان الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب لعام 2021، والتي تصل مجموع جوائزها إلى 7 ملايين درهم. كما سبق وأن أعلن عن المرشحين لها، وتضم عددا من فروع الأدب والثقافة.

وتواجه الإمارات خلال السنوات الأخيرة انتقادات شديدة اللهجة تخص ممارساتها تجاه ملف حقوق الإنسان، والمعتقلين السياسيين. وبدورها تحاول تبييض صفحتها من خلال الفعاليات الثقافية العالية التكلفة. أو حتى بعض القوانين التي تخص المرأة، والطفل.

معرض أبو ظبي للكتابمعرض أبو ظبي للكتاب

علاقات عامة إماراتية لاتعكس الوجه الحقيقي أبوظبي الحقيقي

وبالتزامن مع تدشين المعرض، بادرت مجموعة من الجهات والشخصيات الحقوقية العربية والدولية بإصدار بيان. حثوا فيه على رفض جائزة الشيخ زايد للكتاب. والانسحاب من معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي سيعقد في الفترة من 23 إلى 29 مايو 2021.

وقال الموقعون على البيان ” كما تعلمون، في 2 مايو الماضي. الفيلسوف الألماني البارز يورجن هابرماس صرح بأنه لن يقبل جائزة الشخصية الثقافية لعام 2021. نتيجة الارتباط الوثيق لمؤسسة دائرة الثقافة والسياحة. التي تمنح هذه الجوائز في أبوظبي، بالنظام السياسي الحالي”.

ورفض هابرماس الجائزة رغم القيمة المالية الباهظة لها التي تصل إلى 275 ألف يورو. وكان الموقع الرسمي للجائزة أعلن أن هابرماس حصل على لقب “شخصية العام الثقافية لعام 2021. تقديرًا لمسيرة مهنية طويلة تمتد لأكثر من نصف قرن”.

هابرماس

وقال هابرماس آنذاك “أعلنت استعدادي لقبول جائزة الشيخ زايد للكتاب لهذا العام. كان هذا قرارًا خاطئًا. وأنا أصححه بموجب هذا التراجع”. مضيفًا: “لم يتضح لي بشكل كافٍ الصلة الوثيقة جدًا بين المؤسسة، التي تمنح هذه الجوائز في أبوظبي، والنظام السياسي القائم هناك”.

ونشرت مجلة شبيجل الألمانية في وقت سابق مقالا انتقاديا استعرضت فيه ما وصفته بانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات. اعتمادا على تصنيف مركز أبحاث “فريدوم هاوس” في واشنطن، كما دعت الفيلسوف إلى رفض الجائزة.

من جانب آخر أعرب موقعو البيان عن بالغ القلق من أن هذه الجائزة تعكس استراتيجية العلاقات العامة للسلطات الإماراتية. للاستثمار في الفعاليات الثقافية في محاولة لإخفاء قمعها ضد الأصوات المعارضة السلمية. مضيفين: “لذلك نطلب منكم بكل احترام رفض هذه الجوائز في ظل الوضع السيئ لحقوق الإنسان في الإمارات”.

هابرماسهابرماس

عمليات انتقامية واعتداء مستمر على حرية التعبير

وبيّن البيان موقفه قائلًا: “يجب ألا ننسى أن دولة الإمارات دولة ملكية مطلقة بدون أي شكل من أشكال التمثيل الديمقراطي. البلد يحكمه نظام قمعي لا يتسامح مع أي انتقاد أو معارضة”.

وتعرض البيان لانتهاكات النظام الملكي الإماراتي بشكل روتيني التي تخص حرية الرأي والتعبير من خلال إطار قانوني مقيد. بما في ذلك قانون الجرائم الإلكترونية وقانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات.

وعدد البيان أشكال هذه الانتهاكات قائلًا: “جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السلميين خلف القضبان. ما يجعل الفضاء المدني شبه معدوم. كما واجه المدافعون عن حقوق الإنسان والمعارضون السياسيون والنقاد السلميون عمليات انتقامية قاسية بسبب نشاطهم. بما في ذلك في شكل المراقبة الإلكترونية والمضايقة والترهيب والتعذيب والسجن بعد محاكمات جائرة أمام ولايات قضائية استثنائية”.

التذكير بمعتقلي الرأي الإماراتيين

لم يفت الموقعون ذكر بعض هؤلاء المقيدين خلف القضبان بسبب انتهاكات النظام الإماراتي لحريتهم ومن بين هؤلاء:

المعتقل أحمد منصور:

وهو شاعر ومدافع إماراتي بارز عن حقوق الإنسان، يقضي حاليًا عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات. انتقامًا لنشاطه السلمي في مجال حقوق الإنسان.

لا يزال محتجزًا في ظروف مزرية، في الحبس الانفرادي دون سرير أو كتب. ما دعا العديد من المؤلفين وخبراء الأمم المتحدة والحائزين على جائزة نوبل إلى إطلاق سراحه. حتى أثناء مهرجان أدبي في أبو ظبي عام 2020.

المعتقل أحمد منصور

الدكتور محمد الركن

وهو أكاديمي، ومحامي وناشط حقوق ، مؤلف كتب عن حقوق الإنسان والحقوق الدستورية، قضى أكثر من 8 سنوات في السجن.

وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات بتهمة “التآمر على الحكومة” لمجرد دعوة الحكومة، في عريضة على الإنترنت. إلى الشروع في إصلاحات سياسية.

الدكتور محمد الركن

الدكتور محمد المنصوري

محام حقوقي، اعتقل أيضًا في عام 2012 وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات لتوقيعه عريضة عبر الإنترنت، في نفس قضية الدكتور الركن.

الدكتور ناصر بن غيث

أكاديمي واقتصادي ومحاضر بجامعة باريس السوربون في فرع أبو ظبي، يقضي حاليًا عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات. انتقامًا لانتقاده انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات ومصر.

وفي عام 2017، ذكر في رسالة كتبها من زنزانته في السجن أن “الحكم يثبت عدم وجود مكان لحرية التعبير في هذا البلد”. كذلك أشار إلى أنه لم يحضر إلى المحكمة بسبب أي جريمة ارتكبتها. لكن بسبب آراء مارست فيها حقي في حرية التعبير على النحو الذي تضمنه القوانين الوطنية والدولية”.

الدكتور ناصر بن غيث

التسامح الإماراتي الذي يناقض الواقع على الأرض

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، بذلت السلطات الإماراتية جهودًا كبيرة لتصوير الدولة على أنها نموذج “للتسامح” بحسب البيان. بينما في عام 2016، كشفت دولة الإمارات برنامجًا وطنيًا للتسامح وأنشأت وزارة للتسامح. كذلك أعلنت عام 2019 “عامًا للتسامح”.

ومع ذلك، فإن هذه الواجهة تقف في تناقض حاد مع الواقع على الأرض. حيث تستثمر السلطات في الأحداث والمبادرات الثقافية التي تهدف إلى تبييض الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الإمارات وفقًا للبيان.

واعتبر البيان أن معرض أبوظبي الدولي للكتاب هو حدث آخر يجسد هذه المعايير المزدوجة. من خلال التظاهر بالترويج لمنصة حرية التعبير من خلال الأدب. بينما يسجن المواطنون والمقيمون الإماراتيين الذين أعربوا عن آراء معارضة. لذلك سيكون من غير المناسب تكريم حكومة تسجن الناس بسبب تأليفهم للكتب.

وختم الموقعون على البيان بالقول: “في ضوء ما سبق ندعوكم لرفض الجائزة والامتناع عن المشاركة في معرض أبوظبي للكتاب. نعتقد أن قبول هذه الجائزة من شأنه أن يقوض سمعتكم ومصداقيتكم. كما يربطكم بحكومة تسكت بشكل منهجي أي شخص يعبر عن آرائه بشكل سلمي.”

وتابع: “بدلاً من ذلك، نطلب منكم المساعدة في مواجهة حملة العلاقات العامة للسلطات الإماراتية من خلال تسليط الضوء على الوجه الحقيقي للإمارات. والتضامن مع أولئك الذين دفعوا ثمنًا باهظًا للتعبير عن آرائهم. يمكن أن يساهم صوتكم حقًا في إحداث تغيير في حياتهم والنضال من أجل الحرية”.

ومن ضمن الموقعين على البيان:

منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين
القسط لحقوق الإنسان
منظمة المادة 19
جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية
جمعية ضحايا التعذيب في الإمارات العربية المتحدة
الذاكرة الجماعية من أجل الحرية و الديمقراطية
الجمعية التونسية لمساندة الأقليات
الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية
مركز تونس لحرية الصحافة
الإئتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام
اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس
منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي
مؤسسة حسن السعداوي للديمقراطية والمساواة في تونس
منتدى التجديد للفكر المواطني والتقدمي