ردا على الضغوط الأمريكية ضدها أصدرت الخارجية الأثيوبية بيانا جديدا ظهر كتصعيد حاد من جانب أديس أبابا، وبمثابة إعلان فصل جديد من العلاقات مع واشنطن يشوبه التوتر على خلفية الحرب في إقليم تيجراي.
وفي بيانها الحاد اللهجة، قالت أديس أبابا إنه من المؤسف للغاية القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة لمواصلة ممارسة الضغط غير المبرر على الحكومة من خلال “فرض قيود” على التأشيرات للمسؤولين الحكوميين، بالإضافة إلى قراراتها السابقة “لتقييد المساعدات الاقتصادية والأمنية” لإثيوبيا”.
وكانت الولايات المتحدة بادارة الرئيس جو بايدن تخطط لاستهداف المسئولين الإثيوبيين و الإريتريين بفرض قيود على التأشيرات على خلفية الحرب في إقليم تيجراي، كجزء من حملة دبلوماسية ضد حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بسبب الفظائع التي ارتكبت في الإقليم.
كما أن إدارة بايدن تخطط لزيادة الضغط على آبي أحمد بطرق أخرى، بما في ذلك وقف تمويل المساعدة الأمنية الأمريكية لإثيوبيا واستهداف برامج البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في البلاد.
بالاضافة إلى هناك مناقشات جارية حول احتمال فرض عقوبات على المسؤولين الإثيوبيين أو الإريتريين المتواطئين في فظائع تيجراي، لكن لم يتم اتخاذ قرارات نهائية بشأنها.
وأثار الصراع تقارير واسعة النطاق عن الفظائع والعنف الجماعي المحتمل على أسس عرقية، وجرائم الحرب التي ارتكبتها القوات في إثيوبيا وإريتريا المجاورة ضد السكان المدنيين.
اقرأ أيضا:
“تقسيم تيجراي” و”ديكتاتور إريتريا”.. ورقة آبي أحمد لاستمالة السلطة في إثيوبيا
أسف أثيوبي تجاه القرارات الأمريكية
من جانبها، قالت الحكومة الإثيوبية أنها تود أن توضح بعض النقاط والتي منها، أن القرار جاء في وقت كانت الحكومة الإثيوبية تتعامل بشكل إيجابي وبناء مع الإدارة الأمريكية بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتابعت “كانت هذه هي الروح التي رحبت بها الحكومة الإثيوبية بالمبعوث الأمريكي الخاص الجديد للقرن الأفريقي، السيد جيفري فيلتمان الذي التقى وأجرى مشاورات مكثفة مع كبار المسؤولين الحكوميين، بمن فيهم رئيس الوزراء”.
معتبرة أن قرارات الولايات المتحدة ترسل “إشارة خاطئة” في وقت تستعد فيه إثيوبيا لإجراء انتخابات وطنية، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى نظام سياسي جديد في البلاد.
وأضافت: “ستمهد الانتخابات الوطنية السادسة الطريق لحوار شامل بمجرد تولي حكومة جديدة مهامها، ومن ثم، في هذا المنعطف المهم، كانت الحكومة الإثيوبية تتوقع دعمًا وتفهمًا وليس مثل هذا النوع من الإجراءات غير الحكيمة بلا داع للتغلب على الانتخابات.”
وفي لهجة أكثر حدة حذرت أثيوبيا من أن تداعيات قيود التأشيرات وغيرها من الإجراءات ذات الصلة التي تم اتخاذها سابقًا ستقوض بشكل خطير العلاقة الثنائية الطويلة الأمد والمهمة على قول البيان.
الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي
ترفض إثيوبيا أيضا لمساواتها بالجبهة الشعبية لتحرير تيجراي واعتبرته الأمر “الأكثر إثارة للحزن” اعتمادا على تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل مجلس النواب قبل أسبوعين”، مضيفة “ليس هناك ما يكشف أكثر من هذا الفهم “النهج المضلل من قبل الإدارة”.
ألمحت أثيوبيا في البيان أيضا أنها ذات ارادة مستقلة في اشارة إلى أن الضغط عليها غير ذي طائل قائلة: ” نعمل بوعي على تعزيز الحوار الوطني من خلال سلسلة من المشاركات مع قطاعات أوسع من المجتمع الإثيوبي ليس لأن تم دفعها من الخارج، ولكن لأنها تعتقد أن هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به لبناء الإجماع الوطني الضروري في البلاد ورسم طريقًا أفضل للمضي قدمًا”.
وأضافت في المعنى نفسه “لكن يجب أن يكون مفهوما أنه لا يمكن إجبار الحكومة على الجلوس والتفاوض مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي تم تصنيفها بالفعل على أنها منظمة إرهابية، وأي نوع من محاولة إنعاش المجموعة الإرهابية سيكون له نتائج عكسية ولا يمكن الدفاع عنه”.
كما أكدت الحكومة الإثيوبية أن “محاولة الإدارة الأمريكية التدخل في شؤونها الداخلية ليست فقط غير مناسبة ولكنها أيضًا غير مقبولة تمامًا”، وقالت “لا ينبغي إخبار إثيوبيا بكيفية سير وإدارة شؤونها الداخلية” .
أثيوبيا تنكر الانتهاكات بحق تيجراي والمنظمات تؤكد
وحول انتهاكات حقوق الانسان في إقليم تيجراي التي اعتبرتها أديس أبابا لا أساس لها من الصحة فإن الحكومة الإثيوبية تفي بالتزامها بمحاسبة المسؤولين، بحسب البيان، إذ أعلن مكتب المدعي العام الاتحادي نتيجة عمله التحقيقي والخطوات المهمة المتخذة لضمان المساءلة والعدالة.
ووفقا لبيان أثيوبيا “شرعت اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالفعل في التحقيق المستقل المشترك بينهما، وذلك بدعوة من الحكومة الإثيوبية، إذ تقوم اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، أيضًا بإجراء تحقيقاتها”.
وكانت منظمة العفو الدولية في تقرير سابق، قالت إن القوات الإريترية المتحالفة مع أثيوبيا قتلت مئات المدنيين العزل في مذبحة وقعت خلال الصراع في منطقة تيجراي، التي قد ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية. فيما أكدت المنظمة أن العنف بدأ بعد أن استولت القوات الإريترية على مدينة أكسوم في “هجوم واسع النطاق، مما أسفر عن مقتل وتشريد المدنيين بقصف وإطلاق نار عشوائي” في 19 نوفمبر، وبالتزامن مع عيد ديني كبير.
كما اتهمت القوات الإريترية بالتخفي وسط السكان التي سبق، وأن أنكرت أثيوبيا وجودها، بالعمل على تعطيل وصول المساعدات الانسانية، بحسب مشاهدات صحفيين من شبكة سي ان ان الأمريكية.
في حين تؤكد أثيوبيا في بيانها أنها بذلت كل ما في وسعها من خلال حشد مواردها الشحيحة وموارد الشركاء للوصول إلى جميع الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى المساعدات العاجلة.
وتقول “كما تعرف الجهات الفاعلة الإنسانية العاملة على الأرض جيدًا أن التحدي المطروح يتعلق بقضايا القدرات والموارد الإضافية وليس كثيرًا بشأن الوصول”.
العلاقات الإثيوبية الإريترية.. مطامع مُغلَّفة بالمصالح
أديس أبابا تصعد من لهجتها تجاه واشنطن
عادت أديس أبابا لتؤكد احتمالات فك الارتباط مع واشنطن وقالت: “بعد سلسلة الارتباطات مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك الولايات المتحدة، والتقدم الملموس الذي تم إحرازه في معالجة بعض التحديات السائدة، فإن قرار الإدارة الأمريكية بفرض قيود على التأشيرات وإجراءات أخرى ليس مؤسفًا فحسب، بل سيضر أيضًا ويقوض بشكل خطير روح المشاركة البناءة والمكاسب الكبيرة التي تحققت على أرض الواقع، ناهيك عن العلاقات القائمة بين الشعبين منذ قرون”.
عادت أديس أبابا أيضا لتهدد مبينة أن استمرار هذا التصميم للتدخل في الشؤون الداخلية وتقويض العلاقات الثنائية التي تعود إلى قرن من الزمان بلا هوادة، “فستضطر حكومة جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الفيدرالية إلى إعادة تقييم علاقاتها مع الولايات المتحدة، مما قد يكون له تداعيات تتجاوز علاقتنا الثنائية”.
وختمت بيانها بالقول: “لن يردع هذا القرار المؤسف للإدارة الأمريكية الحكومة الإثيوبية، وستواصل جهودها الحثيثة للتغلب على التحديات الحالية وقيادة البلاد على طريق السلام والازدهار الدائمين”.
كل هذه القرارات تشي بأن القادم ليس جيدا على مستوى العلاقات الأمريكية – الإثيوبية، وهو ما تعول عليه مصر لحلحلة أزمة سد النهضة، خصوصا بعد المكالمة التي تلقاها الرئيس المصري من نظيره الأمريكي وتعهد فيها بالحفاظ على أمن مصر المائي.