بعد أن سيطر عليها الخوف قررت “مادونا” تأجيل قرار الإنجاب. تخشى أن يأتي طفلها للعالم ووباء كورونا ينهش فيه. تقول: “في بداية الزواج كنت أرى أنه من الأفضل تأجيل الإنجاب مؤقتًا. لكن بعد تفشي كورونا أصبح التأجيل هو الحل الأمثل. وليس مجرد خيار، إلى أن يختفي الفيروس. قبل ذلك لا يمكن أن أفكر في طفل حاليًا”.
“القرار لا يزال يؤثر على حالتي النفسية. خاصة أنا لا أعلم إلى متى سيظل الوباء. كما أنه لم يمر عام على زواجي بعد”. تقول مادونا التي لفتت إلى أن زوجها يتفهم خوفها بشكل كبير، إنها وزوجها لا يتناقشان حول الأمر حتى لا تصاب بالتوتر. كذلك تؤكد أنه إذا استمر الوضع هكذا لفترة أطول ربما لن تنجب نهائيًا.
جربة الإنجاب وقت فيروس زيكا
شهدت بعض دول أمريكا اللاتينية عام 2016، ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة الإجهاض بين النساء، بعد تفشي فيروس زيكا. كذلك أشارت التقديرات حينها إلى أن عدد الحوامل اللاتي يحاولن الإجهاض تضاعف في البرازيل. في حين زاد بحوالي الثلث في بلدان أخرى. وفق دراسة أجراها باحثون بجامعة أوريجون للصحة والعلوم، بالتعاون مع 5 مراكز بحثية حكومية في الولايات المتحدة. كما نشرت نتائجها في مجلة Nature Medicine العلمية.
كما نُشِرت المجلة الأمريكية لأمراض النساء والتوليد دراسة بريطانية واسعة النطاق تشير إلى أن النساء المُصابات بفيروس كورونا. خلال فترة الولادة قد يتضاعف عندهن خطر إنجاب أجنة ميتة أو مواليد سابقة لأوانهم. بينما تظل المخاطر الإجمالية تظل منخفضة.
كما توضح النتائج التي خلصت إليها الدراسة أنه ينبغي على النساء الحوامل أخذ لقاح كورونا في أقرب وقت ممكن إذا كانت الشروط تنطبق عليهن.
ويقول باحثون إن المخاطر المرتبطة بزيادة مخاطر ولادة أجنة ميتة وسابقة لأوانها، بالإضافة إلى تفاقم فرص إجراء ولادة قيصرية. ظلت قائمة حتى بعد أخذ عوامل مثل عمر الأم والإثنية والخلفية الاجتماعية والاقتصادية والظروف الصحية الشائعة، في الاعتبار.
أطفال أكثر عرضة لدخول غرفة العناية المركزة
كذلك تبين أن الأطفال المولودين لنساء ثبتت إصابتهن بالوباء، أكثر عرضة للحاجة على نحو خاص إلى الخضوع للعناية المركزة. لأنهم ولدوا قبل الوقت وبالتالي يحتاجون إلى تلقي الدعم، ولم يصابوا بفيروس كورونا في حد ذاته.
فيروس كورونا أثار الهلع منذ انتشاره، وأدمن البعض متابعة أرقام الوفيات والإصابات، وأفرط آخرون في الأخذ بالاحتياطات الصحية. وفي وسط هذه الأجواء، كان للنساء مشاعر متضاربة ومختلطة فيما يتعلق بالإنجاب أو الإجهاض، والغموض الذي يحيط بالفيروس. ما أثار مساحات واسعة من الأفكار، القرارات والشائعات.
بعض النساء قررن التنازل عن حلم الأمومة مؤقتًا حتى يعرفن في أي مسار سيأخذنا هذا الوباء رغم الألم النفسي الشديد. بينما قرر البعض الآخر أن الوباء فرصة ذهبية يمكن التحايل بها على التقاليد التي تجبرهن على الإنجاب بمجرد الزواج.
الإنجاب بالحقن المجهري.. مخاطرة كبيرة في زمن الوباء
“آلاء” هي الأخرى قررت تأجيل الإنجاب. “لم يُكتب لي الإنجاب بشكل طبيعي. وبعد عامين من الزواج اكتشفت أنا وزوجي أنه لابد من إجراء عملية حقن مجهري لكي أصبح أمًا. في ذلك الوقت بدأ وباء كورونا في الانتشار. أصبحت غير قادرة على اتخاذ قرار وقعت في حيرة بين الرغبة في الإنجاب والخوف من فوات الآون. وبين الهلع من دخول غرفة عمليات مستشفى أكون عرضة فيها للعدوى”.
قالت: “بعد 3 أشهر من الخوف تواصلت مع طبيب نفسي لأول مرة لاستشارته في الأمر. رده كان أني أصبحت أعاني من الوسواس وهذا يهدد نجاح عملية الحقن المجهري. لابد أن أتاكد قبل أخذ الخطوة”. كذلك لفتت إلى أن خوفها الأساسي هو أن تضيع فرصتها في الإنجاب بسبب الإصابة بكورونا. خاصة أن كل المؤشرات توحي بخطر الحمل أثناء الوباء.
كما أشارت إلى أنه عندما ذهبت لتقلي اللقاح نص الإقرار على عدم الإنجاب أو الرغبة في الإنجاب خلال العام المقبل. بالتالي تضاعفت مخاوفي وقررت ألا أتخذ خطوة الإنجاب من خلال الحقن إلا إذا انتهى الوباء.
لقاح كورونا لم يظهر تأثيره على الحوامل والأجنة حتى الآن
الدكتورة ريهام عوض إحدى العاملات في المراكز الطبية الخاصة بتلقي لقاح كورونا. أكدت أن السبب في وجود شرط عدم الإنجاب أو الرغبة في الإنجاب لمدة عام أن اللقاح لم يظهر تأثيره بعد على الحوامل. وبالتالي هناك احتمالية لتشوه الأجنة بعد تلقي اللقاح لذلك ينصح كل السيدات الراغبات في الإنجاب خلال الفترة المقبلة بعدم تلقي اللقاح. كذلك الحفاظ على عدم الاختلاط والتواجد في بيئة آمنة لفترة الحمل وحتى الإنجاب والرضاعة.
الدكتورة بسمة سليم أخصائي الصحة النفسية وتعديل السلوك قالت إنه مع بداية ظهور كورونا كانت وزارة الصحة تنصح بتأجيل الحمل. لأن الأمور لم تكن واضحة خاصة أن هناك عدد كبير من السيدات يعانين من اكتئاب الحمل. بجانب حالة الهلع والخوف الشديد حتى أصبحت بعض الحالات التي تتواصل معها تُخبرها أنها تحلم بشكل متكرر بالإجهاض.
المجازفة بالحمل لتأخر سن الزواج
كذلك أضافت أن الناس أصبحت تقرأ وتتطلع على كل المواضيع والأبحاث التي تتعلق بالفيروس. وبالتالي أصبحوا على علم بأن السيدة الحامل تقل مناعتها فضلًا عن الخوف من الإصابة بالحمى ما يتسبب في تشوه الجنين. وهو أمر لابد من وضعه في الحُسبان. وبالتالي وضع عازل لحين الانتهاء من فترة الحمل هو أمر غاية في الصعوبة ما زاد من هلع النساء أكثر.
تؤكد “حين تعاني الأم من مشكلات نفسية أو أسرية نطلب من الجميع أن تكون فترة الحمل بعيدة تمامًا عن التوتر. فماذا عن الوضع الوبائي؟. كما أن الجهاز العصبي للجنين متصل بالجهاز العصبي بالأم وبالتالي سيتأثر بتأثرها تمامًا.
توضح سليم أن النساء الممتنعات عن الإنجاب هذه الفترة هناك إحتمالية كبيرة من تغير آرائهن والمجازفة بعد ذلك خاصة في ظل ارتفاع سن الزواج. مع النصح باستشارة الطبيب قبل الإقبال على هذه الخطوة والتواجد في مكان أمن حتى لا يصبن بالوسواس والذعر.