من طالبة لجوء إلى أول محجبة مسلمة تطرق أبواب الكونجرس، وتمثل الناخبين الأمريكيين عبر دورتين انتخابيتين. ليصبح وجود إلهان عمر بمثابة فصلًا جديدًا في تاريخ السياسة الأمريكية، برز مؤخرا في مواقف الحزب الديمقراطي من القضية الفلسطينية.
قضت إلهان أربع سنوات في مخيمات اللجوء بعدما اضطرت إلى الانتقال مع أهلها إلى كينيا بسبب الحرب الأهلية في بلدها الصومال. قبل أن تهاجر عام 1995 مع عائلتها إلى الولايات المتحدة.
فازت إلهان عمر في انتخابات مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا عام 2018 لتصبح واحدة من أول امرأتين مسلمتين تُنتخبان لعضوية الكونجرس. ثم أعيد انتخابها لاحقًا مع أعضاء فرقة الأخوات الأربع squad.
والفرقة تضم أربع نساء من الحزب الديمقراطي طالما أثرن الجدل وواجهن العنصرية من اليمين المتطرف. خاصة في عهد دونالد ترامب. وهن النائبات إلهان عمر من مينيسوتا، وإلكسندريا أوكاسيو كورتيز من نيويورك. كذلك رشيدة طليب ذات الأصول الفلسطينية من ميشيجان، وإيانا بريسلي من ماساتشوستس.
وواجهت إلهان هجمات عنصرية بسبب دينها واتهمتها لورا لومر، الصحفية من اليمين المتطرف بأنها على صلة بـ”الإرهابيين المسلمين”.
وتقول إلهان: “عندما يسألني الناس عن من هو أكبر منافس لي، لا أذكر أسماء، بل أقول لهم إنها الإسلاموفوبيا. بالإضافة إلى العنصرية وكراهية الأجانب وكره النساء، لا يمكننا السماح لحاملي هذه الأفكار بالفوز”.
إلهان عمر والقضية الفلسطينية
القضية الفلسطينية لطالما كانت الاختبار الأهم، والتي من المعروف موقف إلهان منها، وهجوم اليمين بشكل دائم عليها، ووصمها بمعاداة السامية. نظرًا لمواقفها الواضحة من دولة الاحتلال، باعتبارها دولة إرهاب.
وكانت دولة الاحتلال منعت إلهان وزميلتها طليب في عام 2019 من زيارة الأراضي الفسطينية المحتلة وهو ما اعتبرته “إهانة للقيم الديمقراطية” وغير مستغرب بالنظر إلى مقاومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لجهود السلام.
وآنذاك علقت قائلة “ما يدعو للسخرية في اتخاذ الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط لهذا القرار، هو أنه إهانة للقيم الديمقراطية وأيضا رد قاس على زيارة مسؤولين حكوميين من بلد حليف”.
التغير في المنطق الديمقراطي صاحب تغير في المزاج الأمريكي وجيله الجديد. ذلك الجيل الذي ساهم في تصعيده اليساري بيرني ساندرز ذو المواقف الواضحة. حتى فيما يخص القضية الفلسطينية التي طالما لاقت تأييده.
إلى المزاج الثوري نفسه يرجع الفضل في تصعيد إلهان وأخواتها، وإعلانهم عن مواقفهم من القضية دون مواربة. حيث اعتبرت إلهان “أن الغارات الجوية الإسرائيلية التي تقتل المدنيين في قطاع غزة هي بمثابة عمل إرهابي”.
أصبحت عمر وما تمثله من تيار جذري قادر على تخطي خطاب بايدن نفسه التقليدي الذي طالما ردد بأن للاحتلال حق الرد والدفاع عن نفسه. في المقابل سمع العالم إلهان وهي تلفت إلى خطأ مساواة الطرفين بعضهم البعض. قائلة “على عكس إسرائيل، فإن برامج الدفاع الصاروخي، مثل القبة الحديدية، غير موجودة لحماية المدنيين الفلسطينيين”. متابعة: “من غير المعقول عدم إدانة هذه الهجمات في أسبوع العيد”.
من لاجئة إلى مديرة للسياسات
انتقلت إلهان للعيش في مينيسوتا مع أسرتها عندما كانت في سن المراهقة، وفقدت والدتها عندما كانت صغيرة، لذا تولى جدها ووالدها تربيتها. وهي أصغر إخوتها البالغ عددهم سبعة.
كان والدها مديرًا للنقل البحري الوطني، ولكن بعد الحرب الأهلية في الصومال عام 1991. هربت أسرتها كلها من البلاد وعاشت لسنوات طويلة في معسكرات اللاجئين في كينيا.
وفي عام 1995، هاجرت إلهان مع أسرتها إلى مينيسوتا. تميزت بالذكاء الحاد حتى أنها تعلمت الإنجليزية في 3 أشهر فقط. كذلك عملت أثناء دراستها كمترجمة وهي في سن 14 سنة.
لاحقا تخرجت من كلية العلوم السياسية والدراسات الدولية في جامعة “نورث داكوتا” الأمريكية في عام 2011. كما بدأت حياتها المهنية كمعلمة تغذية في جامعة مينيسوتا من عام 2006-2009.
وبعد إنهاء دراستها، عملت مديرة حملة إعادة انتخاب “كاري دزييدزيتش” لمجلس الشيوخ بولاية مينيسوتا لعام 2012. ثم عملت منسقة للتوعية بتغذية الأطفال في وزارة التعليم بين عامي 2012 – 2013.
وفي عام 2013، أدارت حملة المرشح “أندرو جونسون” لمجلس بلدية مدينة مينيابوليس وبعد فوز الأخير، عملت مساعدة سياسية له. وفي عام 2015، أصبحت مديرة السياسات والمبادرات الخاصة بشبكة تنظيم النساء التي نادت فيها عمر النساء المهاجرات من شرق أفريقيا لتولي أدوار القيادة.
إلهان عمر ودونالد ترامب
حققت إلهان إنجازًا تاريخيًا وتصدر اسمها عناوين وسائل الإعلام بعد أن هزمت مرشحًا جمهوريًا لتتولى مقعد ولاية مينيسوتا في الكونجرس عام 2016.
اللافت أن انتخابها جاء في أعقاب اتهام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمهاجرين الصوماليين في مينيسوتا “بنشر آرائهم المتطرفة”.
جدير بالذكر أن إلهان عمر ورشيدة طليب، نالتا نصيبًا وافرًا من الانتقادات الشديدة التي وجهها الرئيس السابق ترامب لخصومه الديمقراطيين. والتي تتعلق بقضايا مختلفة مثل الهجرة والإسلام وفلسطين وإسرائيل.
وتكرر هجوم ترامب على إلهان بعبارات عنصرية إلى الحد الذي ردت معه النائبة بالقول “لماذا أنت مهووس بي؟”. وذلك أن شوه ترامب مرارًا جميع أعضاء الكونجرس الأربع. وفي الفترة التي سبقت يوم الانتخابات شن هجمات متكررة معادية للأجانب وعلى إلهان عمر. متهمًا إياها في تجمع حاشد بقول “نحن”- جمهوره ذو الأغلبية البيضاء- “كيف ندير بلدنا”.
وفي لقاء انتخابي آخر عقد بولاية مينيسوتا، تساءل ترامب بنبرة استهزاء في إشارة إلى نائبة الكونجرس إلهان “كيف نجحت عمر في الانتخابات؟”.
ولاحقًا وفي التجمع الانتخابي نفسه، هاجم ترامب كل من إلهان ورشيدة. كما اتهمهما بتبديد الأموال قائلًا “سنحاكمهما. لم لا؟ لا أفهم حقًا”.
لترد النائبة الديمقراطية على ترامب في تغريدة “هذه اللاجئة ستقضي وقتًا ممتعًا وهي تصوت لتخرجك من البيت الأبيض. كثيرون حاولوا تقسيم منيسوتا لكنهم فشلوا فشلًا ذريعًا. نحن أقوى من الخوف”.