حسام مؤنس ذلك الشاب الذي حلم بغد أفضل، فعمل من أجل تحقيق حلمه طوال عشرين عاما، حتى استيقظ ذات يوم على اقتحام قوات الأمن لمنزله، ليتم اتهامه لاحقا بـ”الأمل”، ويصدر قرار بحبسه احتياطيا على ذمة القضية 930 لسنة 2019.

بهدوء معروف منه تنقل مؤنس بين الحركات السياسية، وامتدت مسيرته في العمل العام، حتى أصبح اسمه مرتبطا بالقضية الثقب التي ابتلعت الكثير من النشطاء، والصحفيين، والسياسيين.

حسام مؤنس.. عندما يكون “الأمل” تهمة

كانت البداية حين ألقت قوات الأمن فجر يوم الثلاثاء 25 يونيو من العام 2019، القبض على الكاتب الصحفي حسام مؤنس، من منزله بالقاهرة بعد اقتحام المنزل وترويع زوجته وأطفاله.

اقتيد إلى جهة غير معلومة، ظهر بعدها بساعات في نيابة أمن الدولة العليا على ذمة القضية المعروفة إعلاميا باسم “معتقلي الأمل” وصدر قرار بحبسه احتياطيا لمدة 15 يوم على ذمة التحقيق.

وقال بيان الداخلية المصرية آنذاك إن المقبوض عليهم خططوا من خلال شركاتهم “لتمويل أعمال عنف ضد مؤسسات الدولة”، وتكثيف الدعوات الإعلامية “التحريضية” عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية التي تبث من الخارج.

واتهم البيان كل من المتحدث الرسمي السابق باسم التيار الشعبي وأحد مؤسسيه حسام مؤنس، وعضو البرلمان السابق زياد العليمي، و عضو حركة الاشتراكيين الثوريين الصحفي هشام فؤاد، ورجل الأعمال عمر الشنيطي.

وجاءت حملة الاعتقالات هذه والتي ضمنها حسام مؤنس في الوقت الذي ينشط فيه باعتباره أحد القيادات الشابة للتيار المدني في تشكيل تحالف مدني جديد كان في طريقه للظهور للنور، يضم أحزاب وحركات سياسية وشباب مستقلين، يسعون لتنظيم صفوف التيارات المدنية من أجل خوض انتخابات مجلس النواب المزمع عقدها العام القادم.

هذا التحالف كان هدفه الممارسة السياسية في ضوء الدستور والقانون، إلا أن السلطات سارعت بالقبض عليه وتوجيه اتهامات إليه بمشاركة جماعة إرهابية لتحقيق أغراضها مع العلم بأغراضها، إلى جانب نشر وإذاعة أخبار كاذبة الهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد.

وتداعت صحف متحدثة باسم الجهات الرسمية إلى نشر رواية مفادها أن حسام ورفاقه خططوا لإسقاط الدولة بالتزامن مع ذكرى 30 يونيو تحت مسمى “خطة الأمل”، رغم أن عملهم السياسي كان بالعلن وبشكل مشروع.

حسام مؤنس.. الأفكار هي الأبقى

وحسام مؤنس من مواليد 7 يوليو سنة 1982 بميت غمر بمحافظة الداقهلية، تخرج في كلية التجارة ولكنه التحق بالعمل الصحفي، ولديه طفلين هما فيروزة ومجد، وهو مدير الحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي والمتحدث الرسمي للحملة.

وهو أحد شباب ثورة يناير عام 2011، وكان عضوا في ائتلاف شباب الثورة وأحد المتحدثين باسمه، ثم شارك في جميع المعارك السياسية التي تلت ثورة يناير وكان حاضراً وفعالا في كل الأحداث سواء السياسية أو النقابية والصحفية، وتعددت مشاركته في كل الأحداث والفاعليات، كما أنه كان عضوا بتنسيقية 30 يونيو.

اختصر حسام التعريف عن نفسه بمقولته الرائعة “إنسان من بين 7000 مليون إنسان، يرفض أن يعيش ويموت مثـله مثـل أي واحد منهم بغير فرق”.

يعرفه صديق العمر أحمد كامل البحيري بمقولة مؤنس نفسه “الحرية والعدل فكرة تظل وتبقى وهي الثابت الوحيد والأقوى عبر الزمان، واستمرار مسيرة الأفكار هي التي قد تجعل أجيال قادمة أكثر قدرة على الفعل والتغيير”.

اقرأ أيضا:

حسام مؤنس: الفكرة هي التي تبقى

 

حسام مؤنس الذي لا يعرف اليأس

الحرية والعدل هي أحد الأسس التي آمن بها الحالم بالأمل على مدار سنوات عمله العام، وهو مادفعه للعمل على إنجاح مرشحه حمدين صباحي بمنتهى الجدية، والمثابرة.

تصميم لم يلق نجاح مباشر، لكنه أشار إلى إمكانية نجاح جيل جديد في تنظيم صفوفه، والعمل على تحقيق أهدافه رغم افتقاده للإمكانيات التي توفرت للطرف المقابل.

ورغم الفشل في انتخابات 2014 وتراجع التيار الشعبي، واصل مؤنس موهبته في التنسيق وإنشاء مجموعات سياسية ذات هموم وقضايا مشتركة، كان أهمها في ذلك الوقت معارضة اتفاقية نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية في إبريل 2016.

 

تلك القضية التي أحيت المشهد السياسي المصري، والتي توافق عليها أغلب التيارات المدنية يمينا ويسارا، واستغلها حسام في دفع عجلة الحركة السياسية التي بدت مشوشة آنذاك.

حسام مؤنس برفقة صباحي

حينها برزت حملة “مصر مش للبيع” تشكلت لرفض الاتفاقية من عدة أحزاب، منها الدستور، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والعيش والحرية، والتيار الشعبي، والكرامة، وحركات سياسية مثل الاشتراكيين الثوريين و6 إبريل، إلى جانب مجموعة من الشخصيات العامة، والتي اتخذت النضال القانوني مسارا لها في أعقاب مظاهرات عارمة ألقي القبض خلالها على مئات المعارضين للاتفاقية.

ولاحقا لم يمنع انتصار الحركة في المحاكم من إتمام الاتفاقية، وتسليم الجزيرتين المصريتين.

حاول حسام مرة أخرى النهوض، والبناء على أنقاض معاركه، عبر موقعة خالد علي وترشحه للرئاسة، الذي حاول دعمها بكل قوته، رغم خفوت نجم التيار الشعبي، وحتى حزب الكرامة.

وحتى اللحظات الأخيرة قبيل احتجازه، حاول مؤنس جاهدا تحقيق حلمه، عبر تنظيم مدني، يشارك في الحياة السياسية، وهو الحلم الذي يقبع معه خلف الأسوار في الوقت الحالي.