تتوالى قرارات تنظيم الشأن الديني والأوقاف في السعودية والإمارات بشكل كبير في السنوات الأخير. في محاولة من البلدين لإثبات القدرة على التغيير نحو الإصلاح حتى في الشأن الديني، الذي طالما كان بعيدًا عن أي مساس. بينما تكثر الدعوات في مصر لتطبيق مثل تلك القارات المهمة، التي حتى وإن صدرت لا تجد سبيلًا للتطبيق.

كان آخر تلك القرارات تنظيم وتحديد استخدام مكبرات الصوت في المساجد الذي أثار جدلًا كبيرًا. بينما انقسم فيه السعوديون بين مرحب وغاضب. حيث أصدر وزير الشؤون الإسلامية عبداللطيف الشيخ، تعميمًا يوضح ضوابط استخدام مكبرات الصوت الخارجية في المساجد.

قرارات لـ”إصلاح الشأن الديني في السعودية”

وحسب التعميم الجديد، سيتم قصر استعمال مكبرات الصوت الخارجية على رفع الأذان والإقامة فقط. بينما لن يتجاوز مستوى ارتفاع الصوت في الأجهزة عن ثلث درجة جهاز مكبر الصوت. كذلك استند إلى أدلة شرعية تتضمن أحاديث للرسول (ص).

وقال التعميم المنشور: “تبليغ صوت الإمام في الصلاة خاص بمن هو داخل المسجد وليس ثمّة حاجة شرعية تدعو لتبليغه لمن في البيوت. وأن رفع صوت مكبرات الصوت خلال قراءة القرآن يعد من الامتهان للقرآن العظيم عندما يُقرأ ولا يُستمع إليه”.

ومنذ 3 سنوات تقريبًا يعيش المجتمع السعودي انفتاحًا اجتماعيًا متسارعًا بعد أن إطلاق حرية إقامة الحفلات والعروض المسرحية. كذلك سُمح الاختلاط بين الجنسين. وقيادة النساء للسيارات ودخول ملاعب كرة القدم. كما أعيد فتح دور السينما وسمح بإقامة حفلات غنائية صاخبة.

إصلاحات طالت أوضاع في المملكة

قرارات غير مسبوقة في الإمارات

في الوقت ذاته، عدلت دولة الإمارات عددًا من قوانينها فيما يخص الأطفال المولودين خارج إطار الزواج. ليسمح للآباء غير المتزوجين بالتقدم للحصول على شهادة ميلاد للطفل المولود خارج إطار الزواج.

وجاءت التعديلات التشريعية الأخيرة في قوانين العقوبات والأحوال الشخصية لتصب في هذا الاتجاه. فمهدت التعديلات المجال لغير المواطنين لاختيار القوانين التي تطبق على تصرفاتهم في شؤون الميراث والتركات. وألغت المادة التي تمنح العذر المخفف فيما يسمى بجرائم الشرف. كذلك شملت التعديلات تشديد قانون مكافحة التحرش الجنسي حيث زادت الغرامة القصوى إلى حوالي 27000 دولار.

كما تم إلغاء أي عقوبات على تناول المشروبات الكحولية. في حين اعتمد رئيس البلاد مادة تسمح لأول مرة بإقامة الشركاء غير المتزوجين معًا. وعلاوة على ذلك يمنح خيار تغطية المطاعم أو إزالة الستائر أثناء تقديم الطعام للزبائن خلال ساعات الصيام.

الحكومة الإماراتية

في مصر.. يد الأوقاف مرتعشة

إعلان القرارات السابقة تعالت معه التساؤلات حول أسباب عدم وجود تطبيق فعلي في مصر لتلك القرارات التي تم اتخاذها منذ سنوات.

عام 2017 وقبل شهر رمضان بأيام اتخذت وزارة الأوقاف المصرية قرارًا بمنع مكبرات الصوت خارج المساجد أثناء صلاة التراويح. كما اقتصر استخدام الميكروفون على الأذان وخطبة الجمعة فقط. وأن تكون السماعات الداخلية مناسبة لداخل المسجد وعلى قدر الحاجة. لمنع ما تسببه مكبرات الصوت من أزمة لبعض المرضى وكبار السن والطلبة. كما قررت وزارة الأوقاف أيضًا تحديد مدة درس التراويح بألا يتجاوز 10 دقائق.

وزارة الأوقاف طبقت سياسة منهجية اعتمدت في البداية على توحيد خطبة الجمعة. وفي 2019 أعلن وزير الأوقاف تطبيق قرار الأذان الموحد بكل حسم على مستوى الجمهورية. بدأت التجربة في 115 مسجدًا كمرحلة تجريبية لحين إثبات النجاح الكامل لها.

القرار أثار حوله اللغط. اعتبره البعض اعتداء على الدين بينما حاول بعض الزج بالأمر تحت مسمى الحرب على الإسلام. لكن في كل الأحوال مازال القانون غير مفعل بشكل كبير.

ميكروفونات المساجد

العلاقة بين مكبرات الصوت والتدين

تقول الكاتبة أمنية خيري إن غالبية أطراف منظومة مكبرات الصوت تجد علاقة حميمة ورهيبة بين عدد مكبرات صوت المساجد ودرجة التدين. كما أضافت أنه مكبرات الصوت صارت مقياسًا للتدين الشعبوي، وبالتالي من يعترض على الكثرة العددية غير المنطقية لمكبرات الصوت. ورفع مؤشرها بدرجة غير آدمية، وبث الصلاة كاملة عبرها يكون بالضرورة معاديًا للدين وكارهًا للمتدينين.

كذلك تساءلت إذا كانت وزارة الأوقاف تعاني الأمَرَّيْن من إصدار قرار يجد مقاومة عنيفة من قبل الغالبية، فلماذا نتوقع أن يتم تفعيل القرار؟

يد الأوقاف مرتعشة

الباحث في الحركات الإسلامية سامح عيد أرجع السبب في عدم وجود آليات على أرض الواقع لتنفيذ قرارات وزارة الأوقاف منذ سنوات. إلى وجود ابتزاز للدولة المصرية عن طريقة القنوات ومواقع التواصل للترويج بأن الدولة تحارب الإسلام. وبناء عليه إذا تم اتخاذ القرار وأغلقت المساجد المخالفة سيثار الرأي العام. خاصة في ظل موجة الشائعات غير المسبوقة وتصديق الجمهور لها ما يحقق نسبة نجاح كبيرة. وبالتالي يمكن القول إن وزارة الأوقاف غير قادرة على التطبيق الفعلي. لأن أيديهم مرتعشة.

كذلك أضاف أن الخطبة يتم تطبيقها بشكل ما وأن كانت المدة تزيد أحيانًا ولكن ليست كسابق عهدها. معلقًا على أن السعودية اتخذت اتجاهًا آخر بعد أن كانت في أقصى اليمين المتطرف. أما في مصر هناك ميل شعبي إلى الخطاب الديني وظهر ذلك واضحًا في احتفاء الناس دائمًا بالجدال المثار بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ورئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت.

وزارة الأوقاف

تراخ وترهل الشخصية المصرية

بينما يرى الدكتور كمال حبيب المفكر الإسلامي أن السبب في إمكانية تنفيذ القرار بالخارج عن مصر. هو وجود قدر من الضبط والسيطرة داخل المساجد عما هو في مصر. خاصة أن مصر يوجد بها الكثير من المساجد والزوايا التي لا تخضع لهيئات تمثل وزارة الأوقاف أو مجلس إدارة. حتى أن بعضهم يكون الأئمة من اختيار سكان المنطقة وليس تابعًا للأوقاف.

ويكمل أن الوزارة ليس لديها فكرة الاختراق والامتداد لبسط سلطانها الكامل على كل المساجد. وبالتالي تبقى الأمور كما هي عليه خاصة في المناطق الشعبية وقرى الدلتا والصعيد. فضلًا عن وعي الشعب المصري فهو يتصور أن رفع الأذان عبر مكبرات الصوت هو نوع من دعم الإسلام والتدين. لذلك يظل هناك غياب للدولة الرقابي على المساجد.

كما تابع أن الزوايا المنتشرة في المصالح الحكومية ووسائل النقل مثل مترو الأنفاق هي جزء من سلوك الشعب المصري. يستخدمها الكثيرون للتهرب من الأعمال بحجة أداء فريضة الصلاة والتراخي في الشخصية المصرية والترهل في الإدارة .