فرض الفرنسي نجولو كانتي لاعب وسط تشيلسي الإنجليزي، نفسه بقوة على وسائل الإعلام الدولية. تارة للحديث عن حياته الصعبة في بدايات حياته حتى أصبح نجمًا دوليًا. وتارة أخرى عن أدواره الفنية والمهارية التي سيطرت على مسيرته الكروية المدججة بالألقاب في غضون سنوات قليلة للغاية.
قد يكون السبب وراء خفوت نجمه تسويقيًا في السابق هو خجله الشديد وعدم نجوميته مقارنة بأسماء لامعة أخرى مثل ليونيل ميسي ببرشلونة أو كريستيانو رونالدو في يوفنتوس. وربما بسبب طبيعة مركزه كلاعب وسط ارتكاز فلا يسجل عديد الأهداف أو يظهر في اللقطة الأخيرة مثل نجوم الهجوم الآخرين. لكنه بما يقدمه من أدوار وأداء ومستويات كفيلة بأن تجعله الرجل الأول في مركزه بالعالم وفي فريقه نجمه الأول.
رغم وجود نجوم لامعة أخرى بجواره في الهجوم والوسط والدفاع، وصل تأثير نجم الوسط الفرنسي القصير صاحب البشرة السمراء إلى مستوى عالٍ، وبات صاحب النصر واللقب الأول للبلوز في دوري أبطال أوروبا الذي رفع كأسه مساء أول أمس السبت بالفوز بهدف نظيف على مانشستر سيتي في ملعب دراجاو بمدينة بورتو البرتغالية.
النجم الأول في تشيلسي بالتحليل الفني والرقمي
كانتي فرض نفسه نجمًا فوق العادة بتشيلسي منذ وصوله وتوج بكل الألقاب الكبرى معه. وقبله مع ليستر سيتي حيث حقق معهم معجزة الفوز بلقب البريميرليج. كان بطل نهائي دوري أبطال أوروبا والمباريات الإقصائية بنصف وربع وثمن النهائي.
نال كانتي إشادة جميع من شاهد المباراة الختامية في المسابقة؛ نظرًا لمجهوده المتواصل عبر دقائق المباراة التسعين. وقدرته المبهرة على أداء واجبات مركزه. وكشفت إحصائية مثيرة نشرتها صحيفة “سبورت” الكتالونية تأثير مجهود اللاعب خلال مباريات مسابقة دوري الأبطال التي انتهت بتتويج البلوز.
وذكرت الإحصائية أن كانتي لعب 13 مباراة في هذه النسخة من دوري الأبطال بواقع 710 دقيقة، ومسافة 93.5 كيلو متر. مع الأخذ في الاعتبار أنه أكمل اللعب فقط في ست مباريات منذ البداية حتى النهاية. وهو ما يعني أنه كان يقطع كيلو مترا كل 7.3 دقيقة.
ورغم أن تتويج تشيلسي باللقب جاء نتاج مجهود جماعي للفريق من أجل عودة البلوز لاعتلاء منصة التتويج الأوروبية مجددًا. إلا أن المجهود والدور الاستثنائي لكانتي صاحب الأصول المالية كان له نصيب الأسد من تتويج فريقه باللقب الأوروبي هذا الموسم.
خاض كانتي 13 مباراة مع تشيلسي في بطولة دوري أبطال أوروبا بالموسم الحالي، صنع هدفا وحيدا، ولم يسجل أي أهداف. بينما حصل على بطاقة صفراء وحيدة، وكان رجل المباراة الأول في 4 لقاءات كاملة من المباريات الإقصائية في الأدوار المتقدمة. وذلك رفقة البلوز رغم طبيعة مركزه كلاعب وسط دفاعي.
قصة كفاح من القاع إلى قمة المجد
حياة صعبة عاشها كانتي في مرحلة الطفولة حيث في باريس لأبوين ماليين. توفى والده وهو في عمر 11 عامًا ليجد الطفل الصغير نفسه مسؤولًا عن أسرته. بدأ حياته العملية مبكرًا حيث عمل جامعًا للقمامة والنفايات وبيعها لشركات تدوير القمامة، لمساعدة والدته على مواجهة أعباء الحياة الصعبة.
قبل أن يتجه كانتي لممارسة كرة القدم في سن صغير بعدما انتشرت أكاديميات كرة القدم بجانب منزله بفرنسا. نجح في الالتحاق ببعض أندية الهواة الفرنسية وبدأ يفرض موهبته الكروية بشكل كبير. وذاع صيته في أنحاء فرنسا بعد تألقه في دوري الهواة، وانتقل لنادي بولون الفرنسي عام 2010. لكنه ظل جليس دكة البدلاء وشارك في مباراته الأولى في 18 مايو 2012، واستمر مع الفريق حتى موسم 2012 – 2013. ولعب معه في 39 مباراة بدوري الدرجة الثالثة الفرنسي وسجل 3 أهداف.
في عام 2013 انتقل إلى نادي كان الفرنسي واستمر معه عامين، شارك في 81 مباراة وسجل 6 أهداف وصنع 9 آخرين. وساهم في تأهل فريقه للدوري الفرنسي، مما دفع نادي ليستر سيتي الإنجليزي للتعاقد معه عام 2015. ولعب معه 40 مباراة وسجل هدفا وحيدا وصنع 4 آخرين.
الجوهرة السمراء إلى الدوري الإنجليزي
تألق كانتي بشكل لافت للأنظار رفقة الثعالب، حتى ساهم في تتويج الفريق بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى في تاريخه. ليصبح ذلك نقطة تحول في مسيرة اللاعب الفرنسي حيث تنافست عدد من أندية أوروبا للحصول على خدماته.
وفي 16 يوليو 2016، وقع كانتي عقدًا مع نادي تشيلسي مقابل 32 مليون جنيه استرليني، وشارك على مدار 5 سنوات مع البلوز في 218 مباراة في مختلف البطولات وسجل 11 هدفًا وصنع 10 أهداف أخرى. وحصل على 34 بطاقة صفراء، وتوج مع البلوز بلقب الدوري الإنجليزي والدوري الأوروبي وكأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.
انضم كانتي لمنتخب فرنسا للمرة الأولى عام 2016 وشارك في 45 مباراة دولية، وسجل هدفين وصنع هدف وحيد. وكان ضمن كتيبة المنتخب الفرنسي المتوج بكأس العالم عام 2018.