سيطرت حالة من اللغط على مواقع التواصل الاجتماعي، في أعقاب إعلان امرأة مسلمة انفصالها عن زوجها لاعتناق الأخير المذهب الشيعي. زاعمة أنها ستكون “آثمة في حال رضيت بالعيش مع رجل على غير مذهبها”.

الخلاف المتجدد بين أهل السنة والشيعة، يطرق أبواب المجتمع المصري هذه المرة عبر مشروعية زواج المرأة السنية من الرجل الشيعي. وهو ما أوجد تسؤلات حول وجود نص شرعي بشان جواز الجمع بين زوجين على مذهبين مختلفين.

طلاق على المذهب

الجدل بدأ عندما خرج محمد عبدالفتاح شقيق تسنيم عبدالفتاح بتدوينة عبر حسابه في “فيسبوك”. ليؤكد أن شقيقته انفصلت عن زوجها على خلفية اتباعه المذهب الشيعي. وقال في التدوينة: “شرف لينا كلنا إن ربنا اختارك لاختبار زي ده والحمد لله نجحتي فيه، وعن جدارة. انفصال أختي عن زوجها لاعتناقه المذهب الشيعي عافانا الله وإياكم، الأمر الذي لم يظهر في فترة الخطبة ولا حول ولا قوة إلا بالله”.

حالة الجدل انعكست على تعليقات المتابعين على “فيسبوك”، وانخرطوا في جدال وتبادل الفتاوى.

شيعي

فريق رأى أن زواج أهل السنة والشيعة جائز، خاصة أن الاثنين تجمعهما شهادة ولا ينكر أحدهم المعلوم من الدين. وهي دوافع جميعها تصب في صالح عدم وجود خلاف شرعي في هذا الزواج.

فيما رأى آخرون أن “أهل الشيعة يسبون آل البيت ويمارسون التقية”. كما يزعم هذا الفريق أن “الشيعة ينكرون صحيح الدين ولا يقبلون بأحكام الشريعة عن قصد”. وهو ما يعد “سببًا لعدم جواز زواج المرأة السنية من الرجل الشيعي”، وفق قولهم.

رأي فقهي

الدكتور محمد عبدالعاطي، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، يرى جواز زواج المختلفين مذهبيًا، خاصة أنهما مسلمين.

وأضاف عبدالعاطي في تصريح لـ”مصر 360″: “إذا كان الاختلاف في الديانة ليس مدعاة لفسخ عقد الزواج أو التطليق. فما بالك بالمسلم حتى إن اختلف في المذهب، فهو ليس مشرك بكتاب الله، وعلى أساسه إذا ما تزوج السني بالشيعية أو الشيعية بالسنية فلا يوجد سبب للطلاق”.

وأشار إلى أن الحديث عن كون “الشيعة يسبون آل البيت” فهي من “الذنوب والمعاصي” ولا تخرجهم من الدين الإسلامي. وأشار إلى أنهم “يحاسبون على فعلهم فقط دون أن يتم الحكم عليهم بالكفر”.

وتابع أن “أحكام الكفر قاسية وتحتاج لدراسة وتأني واطلاع على فكر الآخر. لذا من البديهي أن يكون الزواج بين أهل السنة والشيعة أمرا مقبولا، ولا يجب أن يكون محل خلاف”.

الدكتور علي جمعة، المفتي السابق، يقول إن زواج السني من الشيعية، أو الشيعي من السنية جائز؛ لأن الطرفين مسلمان. ولفت إلى أنه طالما الزوج مسلم فلا ضرر. ولفت إلى أن “أحكام الشريعة واضحة في هذا الصدد، حيث لا يجوز أن تتزوج المسلمة من غير المسلم”.

وأضاف جمعة في حوار سابق على قناة “سي بي سي”: “لو هناك خلاف فقهي يجوز الزواج”. واستشهد المفتي السابق بحالات زواج كثيرة في دول عربية بين طرفين أحدهما سني والآخر شيعي. ورفض “قضية التبشير بالمذاهب، كأن يجرى إرسال دعاة من أهل السنة إلى (إيران الشيعية) تدعوهم للخروج من مذهبهم.

خلاف سابق

هذا الخلاف ليس الأول من نوعه، فقد استدعي الخلاف سابقًا عندما كشف المستشار الدمرداش العقالي، الزعيم الروحي لشيعة مصر، والزوج السابق للدكتور آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة الأزهر، أن سبب انفصالهما هو دخوله المذهب الشيعي.

وقتها قال العقالي إن زوجته ليست سنية فقط، إنما متشبعة بالمذهب السني السلفي؛ إذ حصلت على الدكتوراة حول سيرة محمد بن عبدالوهاب. وكذا عمدت إلى تدريس مذهبه وكل ثقافتها الوهابية، وكانت مقربة من سيد قطب، وفق قوله.

لكن آمنة نصير خرجت لتؤكد أن العقالي تشيع بعد الطلاق، ولم يكن هذا سبب الانفصال بينهما؛ لأنها لا تمانع الأمر. وأوضحت أن التفرقة بين السنة والشيعة سببه حالة الاحتقان التي يعيشها المصريون في العقود الأخيرة، وكل شخص حر في مذهبه.