احتفلت الكنيسة القبطية اليوم الثلاثاء بعيد دخول المسيح مصر. وهو من الأعياد السيدية الصغرى في الكنيسة إذ صلى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، قداس عيد دخول المسيح أرض مصر بكنيسة أبي سرجة بمصر القديمة، صباح اليوم، التي تعد إحدى محطات العائلة المقدسة حيث أقامت بها لفترة أثناء تواجدها في مصر.

يؤرخ هذا العيد لذكرى هروب العائلة المقدسة من فلسطين خائفة من بطش الملك هيرودس حتى دخلت مصر محتمية بها، حيث سار الركب المقدس في 25 مسار اعتمدتهم الكنيسة القبطية كمسار لتلك الرحلة.

ضم مسار رحلة العائلة المقدسة 25 نقطة تمتد لمسافة 3500 كلم ذهاباً وعودة من سيناء حتى أسيوط، كما يحتوي كل موقع حلت به العائلة بمجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع التي تحولت إلى كنائس وأديرة أثرية.

وفقا لما اعتمدته الكنيسة، بدأت رحلة دخول العائلة المقدسة من رفح بالشمال الشرقي للبلاد، مرورًا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية حيث أديرة الأنبا بيشوى والسيدة العذراء “السريان”، والبراموس، والقديس أبو مقار.

ثم اتجهت بعد ذلك إلى منطقة مسطرد والمطرية حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبو سرجه في وسط مجمع الأديان، ومنها إلى كنيسة المعادى وهي نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل وبعدها وصلت العائلة إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد دير المحرق وبه أول كنيسة دشنها السيد المسيح بيده، ثم انتقلت إلى مغارة درنكة، ثم العودة مجددًا إلى أرض الموطن عند بيت لحم.

كيف تستفيد الدولة من مسار العائلة المقدسة؟

عام 2017، سافر يحيى راشد وزير السياحة المصري آنذاك إلى الفاتيكان حيث اعتمد البابا فرنسيس أيقونة زيارة العائلة المقدسة إلى مصر وتم ضم تلك الرحلة إلى الكاتالوج السياحي، إلا أن العام التالي شهد حذف هذا المسار تماما من الكتالوج نظرا لعدم جاهزية المزارات سياحيا وأثريا لاستقبال السياح ثم عادت الدولة مرة أخرى لرفع كفاءتها وبالفعل انتهت من بعض المناطق.

في النقاط التالية روشتة الاستفادة من رحلة العائلة المقدسة:

1-  رفع كفاءة الطرق والكباري المؤدية لكنائس مسار العائلة المقدسة

لا يمكن الحديث عن نجاح في القطاع السياحي دون تمهيد الطرق التي تسير عليها الأتوبيسات السياحية والحافلات التي تنقل السياح من وإلى المزارات، وهو الأمر الذى قد يعرقل أي جهود تبنيها وزارة الآثار التي تتبنى الترميم ووزارة السياحة التى تتبنى الترويج.

عملت وزارة السياحة خلال السنوات الفائتة على رفع كفاءة بعض المزارات سياحيا وأثريا ومهدت الطرق المؤدية لها، إلا أن الكنائس والأديرة الأثرية مازالت تحتاج إلى الكثير من الجهد من أجهزة الحكم المحلية لرصف الشوارع والطرق المؤدية لها وتأهيلها لتصبح مناطق جذب سياحي.

       2_ إنشاء مؤسسات سياحية تخدم السياح الوافدين

لا يمكن الاكتفاء ببعض مقاهي في محيط مجمع الأديان بمصر القديمة الذى يضم كنيسة أبو سرجة، أو “ريست هاوس” على الطريق المؤدي لمجمع أديرة وادي النطرون، في الوقت الذي نحاول فيه استقطاب وفودًا سياحية، فالخدمات والمطاعم والأسواق والفنادق عصب هذه الصناعة، لا يمكن أن نأخذ السياح لمناطق جبلية منعزلة مثل الأديرة دون أن نتيح في الوقت نفسه إمكانية المبيت جوارها، ولا يمكن أن نحرم بلادنا من الدخل الذى ستحققه تلك المنشآت في حالة نجاح الخطة التي تقوم عليها الدولة، ومن ثم لابد من إنشاء مدينة سياحية قريبة من منطقة وادي النطرون خاصة مع وجود بحيرة قريبة من المنطقة قيل أن العذراء شربت منها، وهي بحيرة في قلب الصحراء لها جاذبية خاصة، تحيطها مدينة سياحية مهجورة رغم أن المنطقة عرفت بالسياحة العلاجية أيضًا.

3_ الاستفادة من سمعة الكنيسة القبطية عالميًا

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كنيسة عريقة صاحبة تاريخ طويل، هي التي صدرت للعالم فكرة الرهبنة، ومنها خرج أهم علماء اللاهوت الكنسية في القرون الأولى للمسيحية، وتتمتع بعلاقات واسعة مع كافة كنائس العالم إذ يحرص البابا تواضروس على زيارة واستقبال رؤساء الكنائس من مختلف الدول وهو الأمر الذى يمكن استغلاله للترويج لتلك الرحلة سياحيًا عبر رعايا الكنائس الأخرى، وأساقفة الكنيسة القبطية في المهجر الذى بلغ عددهم 35 أسقفا حتى اليوم موزعين على أكثر من 62 دولة حتى أن الكنيسة القبطية وصلت إلى بوليفيا في أقاصي القارة اللاتينية، وهو الأمر الذى يسهل الاستفادة من هذا الانتشار إذا تضافرت الجهود لذلك.

4- توثيق مسار العائلة المقدسة باليونسكو

وقعت مصر عام 2003 على اتفاقية التراث غير المادي في اليونسكو والتي تلزم البلاد بضرورة توثيق تراثها الحضاري غير المادي مثل الموالد والفلكلور الشعبي والموروثات وهو ما ينطبق على مسار العائلة المقدسة الذى تحولت كل نقاطه الـ25 إلى موالد واحتفالات شعبية فضلا عن احتوائه على كنائس أثرية تقع ضمن التراث المادي.