لم تتوقف مكاسب الفلسطينيين من الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي استمرت 11 يوما على قطاع غزة وما سبقها من عمليات تهجير لقاطني القدس، عند زيادة رقعة التعاطف الدولي مع قضيتهم فحسب، إنما زادت غلتهم من المكاسب بإجبار تطبيقات التواصل الاجتماعي على الاعتراف بسياساتها الانحيازية، وضمان تقليل حملات التحريض على العنف ضد الفلسطينيين في معركتهم المستمرة لاسترداد الأرض.

فبعد إقرار إدارة شركة “فيس بوك- انستجرام- واتساب” بأخطائها تجاه القضية الفلسطينية، وتلقى السفير الفلسطيني لدى المملكة المتحدة حسام زملط، رسالة رسمية من إدارة الشركة أعربت فيها عن اعتذارها عن السماح بالتحريض ضد العرب، بدأ انستجرام العمل على تغيير خوارزمياته بعد اتهامه بالتحيز ضد الفلسطينيين.

وواجهت مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات عن تقاعسها في مسؤوليتها القانونية والأخلاقية في احترام القانون الإنساني الدولي وحق الشعب الفلسطيني في التعبير عن الاضطهاد الذي يتعرض له.

وتعهدت الشركة بإعادة النظر في حملات التحريض على العنف ضد الفلسطينيين في إسرائيل، ومن أعلى الهرم السياسي خصوصا رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو على منصاتها، والذي نتج عنه قتل المدنيين الفلسطينيين في القدس وغزة والضفة وفلسطينيي الداخل المحتل.

وسياسة “فيسبوك” بشأن التحريض على العنف، تنص على عدم نشر أي تعليق يستهدف شخص أو مجموعة من الأشخاص باستثناء من تم ارتكب جرائم عنف أو جرائم جنسية. ويتم حظر أي خطاب عنيف أو كلام غير إنساني في شكل مقارنات أو تعميمات أو بيانات سلوكية غير مشروطة في شكل مكتوب أو مرئي.

كما أقرت بحذفها منشورات وإغلاق حسابات الفلسطينيين والمتضامنين معهم بسبب استخدام كلمات مثل الأقصى المبارك، في خطوة مختلفة قرّر تطبيق تبادل الصور والمقاطع “انستجرام” تغيير الطريقة التي يعرض بها المحتوى بعد شكاوى من قمعه للمحتوى الفلسطيني، خصوصا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.

ومن ثم قرّر تطبيق تبادل الصور والمقاطع “انستجرام” تغيير الطريقة التي يعرض بها المحتوى بعد شكاوى من قمعه للمحتوى الفلسطيني، خصوصا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة. بعد تبرير انحياز الشركة بأنه مجرد آثار جانبية لوجود خوارزميات مرتبطة بالمنشورات.

وذكرت صحيفة “الجارديان” أن موقع “Instagram” المملوك لفيسبوك أجرى تغييرات على خوارزميته بعد أن اشتكى مجموعة من موظفيه من أن المحتوى المؤيد للفلسطينيين لم يكن مرئيًا للمستخدمين أثناء النزاع في غزة.

حيث تم توثيق ما يقرب من 500 عملية إزالة على إنستجرام وفيسبوك من قبل حملة “7amleh” -وهي منظمة حقوق رقمية فلسطينية غير ربحية- في الفترة بين 6 لـ 19 مايو الماضي، ودعت الحملة وأكثر من 30 منظمة حقوقية أخرى إلى مزيد من الشفافية في عملية صنع القرار على الشبكة الاجتماعية، لا سيما فيما يتعلق بفلسطين كجزء من حملة بعنوان” We Need to Talk”.

كما كتبت عضوة الكونجرس الأمريكية رشيدة طليب رسالة إلى منصات التواصل الاجتماعي الكبرى تطالب بمزيد من المعلومات حول سبب حذف محتوى فلسطيني معين في الأسابيع الأخيرة.

وكتبت: “لا أستطيع أن أفهم كيف يمكن لفيسبوك أن يبرر فرض الرقابة على الأصوات الفلسطينية المسالمة مع توفير منصة منظمة لكراهية المتطرفين”.

اقرأ أيضا:

كيف هزّت فلسطين إمبراطورية “فيسبوك”؟

تيك توك” والموقف الصيني

على عكس موقف “فيسبوك”، أتيحت الفرصة للتطبيق الصيني “تيك توك” لتسجيل هدفًا في مرمى خصمه الأمريكي، بأن أصبح بابًا للتنفيس عما يحدث في فلسطين. بل أصبح منصة رئيسية لمشاركة الأخبار والفيديوهات المتعاطفة مع الانتفاضة الفلسطينية بعد أن كان معروفا بكونه منصة ترفيه ورقص فقط.

هكذا بات يُتاح لحوالي 700 مليون مستخدم شهريًا للتطبيق من جميع أنحاء العالم، أن يشاهدوا كل ما يتعلق بالداخل الفلسطيني والانتهاكات الإسرائيلية. كما أن السياسة الصينية الرسمية جاءت متسقة مع التيار المعاكس دائما لسياسة واشنطن، وهو ما يمكنها من كسب جمهور عربي أو غربي عريض مناصر للقضضية الفلسطينية.

وزير الخارجية الصيني تحدث قبل يومين عن أن السبب الجذري لتدهور الوضع هو غياب حل عادل للقضية الفلسطينية منذ فترة طويلة. وأضاف “على مجلس أن يتكلم بصوت واحد من أجل وقف فوري لإطلاق النار في غزة”.

عمليات الإزالة الطوعي

في السياق ذاته قال نديم ناشف، مدير حملة تدافع عن الحقوق الرقمية الفلسطينية: إن التفسير الذي صرحت به الإدارة لم يكن منطقيًا بالنسبة لهم. كما أن الرقابة على الفلسطينيين تتم عبر قناتين. “أحد العوامل هو ما يفعله المحتلون، فهم يحاولون أساسًا دفع منصات وسائل التواصل الاجتماعي لتبني معاييرهم الخاصة، كما أن  هناك تعاون قوي بينهم وبين فيسبوك بشكل أساسي”. 

وبالتالي هذا يؤدي إلى ما يسمى “عمليات الإزالة الطوعية” حيث تقوم وحدات الإنترنت الصهيونية المحتلة إرسال طلبات إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي لإزالة محتوى معين دون أمر من المحكمة.

وأضاف أن الطريقة الأخرى التي تم بها استبعاد المحتوى الفلسطيني من وسائل التواصل الاجتماعي كانت من خلال “جيوش من المتصيدون والتطبيقات التي تُدعى Act.IL لتنظيم الناس للإبلاغ بطريقة ضخمة”.

وفقًا للتطبيق سيتمكن المستخدمون من إزالة المحتوى التحريضي من وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاربة معاداة السامية ومعاداة الصهيونية، والتأثير على السرد عبر الإنترنت فيما يتعلق بالصهاينة  والمشاركة في الحملات والجهود الخاصة المؤيدة لإسرائيل. يتم إسكات الفلسطينيين أيضًا على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل تلك المنصات لتحديد المحتوى الذي ينتهك إرشادات المستخدم الخاصة بهم. 

ففي شهر مايو 2020 أعلن مركز صدى سوشال، وهو مركز فلسطيني معني بمواقع التواصل، عن استقباله لعشرات البلاغات من مستخدمي فيس بوك في فلسطين، بتعرض الحسابات للإغلاق دون إبداء الأسباب للبعض، وبحجة عدم الالتزام بسياسات الموقع.

وأوضح المركز في تقرير له أن معظم هذه الحسابات تعود لصحفيين ونشطاء، يستخدمون حساباتهم بشكل طبيعي ولنشر أخبار ذات علاقة بالحالة الفلسطينية اليومية، لكن فيس بوك ما زال يقوم بشكل واضح على الانحياز للرواية الصهيونية، وتبني معايير دولة الاحتلال التي تمارس جرائم حرب بحق الفلسطينيين.

وأوضح المركز في تقريره، أن معظم الانتهاكات جاءت على منصة فيس بوك وعددها 177، حيث حذفت وحظرت إدارة موقع التواصل الاجتماعي عددًا كبيرًا من حسابات الصحفيين والنشطاء الفلسطينيين دون إبداء الأسباب.

وأشار المركز إلى أن 5 انتهاكات بحق المحتوى الفلسطيني على تطبيق انستجرام، وحذف توتير حسابين لنشطاء فلسطينيين، وحذف واتساب رقم فلسطيني واحد.