سنوات مرت وصار عبدالرحمن طارق موكا الصغير شابا بالغا، يقضي أهم فترات عمره مكبلا بالقيود خلف أسوار عالية تعزله عن حياة، حتى قرر الإضراب عن الطعام لتخفيف عبء الزيارات وتكلفتها الباهظة.

ذلك الإضراب الذي انتهى منه بعد فترة، ولكن محنته لم تنته بعد، تلك المحنة التي يعيشها الطفل موكا، والشاب لاحقا منذ العام 2014، ولم تنفع معها استغاثات شقيقته سارة إلى كل من “يهمه أو لايهمه” الأمر في التخلص.

“بطالب بالإفراج عن موكا لأنه من حقه يعيش حياة طبيعية زي أي حد من حقه يكون حر

من مناشدات شقيقة موكا

قصة عبدالرحمن موكا

وعبدالرحمن موكا هو العائل الوحيد لأسرته التي عانت الأمرين، عبر سنوات احتجازه. كان أحد المحكوم عليهم بالسجن في القضية 12058 لسنة 2013 جنايات قصر النيل، والمقيدة برقم 1343 لسنة 2013 كلي وسط القاهرة والمعروفة إعلامياً بقضية مجلس الشوري، بتهمة التظاهر واستعراض القوة ومحاولة قلب نظام الحكم، وكان آنذاك لم يكمل عامه التاسع عشر في الحياة.

لاحقا تم الإفراج عنه وبعدها صدر حكم غيابي ضده بالسجن 15 عاما، وبعد إعادة إجراءات المحاكمة تم تخفيف الحكم إلى 3 سنوات سجن، ومثلها مراقبة، فيما صدر عفو عن كل المتهمين في القضية باستثنائه، والناشط علاء عبدالفتاح آنذاك.

لم يقف الأمر عند هذا الحد فبعد إتمام مدته كاملة بالإضافة إلى ستة أشهر أخرى في قضية أخرى لفقت له، داخل السجن جريمتها حيازة هاتف، خرج موكا إلى النور أخيرا في أكتوبر من العام 2018، لتستمر رحلته مع سنوات المراقبة، التي تضطره للتواجد في قسم الشرطة لمدة اثنا عشر ساعة يوميًا، من الساعة السادسة مساءً إلى السادسة صباحًا، مما منعه من إعالة أسرته على مدار عام كامل، كما لم يستطع إتمام تعليمه بعد أن بادرت ادارة الكلية إلى فصله.

وفي يوليو عام 2019، نشر عبد الرحمن على فيسبوك أنه تعرض لاعتداء جنسي ولفظي من قبل أحد رجال الشرطة تحت المراقبة، وهدد بتلفيق التهم ضده إذا شارك هذا الاعتداء.

حملات مستمرة للإفراج عن موكا

بعدها بشهرين وفي 9 سبتمبر تحديدا، ألقي القبض على موكا أثناء مراقبته في مركز شرطة قصر النيل، وواجه اتهامات نيابة أمن الدولة بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار مزيفة وقررت وضعه في السجن لمدة 15 يوماً بانتظار التحقيق.

في 30 أبريل 2020، أمرت النيابة العامة بالقاهرة باحتجاز موكا قبل المحاكمة لمدة 15 يومًا، بانتظار التحقيقات بتهمة الانضمام إلى جماعة غير مشروعة والتشهير، وإساءة استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية. وظل رهن الاعتقال رغم أمر محكمة جنايات القاهرة بالإفراج عنه في 10 مارس من العام نفسه.

ووفقا لمحاميه نبيه الجنادي، وضع موكا على ذمة قضية جديدة، وحصل على قرار من المحكمة بإخلاء سبيله في 21 سبتمبر الماضي، ولم ينفذ القرار حتي تم تدويره، والتحقيق معه على ذمة قضية جديدة.

عاد موكا ليظهر في 3 ديسمبر مجددا في النيابة، وجهت له الاتهامات نفسها الانضمام إلى جماعة إرهابية، وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، وقررت نيابة أمن الدولة حبسه على ذمة التحقيقات في القضية 1056 لسنة 2020.

وبعد أن أصبح موكا ضحية جديدة للتدوير بين القضايا محملا بنفس الاتهامات، قرر اللجوء إلى الإضراب عن الطعام داخل محبسه بسجن طره، واستمر لما يقرب من شهرين، وساءت حالته الصحية، ونقل على إثر ذلك إلى المستشفى أكثر من مرة.

ويبدو أن موكا شعر بالحرج من طول فترة وجوده داخل محبسه، ومساعدات الأصدقاء له، إذ إن أسرته لم تستطع مجاراة التكاليف الباهظة للزيارات، وهو العائل الوحيد لها، كما أن شقيقته متقاعدة نتيجة تعرضها لحادث.

 “موكا قرر يموت، قرر يريح الدولة من عربيات الترحيلات التي تنقله من سجن لسجن لقسم، قرر يريح والدته وأصدقائه من فلوس ومتاعب الزيارات والبهدلة وراه”، “قرر ميفكرش بقى هيخرج ولا هيتدور ولا لو خرج هيعيش إزاي ولا هيصرف على إخواته ازاي.

صديق موكا علي الحلبي

وقتها دشن رواد التواصل الاجتماعي وسم “موكا في خطر”، وطالبوا، بضرورة الإفراج الصحي عن عبد الرحمن، والذي تشير التقارير الطبية إلى إصابته حالة إعياء شديدة نتيجة الإضراب عن الطعام، بالإضافة إلى إصابته بمشاكل في الكلى وارتفاع مزمن في الضغط، ولكن ما من مجيب.

كما أن الإضراب الذي دخل به موكا، لم يتم إثباته بالرغم من تقدم محاميه حينها ببلاغ للنائب العام لإثبات الإضراب وهو ما لم يتم. ويستمر موكا في قضاء سنوات عمره خلف الأبواب الموصدة، أما سنوات عمره المهدرة فيختصرها صديقه علي الحلبي في التالي:

لما كمل موكا ال٢٠ كان في طره بعتلنا جواب كان فرحان فرحه طفوليه، قالنا كلها سنه  لم هخرج هعرف اسهر وادخل كل الأماكن براحتي.. انا مبقتش اندرايدج.

 في ال٢١  كان في قصر النيل جبنا تورته ودخلنا القسم واحتفلنا معاه ورغم مرارة السجن كان مبسوط

في ال ٢٢  كان في وادي النطرون ومحدش عرف يقوله كل سنه وأنت طيب والموضوع اقتصر على رساله كان بيحكي فيها تخوفاته.

 ال٢٣  كان في طره وبرضه محدش مننا عرف يقوله كل سنه وأنت طيب.

 في ال٢٤  كان خرج اخيرا وعيد ميلاده جه في رمضان وكان لازم نحتفل بأول عيد ميلاد له  في وسطنا .. جمعنا وخدنا  فيلا  وجبنا صحابه اللي بيحبهم شوكان ووجدي والشاعر وقضينا اليوم  كله في الميه لأنه كان نفسه ينزل ميه، بس اليوم قلب بنكد لم فضل يعيط وهو رايح المراقبه بعد الفطار على طول.

بعد ٣ شهور من عيد ميلاده دخل السجن تاني.

وقتها كان لسه مخلص ٤ سنين وبيراقب ٣ سنين كمان، وكان كل حلمه أنه يقضي يوم بالليل معانا من غير قيود ولا سجن ولا قسم شرطة.

  ال ٢٥ لسه في طره ومحدش فينا عرف يقوله كل سنه وأنت طيب.

والنهارده عيد ميلاد موكا ال ٢٦ ومقدمناش غير أننا نفتكر شوية ذكريات  قربت تتنسي ونقلب في صورنا القديمه، موكا محبوس وهو عنده ١٩ سنه ووصل ل ٢٦ وهو لسه على ذمة قضية جديدة.