انضمت الفتاة العشرينية رانيا إلى طابور ضحايا العنف الجندري في مصر، بعد شكواها من تعرضها إلى اضطهاد واعتداء بدني بسبب رغبتها في خلع الحجاب، وهو ما اعتبرته الناشطة النسوية عزة سليمان استباحة مجتمعية للنساء، مرجعة الواقعة إلى عدم التصدي لانتشار خطاب الكراهية المواجهة إلى الفتيات المصريات.

” أنا تعرضت للعنف بسبب خلع الحجاب، انا خلعت الحجاب بكامل إرادتي ولم أطلب من أحد أن يفعل مثلي وبدون ما أفرض رأي على أحد .. أنا كده بكامل إرادتي”، تقول رانيا رشوان الفتاة المعتدي عليها في محافظة الفيوم.

ظهرت رانيا لتعبر عن أزمتها مع أهل قريتها من خلال مقطع فيديو نشر على اليوتيوب، في محاولة لإظهار حقيقة الأمر،” ما تعرضتله عنف واضطهاد من قريتي، ما تعرضت له خوض في سمعتي وفي كل ما يمس أخواتي وتم التشهير بنا بسبب خلعي الحجاب”. 

https://www.youtube.com/watch?v=E4LEPeuRjpQ

استعملت الفتاة حريتها الشخصية، ولكن تعارضت تلك الحرية مع فكر وعادات وتقاليد أهل القرية الصغيرة بالفيوم، والتي لا تقبل مثل تلك التصرفات بشكل مستتر، بل ويتدخل كثيرون لفرض الوصاية.

تعيش الفتاة العشرينية مع أشقائها الفتيات بعد انتحار شقيقها، حيث ساهمت أفكار القرية المتشددة في دفع شقيقها للانتحار، بسبب آرائه حول الإنسانية. توضح رانيا: “أخويا تعرض لاضطهاد حول الإنسانية وبسبب رأية بأن حرام الناس تقتل بسبب الهوية، ولكن زمايله دفعوه ينتحر في شهر ديسمبر الماضي بعد نبذه واضطهاده”.  

“المجتمع رافض وجودي واضربت” 

وتضيف رانيا خلال مقطع الفيديو الذي حصل على مئات المشاهدات: “ماحدث معي إن المجتمع رافضني بسبب قلعي الحجاب، والقرية مش متقبله وجودي أنا مطلبتش من حد يقلع الحجاب”. 

تكررت تلك الجملة السابقة كثيرا في محاوله لدفاع الفتاة عن نفسها، مشيره إلى أن مطالبات أهالي القرية برحيلها عن القرية، “امشي من القرية انتى مش زينا ومبقتيش مسلمة”. 

لم تطلب الفتاة من أحد أن يسير على نهجها وهو ما أكدت عليه أكثر من مرة خلال ظهورها في الفيديو. كما تم اتهام الفتاة بتغيير ملتها وترويج شائعات عنها في أرجاء القرية بأن الفتاة تحصلت على أموال من الكنيسة لخلعها الحجاب لترد “أنا معملتش حاجه كل اللي عملته اني قلعت الحجاب وأنا لسه مسلمة”. 

حياة الفتاة تحت رحمة شائعات

في محاولة دفاع الفتاة عن نفسها وتصحيح المعلومات المغلوطة التي انتشرت بالقرية، ذهبت لأحد الأشخاص بعد علمها بأنه مصدر الشائعات للحديث معه، ولكن قابل كلمتها  بالاعتداء عليها من جانب أحد أقربائه، واحتجازها بأحد المنازل، قائلا لها: “انتي هاتسكتيني أنا ولا البلد كلها بتتكلم عنك”. 

تخشى رانيا حاليا مواجهة قريتها التي تنتشر فيها شائعات عن رغبتها أو الإقدام بالفعل على تغيير ملتها.

يكشف الجهاز المركزي للإحصاء لنا ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة المصرية في السنوات الأخيرة بشكل لافت للنظر وزائد عن الحد، مؤكدا أن 34 بالمئة تعرضن لعنف بدني أو جنسي من قبل الأزواج، و7 بالمئة تعرضن للتحرش بالمواصلات و10 بالمئة للتحرش بالشارع.

وأكد المركز المصري لحقوق المرأة، في أغسطس 2020، أن هناك 5 ملايين و600 ألف امرأة يعانين من عنف الزوج أو الخطيب سنويا، وهناك مليونان و400 ألف امرأة أصبن نتيجة لعنف الزوج أو الخطيب.

وتنظر المحاكم المصرية وقائع عنف كثيرة بحق سيدات آخرها قضية فتاة حي السلام التي اضطرت لإلقاء نفسها من شرفة شقتها بسبب هجوم جيرانها عليه اثناء تواجد أحد الأشخاص بمنزلها، ووجهت النيابة للمتهمين اتهامات بممارسة البلطجة وترويع الآمنين.

اقرأ أيضا:

من السلام إلى المرج.. موسم الوصاية على الخصوصيات

استباحة النساء

ومن جانبها، علقت المحامية عزة سليمان مديرة مؤسسة قضايا المرأة، أن ما يجري للفتاة هو استباحة مجتمعية للنساء في المجتمع المصري.

وأشارت سليمان إلى أن أننا نفتقر إلى دولة القانون لمواجهة خطاب الكراهية الذي يوجه إلى النساء في المجتمع، مؤكدة على أن مؤسسات الدولة بشكل أو بآخر عليها مسؤولية تجاه ذلك بما فيهم المجلس القومي للمرأة والمعنى بقضايا النساء ولخلق سياسات لحماية المرأة. 

كما تشير سليمان إلى أنه حتى الآن الحكومة لم تتجه إلى إنشاء مفوضية ضد التمييز، لمواجهة تلك “الاستباحة”.