سلط مركز “رع للدراسات الاستراتيجية” الضوء على أول زيارة رسمية لوفد سوداني بقيادة حميدتي إلى تركيا منذ الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام عمر البشير.

ضم الوفد السوداني كلا من النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول “محمد حمدان دقلو” (حميدتي)، ووزير الزراعة والغابات “الطاهر حربي”، ووزير الطاقة والنفط “جادين علي عبيد”، ووزير الثروة الحيوانية “حافظ إبراهيم عبد النبي”، ووزير النقل “ميرغني موسى”، ووزير التنمية العمرانية والطرق والجسور “عبد الله يحيى”، في زيارة استمرت على مدار يومين، استعرض خلالها الطرفان العديد من الملفات والقضايا المشتركة، فضلا عن السياق الإقليمي الراهن والتطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة ككل. 

بحسب مركز رع للدراسات الاستراتيجية، فإن تلك الزيارة جاءت تلبية لدعوة رسمية من قبل الحكومة التركية، خلال اللقاء الذي جمع السفير التركي في السودان “عرفات نذير أوغلو” بـ “حميدتي” الأسبوع الماضي.

فند مركز رع أسباب الزيارة وتداعياته على عدة ملفات على رأسها الملف الاقتصادي، إذ تم توقيع عدة اتفاقيات اقتصادية بين البلدين، بلغت قيمتها نحو 10 مليار دولار، بجانب الحديث عن ضرورة العمل على إحياء الاتفاقيات الـ 22 التي تم توقيعها بين الخرطوم وأنقرة في عدة مجالات في ديسمبر 2017.

كما تم تناول خلال الزيارة الرسمية، ضرورة رفع حجم التبادل التجاري مع الخرطوم إلى مليار دولار، بدلا من 481 مليون دولار حاليا، على أن يتم تقسم المبلغ على الاستثمار في عدة مجالات  تضم “الطاقة والنفط والزراعة والثروة الحيوانية”، وكذا البنية التحتية.

تركيا تقطع الطريق على فرنسا!

يبدو أن تركيا تسعى من خلال توطيد علاقاتها الرسمية مع الجانب السوداني في أعقاب رفع اسم السودان من قائمة الدولة الراعية للارهاب، إلى قطع الطريق على فرنسا التي تبحث عن مصالحها في السودان، خاصة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقد مؤتمر باريس الذي دعى خلاله إلى دعم السودان. 

السودان يعول على مؤتمر باريس للنهضوض باقتصاده

 

ومن ناحية أخرى، يرى مركز رع للدرسات الاستراتيجية أن أحد أبعاد الزيارة هو محاولة تركيا للاستفادة من السوق السودانية الواعدة والتي تحتاج إلى استثمارات كبيرة ويتوقع أن تشهد منافسة دولية وإقليمية كبيرة.

وساطة تركية محتملة؟

طرح مركز رع تساؤلا حول مدى إمكانية أن تعاظم العلاقات التركية السودانية يستهدف أن يكون حلقة وصل بين إثيوبيا والسودان في أزمة سد النهضة العالقة، إلا أنه استبعد أن يكون التقارب السوداني الإثيوبي سيمر من خلال تركيا، خاصة أن الأخيرة سبق أن تجاهلت طلب إثيوبياً في فبراير الماضي للتوسط بينها وبين السودان لحلحلة الخلافات الحدودية. 

 

وتشير الورقة البحثية إلى أن زيارة الوفد السوداني لتركيا هي بالتأكيد أحد إفرازات التقارب المصري- التركي وكذا التقارب المصري – القطري، خاصة أن العلاقات السودانية القطرية التركية بدأت في التطور شيئا فشيئا. 

اقرأ أيضا:

من قائمة الإرهاب إلى المواجهة …”الآن يمكنكم دعم السودان”

تنسيق مصري سوداني

كما أشارت الورقة البحثية إلى أن الحديث عن التحرك السوداني بشكل منفرد بعيدا عن التنسيق المصري غير مطروح، مستدلا بذلك وصول وصول قوات مصرية إلى السودان للمشاركة في المناورات العسكرية المشتركة “حماة النيل”، وهو ما يعكس حجم مدى التنسيق بين البلدين، خاصةً وأنها تأتي بعد أسابيع قليلة على انتهاء مناورة أخرى بين جيشي البلدين تحت مسمى “نسور النيل2”.

زاد من احتمالية التنسيق الكبير بين مصر والسودان، مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في مؤتمر باريس ودعمه لعملية الانتقال في السودانن، هذا إلى جانب استخدام مصر حصتها في صندوق النقد الدولي للمساعدة في تسوية جزء من ديون السودان المستحقة، فضلا عن تأكيد “السيسي” بأن أمن واستقرار السودان يمثل جزء رئيسي من أمن واستقرار مصر والمنطقة ككل.

هل توجد خلافات داخلية؟

ربطت بعض التقارير والتحليلات إلى أن التقارب السوداني التركي يعود إلى وجود خلافات بين أعضاء المجلس الانتقالي السوداني، خاصة أن تم تقديم طلب بتعديل اللائحة الداخلية للمجلس بإضافة بند يمنع سفر أعضاء المجلس إلى الخارج إلا بإذن مسبق من رئيس المجلس الفريق أول “عبد الفتاح البرهان”.

في الوقت ذاته أكد المركز خلال الورقة البحثية، أنه لا يوجد خلافات بين المجلس الرئاسي، لافتا إلى أن المجلس السيادي رحب بتعزيز العلاقات السودانية التركية، فضلا عن وجود زيارات سابقة لأعضاء المجلس إلى تركيا. 

 ليبيا حاضرة في الزيارة

وأشارت الورقة البحثية إلى أنه من ضمن الملفات التي تم تناولها في الصحافة الغربية عن اللقاء هو الحصول على مساعدة قوات الدعم السريع التي يقودها “حميدتي” في ضبط الهجرة غير الشرعية عبر بوابة ليبيا إلى أوروبا، والعمل على دعم منع دخول أي عناصر إلى ليبيا.

هذا إلى جانب ورود معلومات تفيد بأن اتفاق قد تم بالفعل في فبراير الماضي في روما، حيث التقى بممثلين عن تركيا وإيطاليا وحلف الناتو، إلا أنه بالرغم منذلك يبقى هذا الطرح مجرد افتراض غير مدعوم بأي أدلة حقيقية.